انتشرت في الآونة الأخيرة ظاهرة استعانة الأسر السودانية بالخادمات للمساعدة في القيام بالعديد من الأعمال المنزلية، ومع انتشار الظاهرة تباينت المرتبات وأساليب التعامل من جانب أفراد الأسر تجاه العاملات. «الأهرام اليوم» قامت بجولة بين العديد من النساء أو الفتيات اللائي يمتهنَّ هذه المهنة فكانت هذه المحصلة: ٭ زيادة دخل لأسرتي: في البداية التقينا بإحدى العاملات «س، ل» وسألناها عن طبيعة العمل والعائد المادي فقالت «أنا من شمال السودان، بدأت العمل لأسرة قبل 6 أشهر براتب شهري وقدره 300 جنيه، ويبدأ عملي منذ الصباح وحتى المساء ويشتمل على تنظيف المنزل وغسيل الملابس والكي والمراسيل سواء إلى المحل أم السوق وحقيقة أجد معاملة ممتازة من قبل أصحاب المنزل على الأقل من جانب السيدة المسؤولة عني وأتسلم راتبي في مواعيده، وحتى الآن لم أجد ما يعكر صفو العلاقة بيني وبين أصحاب المنزل»، أما عن الراتب فقالت «س، ل»: «لا شك أن ظروف الحياة التي نعيشها حالياً تحتاج إلى مرتب ويمثل الراتب الذي أتقاضاه من عملي هذا دعماً كبيراً لي ولأسرتي، لا سيما أن والدي من فئة محدودي الدخل، إلى جانب ذلك فإنه يقوم بإيفاء المتطلبات الخاصة»، واختتمت «س، ل» حديثها بالتأكيد على أنها ستترك هذه المهنة إذا قابلت ابن الحلال وتزوجت. من خارج البلاد: وفي أثناء تجوالنا التقينا بعاملتين وفدتا إلى السودان من دول الجوار قبل ثلاث سنوات، وقالت الأولى «أنا اسمي (ز، ي)، حضرت إلى السودان بحثاً عن حياة أفضل وتعرفت على مجموعة من بنات جنسي وقمنا باستئجار منزل في مدينة بحري، ومنذ قدومي إلى الخرطوم وحتى الآن عملت بالعديد من المنازل وكانت البداية براتب ضعيف وتدريجياً تحسن وصار أفضل من الشهور الأولى ومن خلال عملي وجدت تعاملاً متبايناً من مختلف الأسر، وهناك العديد من الأسر تنظر إلينا وكأننا منها ولا تبخل علينا بشيء كما أن هناك أيضاً القليل ممن يسيئون الفهم ويتعاملون معنا وكأننا مواطنون من الدرجة الثانية». وفي السياق تحدثت «زيادة» وهي ابنة عم «ز، ي» وقالت «في البداية كانت الظروف صعبة وواجهت العديد من العقبات أبرزها عدم إجادة اللغة العربية، وحقيقة أن الراتب يتأثر، فالتي تتحدث العربية بطلاقة يزيد راتبها، والتي تتعسر في اللغة يكون راتبها قليلاً، وهذه المعلومة عرفناها من خلال تعاملنا مع الأسر»، وأضافت «زيادة» «بلا شك إن سكننا الجماعي يخفف من أعباء نفقاتنا ويضيف إلينا التوفير وتوظيف العائد المادي بصورة سليمة»، أما عن المضايقات فابتسمت «زيادة» وقالت «هناك بالتأكيد اختلاف في تعامل الناس معنا، فمنهم من يسيء الفهم وهذه فئة قليلة، وهنا أستحضر موقفاً حدث لابنة عمي قبل فترة وتمثل في تعرضها إلى تحرش جنسي من مخدميها فتركت على إثره العمل ولجأت إلى أسرة أخرى». { التجويد أساس النجاح: وفي ختام جولة «الأهرام اليوم» التقت بثلاث من العاملات وهن من قبائل مختلفة وتحدثت في البداية «نجوى التوم» وقالت «أنا متزوجة وأم لخمسة أطفال وظروف الحياة الصعبة ومحدودية دخل زوجي والمصاريف واحتياجات الأطفال أجبرتني على امتهان هذه المهنة بحثاً عن الرزق الحلال وأنا أعمل منذ 15 عاماً تنقلت فيها في معظم أنحاء العاصمة وينحصر عملي في التنظيف وغسيل الملابس وأتقاضى أجري كل أسبوع بما يعادل 50 جنيهاً في الأسبوع وأعتقد أن تجويد العمل هو الذي يجر إلى الاحترام والتمسك بنا كعاملات لا سيما أن أية أسرة عندما تدفع أجراً لعاملة ما فإنها تنتظر نظير ذلك عملاً متقناً». واختتمت نجوى حديثها بالتأكيد على أن الاتقان في عملها يؤدي بها إلى الأفضل وهو الذي يجعلها مطلوبة وبالتالي تسهم في حل مشاكلها الأسرية. وقالت «ر، ز» «أنا أتفق مع الحديث الذي قالته زميلتي «نجوى» وأضيف عليه أن الراتب الذي أتحصل عليه يسهم في حل العديد من المشاكل فأنا ربة منزل ولدي 3 أطفال وأعمل في هذه المهنة منذ عشر سنوات والتعامل بصورة عامة ممتاز ومعظم الأسر تعتبرنا جزءاً منها فنحن نأكل ونشرب ويصل بنا الأمر إلى المبيت في بعض الأحيان في منزل مخدمنا وهذه من صور التكاتف في المجتمع السوداني». وفي ختام الجولة التقينا بالعاملة «خميسة» وهي من جنوب السودان واستهلت حديثها قائلة «أنا متزوجة ولي بنتان وأعمل في هذه المهنة منذ عام 2001 وحتى الآن وأستفيد من راتبي في مساعدة زوجي وإعانته على مستلزمات الحياة ولا أمانع في الانتقال للعمل في أي مكان حال زيادة المرتب وما بين بدايتي واليوم تحسن الراتب كثيراً وبلا شك فإن تجويد العمل هو الذي يجعلني مطلوبة ويضمن لي العائد المادي والحصول عليه في الوقت المناسب وبجانب ذلك لا بد أن أحافظ على سيرتي وسمعتي على أساس أنهما جواز المرور الذي يضمن لي الاستمرارية».