«طأطأ الاستعمار رأسه ذليلاً أمام الشعب العربي في ليبيا، وخرج الاستعمار مطروداً من الأرض الليبية أمام إصرار ثورة الفاتح من سبتمبر على تحرير الشعب الليبي تحريراً حقيقياً، وسقط العلم الأمريكي فوق قاعدة الملاحة، وارتفع العلم الليبي خفاقاً متحدياً، واختفى في لحظة من لحظات القدر اسم القائد الأمريكي المجهول، وخرج الى التاريخ مرة أخرى اسم القائد العربي المسلم عقبه بن نافع».. هذه مقتطفات من خطاب العقيد معمر القذافي في العيد الأول لثورة الفاتح من سبتمبر. والآن يعيش الشعب الليبي ذكرى العيد ال 41 لثورة الفاتح من سبتمبر فهل ما زال الثبات على المبادئ الإنسانية التي حواها الخطاب الأول قائماً أم تغيرت الأحوال جراء تغير التداعيات السياسية ودواعي البروستريكا ومعطيات التحول الليبرالي والرأسمالي بعد انهيار المعسكر الاشتراكي واتجاه العالم بأجمعه ودورانه في فلك القطبية الأحادية؟. فليبيا من الملكية الى الجمهورية الى الجماهيرية طوت العديد من الأزمان والمسافات. فمنذ انهيار آخر إمبراطورية إسلامية توالى على هذا القطر حكم أجنبي إثر حكم أجنبي، وعندما سلم الحكم التركي ليبيا الشقيقة للحكم الإيطالي لم يرض ذاك الشعب بأن يتولاه مستعمر ويحكمه دخيل بدخيل لكنه ثار وانتفض وتحولت الأرض الليبية منذ ذلك التاريخ الى أرض للمقاومة والبطولة، وتوالت جحافل الاستعمار العالمي تتلاعب بمصائر الشعوب وبعد أن انهزمت إيطاليا في الحرب العالمية سلمت ليبيا الى الدولة البريطانية العظمى التي كانت في ذلك الزمان تعتقد نفسها إمبراطورية عظمى لا تغرب عنها الشمس، في كل هذه الحقب الاستعمارية ، قاوم الشعب الليبي أشكال الاستعمار جميعها وناضل من أجل الحرية والاستقلال في محاولات عديدة ونسج ملحمة من تاريخ ليبيا المعاصر الذي يدخل بدوره في تاريخ الأمة العربية الحديث. هذه فذلكة تاريخية لواقع ليبيا قبل دخولها عصر الجماهيرية نقولها وشعب الجماهيرية يحتفل اليوم بالعيد الواحد والأربعين لثورة الفاتح من سبتمبر. واحد وأربعون عاماً كانت فترة كبيرة من عمر الشعوب والحكومات واجهت فيها ليبيا قوى الشر والبغي والصلف الأمبريالي فيما كان لسان حالها يقول «لا للانكسار ولا للاستعمار»، فانطلقت الردود القوية التي رفضت الانحناء والانكفاء واختارت الصمود والتحدي وكل ذلك لم يكن ليتأتى لولا إرادة الشعب وثورته. حملت الجماهيرية قضايا أمتها العربية والإسلامية ولا زال إناؤها ينضح بالكثير هنا ولا زال معينها لا ينتضب بل يتجدد كل يوم إمساكاً بالثوابت وإنطلاقاً من دوافع اليقين الراسخ. إذن تأتي ذكرى الفاتح من سبتمبر لتحكي للجميع قصة ثورة رفعت شعار التحرر والانعتاق من التبعية، ولا شك أن الشعوب الآن هي في حاجة لتجديد رفع هذا الشعار في وجه المستعمر الجديد (القطب الأحادي) المتمثل في الإمبريالية العالمية ومن شايعها. فالتحية للشعب الليبي الشقيق بعيده الوطني.