ها أنا ذا.. في ليلة مولدك الغراء آتيك ذليلاً.. حافي القدمين حسير الرأس مكسوراً مشطوراً نصفين نصفي يبكي يأساً والآخر يفديك.. بنور العين «عبدالباسط صالح سبدرات» هذا مقطع من قصيدته «وفي حضرة طه أعترف»، قال لي مرة الدكتور عصام أحمد البشير في حضرة سبدرات، لقد شهدت ميلاد هذه القصيدة عند المسجد الحرام «قطع أخضر». ويضيف عصام البشير «سبدرات ضايقنا في عيشنا»، وكان الأستاذ سبدرات قد فرغ للتو من «تأملاته في سورة الكهف»، فتركنا له الشعر والقانون والوزارة والثقافة ثم جاء إلينا في عقر مهنتنا بتأملاته القرآنية هذه، ويمضي سبدرات في اعترافاته بمدينة الرسول صلى الله عليه وسلم، فيقول: وبحق الزهراء وحق السبطين ثبتني يا ربي بالقول الثابت «بالصافات» «بالنحل» «بالنمل» «وبالإسراء» برد خوفي «بالرحمن» «بالتين» «ويس» بيونس يستره اليقطين انزع شكي.. أبدله يقيناً عن يقين استرني «بالفتح» بسورة «قاف» ب«ص» بالقلم قال لي أحد الإخوان مداعباً، ونحن نتناول هذه القصيدة الزهراء، في حضرة طه أعترف، قال لم يكن طه في هذه القصيدة إلا علي عثمان محمد طه، كما لو أن سبدرات يتخلص من باقي دموع اليسار «أمام شيخ الإسلاميين»، فقلت لصديقي هذا «أنا أمتلك من الشهود» بأن هذه القصيدة قد «اندلعت» بين يدي الحرمين الشريفين، وسبدرات رجل (دموعه قريبة) لهذا فهو ينزف شعراً صادقاً.. وليس أدل على ذلك من: أعترف إليك أني جافيت قيام الليل ساق النوم رواحل ليلي نوماً سهراً أدلجت أيقظني بخواتيم «الكهف» «بالرعد» يزلزل نومي يوقظ قلبي.. قلبي الغافي فأيقظ قلبي غير أن السؤال الذي أطرحه الآن على رجل «الشعر والوزارة والقانون والأدب» الأستاذ سبدرات، بعد أن عافاه الله من الوزارة، لماذا لا يطور تلك الاعترافات لتشمل «مذكرات عهود ثلاثة»، سبدرات بين «ثورات مايو وأبريل ويونيو»، وهو الذي ترافع عن ثوار مايو في «أبريل» وهو أيضاً رجل «يونيو» بامتياز، وأزعم لو أن الرجل فعلها «لطرب اليمين واضطرب اليسار واهتز الوسط»، ولكانت الاعترافات الأكثر وسامة وشهامة.. أعتذر إليك أن قميصي من قُبل قد قُدّ إن شئت أقمت عليّ الحد أعترف إليك أني قد تبت تبت وأقسم أني قد تبت وللأستاذ سبدرات محطات عدة، من بينها «محطة البلابل» بأركويت، حكاية يصلح لها عنوان «رحلتي من الجبل إلى القصر عبر أركويت»، برغم أن الرجل قد عبر من عوالم الشك إلى ثوابت اليقين (رحيل القمرة من وطن القماري)، ولقد نسج الرجل حياته العامرة كما القماري (قشة قشة)، (وابني عشك يا قماري قشة قشة.. وعلمينا كيف القشة بتبني جنة.. رغم العواصف). مخرج.. سيدي سبدرات «وطن النجوم»، «وطن القماري»، وطن المهدي والأزهري والميرغني و«الشريف»، وطن مايو وأبريل ويونيو، يتمزق؛ وأنت ليس كما عودتنا، عيونك لا تنزف شعراً، هل جفت المآقي، أم نضب شعور الأوطان في وجداننا؟