{ تمتلئ الساحة السياسية بجملة من التداعيات والأحداث المتسارعة هنا وهناك وفي الوقت الذي تلوح فيه بارقة أمل تليها مباشرةً خطوط متعارضة تشير إلى التشاؤم ونظل ندور في هذه الدائرة وتلك. { وسط كل هذه السحب الركامية هناك عدد من القضايا والموضوعات الساخنة التي تحتاج للتفكيك والشرح والتحليل والإلمام بكل ما يجري، لا سيما وأن السودان يمر بمرحلة مخاض وطلق وولادة هي قيصرية النتائج حتى الآن. ولكن كل الآمال مرجوة في أن تكون الولادة طبيعية. محقونات كثيرة تمت في رحم الوطن لتفادي الولادة الحرجة والحمل الحرج، كل ذلك لأن الزوج والزوجة هما (اتفاقية السلام والدستور الانتقالي)، إذاً هناك حديث كثيف وكثير يجب أن يدور في كل الأروقة ويجب أن تفتح له كل النوافذ لنسهل على الحكومة عسر الطلق القادم وهذا لن يتأتى إلا بخروج كل أهل الشأن السياسي حاكمين ومحكومين. { أعتقد أنه من المهم جداً استصحاب تجاربنا السابقة لننظر هل نحن تغيرنا أم الواقع الذي تغير في السياسة السودانية، فإذا لم يتغير فسنبدأ من حيث بدأنا في السابق وسنكرر التجربة وبالتالي نعيد إنتاج الأزمة مرة أخرى . { فالديمقراطية، وهذه رسالة لأهل الحكم والمعارضة معا، ًتعتمد على شيئين أساسيين؛ هما الاتفاق السياسي بين القوى السياسية على ثوابت وطنية. فالديمقراطية في الغرب نجحت لأنه ليس هناك اختلاف على الثوابت. الآن لنقف بجلاء وننظر للمشهد السياسي بالأمس يرتفع منسوب الخلاف السياسي والمواجهة بين أهل الحكم والمعارضة وبالعكس أيضاً، كل ذلك حدث في بحر متلاطم الأمواج أصلاً، واليوم تنحني كل الأطراف للعواصف الثلجية. { ولكن وفي هذه الأثناء خيراً وبركة أن جاء خطاب الرئيس عشية الاستقلال برداً وسلاماً على كل أهل السودان وعلى القوى السياسية على وجه الخصوص، وبالتالي المطلوب من الأحزاب جميعها أن تلتقط القفاز حتى نجنب البلاد الفتن ما ظهر منها وما بطن، فها هو الرئيس يدعو القوى السياسة إلى تشكيل حكومة عريضة والآن وبكل صدق رمى بالكرة في ملعب القوى الحزبية، فهو نداء وصفه بالصادع والجهير، كيف لا يكون هذا الموقف منه وقد حمل هموم السودان سنين عدداً، هذا هو صوت الرئيس قد سمعناه. أما صوت الشارع فيقول يا أهل الأحزاب السياسية في الحكومة والمعارضة الوقت ليس وقت محاسبة ولا مساءلة فقط المطلوب منكم أن تكونوا رموزاً للتوجه القومي لا أن تكونوا رموزاً لتأجيج الصراعات الحزبية والجهوية. فمن هنا إلى 9 يناير وبعده ليس الأمر سيكون متعلقاً بخاسر أو مهزوم، فالمهزوم حتماً سيتجه لإعادة ترتيب صفوفه، أما المنتصر فلن يكون الأمر في مصلحته إذا ما امتطى صهوة التعالي. فتعالوا يا أهل الشمال السياسي إلى كلمة سواء.