المرأة عموماً في التاريخ القديم وحتى اكتشافات الفضاء ظلت تمثل عنصر توهج وخصائص استثنائية في مجال الحكم والصولجان ابتداءً من حتشبسوت مروراً بالملكة كيلو باترا حتى أنديرا غاندي ومارغريت تاتشر وهيلاري كلينتون. في المسرح السياسي السوداني توجد فاطمة أحمد إبراهيم رائدة الكفاح لأجل الحقوق العامة والدكتورة سعاد الفاتح والأستاذة بدرية سليمان والدكتورة فاطمة عبد المحمود. أجواء الشمولية والكبت في أي مكان وزمان تقيد المرأة من زوايا الإبداع والانطلاق إلى الأمام والتعريف الكامل بالأدوات السحرية المتأصلة في دواخلها أياً كانت حدودها ومستواها، وفي المقابل فإن مسوغات الشفافية ومناخات الديمقراطية تفتح الباب على مصراعيه في سياق تطبيق أولويات قضايا الجماهير من باب التكليف الصحيح، وفي مثل هذه الأوضاع تكون مساهمة المرأة أكثر قدرة على التأثير في الرأي العام، أوليس تمثال الحرية في الفكر الأمريكي «امرأة»؟ عطفاً على تلك المعادلة يلوح الدور المفتاحي الذي تقوم به الدكتورة مريم الصادق المهدي في مصادمة المؤتمر الوطني بوصفه حزب الأغلبية الحاكم على بساط الجرأة المتناهية المتمثلة في تعرية توجهاته وخلق منهج الصدامات أمامه والضغط عليه في سبيل إلغاء كل أشكال التسلط الذي يمارسه علاوة على قيامها بنسج شبكة العلاقات المتينة مع كافة القوى المناهضة للسلطة من نقابيين وسياسيين ومجتمع مدني حتى لا ينفرط عقد المعارضة ويتهاوى أمام تقلبات الطقس. وفي الأفق تتأطر حيوية الدكتورة مريم بالمشاركة الفاعلة مع قوى الأحزاب المعارضة والحركة الشعبية في الموكب الشهير المناوئ للحكومة خلال ديسمبر من العام المنصرم حيث اعتقل في تلك المسيرة الاحتجاجية العديد من المتظاهرين على رأسهم قيادات من الحركة الشعبية وحزب الأمة القومي وأحزاب اليسار والرموز النقابية. وفي السياق دافعت الدكتورة مريم عن تلك المسيرة في مواجهة صحافية أمام الأستاذة بدرية سليمان وقد ذكرت أن موكب المعارضة حقق للحركة الشعبية في ساعات ما فشلت فيه لسنوات وأردفت قائلة إن بعض قيادات المؤتمر يسيطر عليهم خوف مطلق.. «الرأي العام» بتاريخ 20/12/2009م. على ذات المنوال شاركت الدكتورة مريم قبل أربع سنوات في المسيرة الشعبية التي انتظمت يومذاك احتجاجاً على زيادة أسعار السكر والمحروقات وقد حكم عليها بالسجن لكن صدر في حقها قرار رئاسي بالعفو وقد ذهبت من الحبس إلى سرادق العزاء في الشهيد الصحافي محمد طه محمد أحمد. لم تكن الدكتورة مريم من أنصار اتفاق التراضي بين المؤتمر الوطني وحزب الأمة القومي لكنها ارتأت الانتظار والتريث وربما كانت ترى بأن أضراره أكثر من منافعه وذكرت بأن ما تحقق في التراضي قليل جداً!! ويعتقد البعض أنها لعبت دوراً متعاظماً في دفع الاتفاق إلى متحف الشمع!! وقبل العملية الانتخابية الأخيرة في البلاد أكدت الدكتورة مريم أن حزبها لن يتحالف على الإطلاق مع المؤتمر الوطني ورأت أن يكون هناك اتفاق بين الحزبين حول ضمان نزاهة الانتخابات ونظافة الاقتراع. كان المشهد متوقعاً عندما أرسلت الدكتورة مريم ألسنة من لهيب حيال نتائج الانتخابات حيث قالت بوجود حالات التزوير وإبدال الصناديق وأكدت عدم اعتراف حزبها بتلك الوقائع وذكرت بأن حصيلة الانتخابات أفرزت مناخاً سلبياً في الساحة السودانية. حقائق الأشياء تؤكد بأن المؤتمر الوطني يدرك أن الدكتورة مريم الصادق تحاربه بلا هوداة بالشواهد الدالة والقرائن الظرفية من خلال أسلوب ممعن في التحدي والإصرار والاحترافية في العمل المعارض وقد يشعر المؤتمر الوطني بأن الدكتورة مريم تحاول وضع الأشواك والحصرم على كرسي بقائه في السلطة في إطار تنظيم المواجهات والصدامات معه بمشاركة الكتل المناهضة له ومن هنا قد تثير مخاوفه وتدفعه إلى تضييق الخناق عليها لذلك لم يكن مستغرباً أن يرفض المؤتمر الوطني ذهابها إلى كمبالا للمشاركة في ورشة الجنائية!! الدكتورة مريم الصادق امرأة سياسية بحتة بلا مساحيق وبلا رتوش لا تبالي بالمكياج والإطلالة البوهيمية ترتكز على جاذبية وأناقة وملاحة طبيعية، تجاوزت الإخوان الذكور في نظر الكثيرين من حيث الكفاءة والمقدرة السياسية والإمام الصادق المهدي أطلق قولته المشهورة في تأبين المرحوم محمد إسماعيل الأزهري عندما ذكر أن النساء يحملن الإرث مثل الرجال في دروب التكاليف العامة.