{ في كل المحافل يصعقني أحدهم بتهمة تقليدية اعتدت عليها: «لماذا تتحاملين في كتاباتك على الرجال»!! وإجابتي أصبحت ممجوجة وأنا أؤكد أن الرجال يشكلون الدعائم الأساسية في حياتي، ففيهم أبي، وأخي، وزوجي، وأستاذي، وابني، وأنني أحاول فقط أن ألفت انتباههم إلى ما أريده منهم أكثر. ورغم أنني حاولت في الفترة الأخيرة أن أبتعد قليلاً عن المواضيع التي تذهب بي في هذا الاتجاه؛ إلا أنني ما زلت ألاحَق في كل مكان بذات التهمة، وأدخل أحياناً مع أحدهم في جدل بيزنطي يحاول عبره أن يقحمني في معركة حول الرجل والمرأة رغم قناعتي بأن لا مجال للمقارنة، فلكل عالمه ومهامه وميزاته، ولا يعنيني أن أطالب بالمساواة مع الرجل؛ لأنني أعتقد أنني أفضل منه كثيراً من حيث الحقوق والواجبات، ولكن أحدهم راح يدافع عن بني جنسه ويتحدث عن النساء حديث العارفين، مما دفعني لمباغتته بالسؤال عن أنواع النساء تحديداً! فتلعثم وتلجلج وبدّل الموضوع سريعاً، فابتسمت لجهله، وسألت نفسي كامرأة عن أنواع النساء.. فما هي؟ { إن الإجابة تستدعي أن أطلق النظر بعيداً، وآخذ شهيقاً طويلاً، وأحاول أن أتحلى بالموضوعية وأنا أعترف بأن النساء يتقلبن في أحوالهن ما بين الثلج والنار. وهن بذلك إما أن يحرقن الرجل، وإما أن يدفئنه، وإما أن يتركنه تائهاً مرتجفاً في صقيع الحياة. وامرأة النار تكون على درجة عالية من العصبية، وكذلك حادة في نقاشها، لا تقتنع بآراء الآخرين بسهولة، وتتمنى أن تسيّر العالم وفق مزاجها، تحب المديح والثناء، ونادراً ما تثني هي على أحد أو تعترف بمزاياه، لا تعترف بأخطائها وتحاول أن تظهر نفسها كملاك، لا تحب الآخرين كثيراً وهي على درجة عالية من الشك والأنانية والغيرة، لذلك فهي مضطربة في حياتها الزوجية ولا تستمتع بها كما يجب لأنها تتعب نفسها وزوجها بأوضاعها وتصرفاتها الغريبة وتطارده دائماً بالاستفسارات والاتهامات المقيتة. ورغم كل هذه السلبيات؛ فإن امرأة النار تتمتع ببعض النواحي الإيجابية، منها الذكاء اللافت، والنظافة، والدقة، وحب النظام، وسرعة إنجاز الأمور. كما أنها أنثى مجتهدة ومثيرة، وهذا ربما ما يجعل زوجها يتغاضى عن شراستها ومزاجها المتقلب ولسانها السليط ويصبر عليها، لأنها تعلم كيف ترضيه إن شاءت، وبهذا لا يصلح لها الزوج الناري؛ لأن حياتهما ستكون جحيماً، وتحتاج إلى رجل هادئ مسالم يترك الكلمة الأولى والأخيرة لها، غير أنها ورغم وداعة وحكمة زوجها؛ لابد أن تبتكر أشياء لإشعال النار في البيت، وهي بذلك لا يقدر عليها إلا «إبليس» أو رجل من جنسه. { أما النوع الثاني؛ فهو امرأة الثلج، وهي على النقيض تماماً من تلك النارية، هادئة ومطيعة إلى درجة الملل، تتقن الصمت، ولكن حركتها ثقيلة ولا تكترث كثيراً لأمور النظافة والنظام والترتيب والدقة، تقتنع بكل كلام يقال لها، ويستطيع أي أحد أن يسيطر عليها حالما تكلم معها واطمأنت إليه، تثق في الناس سريعاً، وجاهزة للبكاء في أي وقت، بها بعض السذاجة، ولها القدرة على مصادقة الجميع والإخلاص لهم، لا تعرف كيف تحل مشاكلها وحدها، وغالباً تلجأ إلى أمها أو صديقتها، يختلط عليها الصدق بالكذب، يمكن استغلالها بسهولة وهي على استعداد لخدمة الجميع دون مقابل، تفني حياتها للناس، أيامها رتيبة تفتقر للإثارة، قنوعة وراضية، لا تحسن الغضب والغيرة والدلال في الوقت المناسب، تتبنى آراء الآخرين ولا ترهق نفسها باستخدام عقلها كثيراً، تعتقد أن سعادة الرجل في معدته وتتعامل مع حياتها الحميمة بتقليدية ورتابة، لا تجيد تحديد نوعية ووقت النقاش ونوع الأحاديث المناسبة، لهذا يمل زوجها سريعاً، لفرط رتابتها وبرودها وتواضعها في كل شيء حتى ملابسها وزينتها، لكنه يحترمها ويثق بها ويحب طيبتها، إنها امرأة خلقت للحمل والولادة والطبخ ومتابعة المسلسلات وتلبية طلبات الآخرين، وهي لا تحتاج إلى نوعية خاصة من الرجال، فأي نوع يستطيع أن يعيش معها بسلام، ومعظم الرجال يفضلونها لأنها تصدق أن اللون الأحمر على قميص أحدهم هو مجرد (كاتشب)! { تلويح: لا تقتصر أنواع النساء على النار والثلج، فبينهما أمور مشتبهات، وهيهات أن يعرف الرجل أنواع النساء أو يفهم خباياهن.