{ ونحن على أعتاب استضافة السودان للحدث الرياضي الأبرز على مستوى القارة السمراء والأول في افريقيا وهو بطولة افريقيا للاعبين المحليين، ونحن نستعيد ذكريات تأسيس السودان للاتحاد الافريقي مع مصر واثيوبيا واستضافة أول بطولة، يحدونا الأمل في استعادة الأمجاد الغابرة بعد أن طمست السياسة كل الإشراقات الرياضية وبات السودان الذي كان فارس أفريقيا يضع آماله وأحلامه بل بات مصيره رهيناً بيد ثامبو مبيكي وغيره من مناديب الدول الافريقية التي ما عرفت الاستقلال والإرادة الحرة إلا عبر السودان وبمساعدته كما حدث مع المناضل الافريقي الكبير نيلسون مانديلا. { ظلت الرياضة السودانية مثالا لإهمال السلطات من قبل الإنقاذ والمؤتمر الوطني وحكومة الوحدة الوطنية والشريكين وغيرها من الحكومات التي تتابعت دون أن تقدم للرياضة معشار ما أنفقته على أمراء الحرب وحركات التمرد التي تناسلت حتى ضاقت بها فنادق الدوحة ودروب التفاوض الوعرة والسالكة. { لم تجد الرياضة اهتماما يذكر من كل الحكومات المتعاقبة رغم أنها الدبلوماسية الشعبية القادرة على إسماع أصوات الدول ويكفي أن قطر تنافس الآن على استضافة كأس العالم ومساحتها مضرب الأمثال في الصغر ولكنها الإرادة والعزم الخلاق. { أنفقت السلطة المليارات على الوحدة الكاذبة ولم تتغير نظرتها للرياضة إلا كونها كماً مهملاً من العبث وتزجية الوقت وملهاة للشعوب، فيما يرتدي رؤساء العالم قمصان المنتخبات ويشجعون من داخل الملاعب ويستقبلون الابطال العائدين بالذهب بعد ان تكون الدولة اسهمت في اعدادهم بالمعسكرات والبرامج والتأهيل والتدريب. { ونحن الآن في مفترق طرق سيدي الوزير ولن تشفع لك الاقامة القصيرة الحالية في كرسي الوزارة الملتهب وقد شغلت عشرات المواقع وتسلمت مثلها من الملفات الشائكة العصية، ولكنك ستدخل التاريخ من اوسع أبوابه إذا سخرت كل إمكانات الدولة والحكومة والوزارة لإنجاز ملف المدينة الرياضية التي تطاولت أيامها ولياليها لتقف شاهداً على عجز الفعل والإرادة وتقف دليلاً على ادانة السلطة وبيروقراطيتها وتنكرها لقطاع الشباب والرياضيين الذين ظلوا وقوداً لكل المعارك ولإنجاح برامجها وآخرها الانتخابات التي توّجت رمز السيادة البشير في رسالة واضحة لاوكامبو وأذنابه. { عزيزي الوزير سخر ما لديك من إمكانات وأقنع رأس الهرم السياسي والتنفيذي بجدوى المدينة الرياضية وأهميتها اكثر من المدن التي شيدها الأخ ابوهريرة حسين ولكنها لا تستضيف بطولات ولا تصلح لتكون عنوانا للبلاد ولا المنشآت الرياضية وبها يقاس اهتمام الحكومات والدول بالرياضة وقدرتها على تفريخ الكفاءات وتخريج الأبطال والمنافسة على الميداليات والمزاحمة على الألقاب. { وبدون بنيات تحتية مثالية لا يحق لنا ان نرفع العقيرة ولا المجاهرة بأننا سادة افريقيا ومن علّمنا العرب كرة القدم فقد تجاوزنا القادمون من الخلف وبنوا الشواهق وتطاولوا في العمران ومدوا ألسنتهم لنا ونحن لم نزل نرزح في القديم ولم تمتد يد الحكومات للرياضة إلا بالشحيح القليل. { وهنالك العشرات من الدول الافريقية الفقيرة التي لا عز لها ولا ماض ولا تاريخ ولا حضارات تمكنت من تسخير علاقاتها بالدول الكبيرة فانتزعت أعظم المباني والاستادات بتفعيل بروتوكولات التعاون وبالاستفادة القصوى من علاقاتها وتبادل المنافع وهي تعلم سلفا أطماع الآخرين في خيراتها لذلك سارعت لوضع الشروط المسبقة أولا فحصلت على أجمل الاستادات والملاعب وأفضل الميادين وبلا تكلفة إلا الارض ولكننا نعجز عن الضغط على شركات البترول وكل الطامعين في خيرات هذه الارض. { عزيزي الوزير سوار وفر إمكانات الوزارة ولا تنفق على المشروعات اللحظية والمشاركات التي ما عادت على السودان إلا بالمزيد من الخسائر.. وثّق لنفسك وفترتك وتاريخك وأقنع السلطة في أعلى مستوياتها بأهمية المدينة الرياضية بدلا من الإنفاق على مشروعات اللحظات الاخيرة بالجنوب فقد حسمت الحركة الشعبية خيارها ولا يملك المواطن الجنوبي خيارا غير الإذعان فالنخبة الحاكمة قررت وانتهى الامر. { المدينة الرياضية كمشروع لا يقل عن سد مروي ومشروعات قصب السكر وتعلية الخزانات وبناء المستشفيات والمدن الجامعية، فالشباب هم وقود المعارك وعماد الثورة والسلطة والحكومة ورمز السيادة وهو الأحق والأجدر بمؤسسات تليق وطموحاته وتلبي حاجاته حتى لا يضيع نهباً بين يدي المخدرات والجريمة والتحلل الأخلاقي في غياب الدور الرسمي وتأمين الملاعب والمراكز الشبابية التي تستوعب طاقاته. { فليكن برنامجك القادم هو المدينة الرياضية حتى يكون عنواناً للعام القادم يواجه به السودان نتائج الاستفتاء وبه ينكب الشباب على المستقبل القادم. { عزيزي سوار.. تولى الوزارة العشرات ولكن قليلاً منهم ترك بصمة في الوزارة فلا تكن من أولئك واصنع لنفسك واقعا جديدا تحفظه لك الأجيال القادمة وإنها الفرصة الأخيرة للتغيير فلا تضعها. { هل بلغت اللهم فاشهد.