في استجابة مدهشة أعادت إلي الثقة في أن ما نكتبه يجد صدىً وتجاوباً من بعض المسؤولين على مختلف درجات المسؤولية التي يتحملونها اتصل علي أمس الجمعة السيد الوزير السموأل خلف الله وزير الثقافة الاتحادي ليبلغني استجابته الشخصية ووزارته لما سطرته عبر هذه الزاوية صبيحة الاحتفاء بأعياد الاستقلال والذي أقامته (النيل الأزرق) على المسرح القومي بأن ترعى وزارة الثقافة كورال كلية الموسيقى ليكون نواة لتمثيل مشرف للموسيقى والغناء السوداني في المهرجانات الخارجية. وامتداداً لحدود الدهشة، أخبرني الأستاذ السموأل إن وزارته سترعى كافة كورالات الجامعات المختلفة (لتمتد الرعاية وتشمل في الشهور القادمات مهرجاناً ندعو له جامعات عربية تأتينا بخبراتها وتجاربها بكورالاتها المختلفة). وبصراحة راقت لي الفكرة وتحمست لها جداً وقلت للسيد الوزير إن جامعاتنا حبلى بالمواهب التي تستحق الرعاية من شباب أنا شخصياً أرى فيهم مستقبل تمثيلنا ليس على مستوى الموسيقى والغناء ولكن حتى على مستوى الفنون الشعبية التي تحتاج إلى إعادة النظر في جوانب كثيرة منها حتى تعتلي المسارح خارجياً تستعرض وتعرض الفن السوداني برشاقة المحتوى والمظهر. وفي سياق نقاشنا وحديثنا عن الدور الذي يجب أن يلعبه الشباب لتحقيق شعار «الثقافة تقود الحياة» قال لي الأخ السموأل إن وزارته الآن بصدد تكوين «فصيل» شبابي من الفنانين الشباب بمسمى لم يُتفق على تسميته النهائية لكن المهم أنه يصب في كيفية الاستفادة من تأثير هؤلاء الفنانين على قطاعات واسعة من الشباب وتحويل هذا الإعجاب والتأثير إلى طاقة إيجابية تخدم المجتمع في نواح متعددة تقود إلى التغيير الذي نسعى إليه من أجل بناء سودان حضاري يقوده الشباب الذين هم نصف الحاضر وكل المستقبل. وقلت للسيد الوزير إن مجرد التفكير في وسائل تحرك طاقات الشباب الكامنة وتعالج فيهم الخلايا السرطانية من بطالة ومخدرات وحالة اللا اهتمام واللاوعي بالهم الوطني هو تفكير تستحقون عليه الإشادة ويبقى التنفيذ مرهوناً بالإرادة والإصرار على أن يتحول الحلم إلى حقيقة والفكرة إلى واقع معاش، والشباب السوداني في رأيي محتاج إلى هزة تعيده إلى الواقع وهو يمتلك القابلية للاستجابة بحكم النشأة وبحكم الارتباط العائلي الذي فقدت طمعه كثير من المجتمعات الأخرى، لذا فإن الاستعانة بالشباب وتفجير طاقاتهم مسؤولية كبيرة تتلاقى فيها خطوط تمتد من وزارات أخرى معنية بهذا الشأن، لكن يحسب أدبياً للأخ السموأل أنه يلتقط قفاز السبق ليبدأ مشوار المنافسة والتحدي، وآمل أن تبدأ الجامعات في الاتصال بالوزارة للتنسيق معها لرعاية فرقها وكورالاتها الموسيقية وبعده المسرحية والتشيكيلة لتنطلق شعلة الثقافة من قلاع العلم متقدة ومضيئة فتطرد غياهب الظلمات وتنعش الشباب حركة ووجودا. وبالتأكيد ليست وحدها الجامعات الخرطومية، بحكم الوجود في العاصمة، هي المعنية بهذه القضية وكل جامعات السودان معنية بهذا الحراك بدءا من جامعات دنقلا والبحر الأحمر ونيالا وشندي، وكان نفسي أقول جامعتي جوبا وأعالي النيل لكن وآه من لكن ما قادرة تطلع من حلقي !! كلمة عزيزة { لاحظت أن الحفل الذي يفترض أن يكون قد أقامه أمس الفنان محمود عبد العزيز بنادي التنس احتفالاً بمرور خمسة وعشرين عاماً على بداية مشروعه الغنائي قد تضمن سعرا للتذكرة قدره عشرة جنيهات. وكم كنت أتمنى لو أن محمود احتفى واحتفل مع جمهوره ببلاش حتى لو تحمل نفقات الاحتفال بكاملها لأن جماهير «حودة» تستحق أن يحتفى بها كما ظلت تحتفي به وتقف معه منذ أن بدأ الغناء، والاحتفال بالمجان كان سيكون لفتة بارعة منه حتى لو جاءت قيمة التذكرة منخفضة! كلمة أعز الأيام القادمة أيام صعبة في تاريخ الشعب السوداني مما يفرض على المؤتمر الوطني أن يتسع صدره لاستيعاب كل القوى السياسية مهما كانت درجة الاختلاف والخلاف، والمكابرة وقوة الرأس حتودينا في درب اللي يروح ما يرجعش!