هل أتاك نبأ انضمام حفيد الميرغني لحزب المؤتمر الوطني، بُعيد انسلاخه عن الحزب الاتحادي الأصل بزعامة مولانا محمد عثمان الميرغني؟ أنه حدث يمكن أن يُصنّف ضمن أدب اللا معقول في الساحة السياسية، لكون أن بطل الحدث تحمله صلة الدم والنسب ليكون ابناً لخاله مولانا الميرغني وعم أبنائه، كما حملته مكانته الدينية بأن صيّرته رئيساً لهيئة الختمية للدعوة والإرشاد بولاية البحر الأحمر، قبل أن تُفتح له أبواب السياسة ليكون مشرفاً سياسياً للحزب الاتحادي الأصل بشرق السودان. كل ما تقدم كان حري به أن يجعل مولانا عبد الله المحجوب أحمد حفيد السيد جعفر الميرغني متمسكاً بتبعيته للحزب الاتحادي، إلا أنه ولقناعات كشف عنها ل«الأهرام اليوم» آثر تركه جانباً والالتحاق بالمؤتمر الوطني. فهل أغرته مكانة سياسية ينتظرها، أم مبلغ مالي وعد به؟ أم أنه شاب ثائر يطلب بعض من مجد سياسي لم يجده في حزبه السابق؟ مرحباً بكم لنعرف ما يدور في تفكير حفيد الميرغني دفاعاً عن موقفه. { ما الذي تبحث عنه في المؤتمر الوطني، رغم مكانتك السياسية والأسرية داخل الاتحادي الأصل؟ - الاتحادي الأصل بالتأكيد يُعاني من مشاكل في التنظيم، وهذا أول الأسباب التي عجّلت بخروجي منه، والحديث عن منصبي في الاتحادي فقد كان برمته تكليفاً وليس تشريفاً، لذلك لا ينبني عليه ذهابي أو بقائي داخل الاتحادي الأصل، أما عن وضعي الأسري فهو علاقة أزلية لا تباعدها السياسة ولا تقربها. { ما هي المشكلات التنظيمية التي تعنيها في إجابتك، وهل قدت جهوداً استعصى معها الحل؟ - مؤكد، وحقيقة أن معظم الأحزاب في الساحة السياسية تُعاني مشكلات تنظيمية، لأن بها عناصر فرضت واقع يستعصي معه التغيير، لأن هذه العناصر تخشى التغيير، حتى ولو كان لصالح الحزب، ومُصرّة على «الكنكشة» لأن هذه المناصب التي هم فيها أصبحت ملتصقة بهم، وهذه مشكلات كبيرة ينبغي على الأحزاب المسارعة في حلها. { هل كان لك مسعى للحل داخل حزبك الاتحادي، ثم وجدته مستحيلاً فكان الخيار أمامك هو الانضمام للوطني؟ - لا، المسألة ليست بهذا التبسيط، لكن هي مشكلات كبيرة تعاني منها جميع الأحزاب والاتحادي الأصل لم يكن استثناء فيها، أما الانضمام فلا يمكن تلخيصه بهذه البساطة لأنه جاء بقناعات مني في المؤتمر الوطني، أولاً، ثم أنني من خلال الوطني يمكن أن أقدم للمواطنين ولكل الجماهير، وأستطيع أن أتواصل معها بشكل أفضل، وتبني مشكلاتها. { ألم يكن متاحاً لك تبني مشكلات هذه الجماهير من خلال الحزب الاتحادي؟ - الإجابة بالتأكيد لا، لأنني يئست وتركت الاتحادي. { إذا صح أن الوطني كحزب حاكم أهمل الجماهير التي تعنيها لأنها لا تواليه، فهل أتيت لكسر هذه القاعدة؟ - أنا لا أتهم الوطني بأنه لم يقدم لجماهير منطقتي، بالعكس الوطني قدم كثير من الخدمات في كثير من المناطق، دون أن يطلب ولاء. { إذن.. انتفى أحد مبررات انضمامك طالما أن الوطني قدم الكثير، أم هل ترى أن قيادات الوطني في مناطقكم فشلت فتريد أن تأتي بما لم يأتوا به؟ - هو ليس بهذا المعنى، لكن حقيقة أنا أتكلم عن شيء شخصي، والوطني له قياداته التي قدمت، لكنني أتيت لأُسهم مع الناس في إنجاز ما يمكن إنجازه. { رغم دفوعاتك السابقة، تظل هناك شبهة الصفقات المليارية، خاصة وأنك رجل أعمال تُدير العديد من المشاريع الاستثمارية؟ - هذا اتهام لكل من ترك حزبه وانضم للوطني، لكن أنا لا يعوزني المال، حتى أسلك مسلكاً غير أخلاقي، وقد ورثت في مكةالمكرمة أعظم بقاع الأرض، ولا يمكن أن أبيع كرامتي من أجل قروش. { هل ثمّة خطة سياسية معينة تريد أن تنفذها من خلال الوطني؟ - الآن أنا داخل الوطني وهو حزب مرتّب وله كثير من البرامج وسأساهم في تنفيذها مع قياداته استكمالاً لما بدأه. { هل يمكن أن نقول أن تحركك ما بين الوطني والاتحادي هو ثورة شاب؟ - أنا لديّ قناعات في الوطني أكثر من كونها ثورة لشاب، والوطني حزب صار أكثر انفتاحاً وشامل لكل السودان، حتى أن هناك من سبقوني في الانضمام إليه من الأسرة الميرغنية. { متى تكونت هذه القناعات في المؤتمر الوطني الذي كان خصمك حتى وقت قريب؟ - جاءت قناعاتي في الوطني بعد أن يئست من الاتحادي الأصل، والتغيير عبره، وآثرت أن أكون أكثر فاعلية والتصاقاً بالجماهير. { ألم يكن من الممكن الانضمام لجبهة نائب رئيس الاتحادي الأصل علي محمود حسنين، خاصة وأنه قد كفر بإمكانية حل مشكلات الأحزاب مثلما كفرت بها؟ - أرسل عبرك التحايا للصديق حسنين وأنا أحترمه جداً كرجل مفكّر، لكن اختلف معه لأنه يريد أن يُسقط المؤتمر الوطني، وهذا يعني دخول البلاد في فوضى، والآن أدعوه للحوار الجاد مع الوطني لإزالة أسباب الجفوة بينهما، والوطني على استعداد للجلوس معه. { هل كلّفك المؤتمر الوطني بالاتصال بعلي محمود حسنين بحكم الصداقة التي تربطك به؟ - لا.. لم يحدث هذا. { وهل ستفعل إذا طُلب منك؟ - إذا طُلب مني ذلك سأفعل، وأرجو أن تكون مساعٍ مكلّلة بالنجاح لالحاق حسنين بالوطني. { نظراً لهجرة الاتحاديين الكثيفة نحو الوطني، هل ثمّة تكتيك منه ليرث الوطني بعد تذويبه؟ - يمكن أن تسأل الاتحاديين، فأنا الآن لست منهم، لكن قبل هذا أنفي قطعياً، فكرة ورثة المؤتمر الوطني من قِبل الاتحاديين، لكن أن نكون فاعلين داخله، وهو حزب قومي به كثير من العناصر واستبعد أن يكون هناك تكتيك. { هل قمت بدراسة تجربة الذين سبقوك في الانضمام؟ - بالعكس كثير من العناصر الاتحادية فشلت داخل الوطني، وأصبحت بلا مقدرة، لكن أنا لا أخشى التجارب وحريص على تقييم تجربتي بنفسي. { انتظمت الأحزاب السياسية مؤخراً في خيار إسقاط الوطني، ألا ترى أن توقيتك لم يكن مناسباً؟ - لا اتفق مع ذلك، وإسقاط الوطني هو ضرب من أحلام زلوط، لأن الوطني حزب جماهيري، وقدم الكثير من مشاريع التنمية، وسقوطه يُدخل السودان في فوضى، ومن أراد إسقاطه عليه باتباع الطريق الديمقراطي في الانتخابات القادمة. { بالأمس كنت واحداً من الذين يشكّكون في اتباع الوطني للديمقراطية، وكان لك جهداً مقدراً في كشف ما قيل أنه تزوير للانتخابات بشرق السودان بابتلاع «القاش» لأصواتكم؟ - أنا أقول الآتي، يجب أن تعترف الأحزاب بوجود ضعف في تنظيمها، وعدم تواصل مع جماهيرها، وعليها أن تزيل هذا، ثم لا يمكن أن تُعلّق كل أسباب فشلها بالوطني، ولا أذيع سراً إذا قلت إن بعضهم يرد انضمامي للوطني إلى محاولة منه لتفتيت الحزب الاتحادي. { هل هناك قادمون جدد من الاتحادي للوطني؟ - أنا انضممت وفقاً لقناعاتي بذلك، وأنا كقيادي في الوطني الآن إذا طلب أحدهم مرافقتي سأقول له «حبابك عشرة» وبالتأكيد سأعمل على زيادة عضويته، وهذا التزام حزبي. { زيادة من داخل الاتحاديين؟ - لماذا أنت مصر على الاتحاديين فقط؟ { لأن لك نفوذ سابق بينهم يمكن أن تستخدمه لصالح حزبك الجديد. - أنا أقول أن الباب مفتوح للجميع وعليّ أن أعمل لزيادة عضوية حزبي. { مولانا المحجوب.. كيف تمت عملية انضمامك ومتى بدأت؟ - تمت عملية انضمامي عبر حوار مع قيادات من الوطني، ونتج عنه الانضمام، بلا تسويات أو قروش، والوطني لم يدفع لي مليماً واحداً، بالعكس أنا أتيت الوطني بقناعتي. { من الذي قاد الحوار لانضمامك؟ - عدد من الأشخاص الذين تربطني بهم علاقات اجتماعية قوية. ودار حوار بيننا، وكانت نتيجته الانضمام، في الأول من ديسمبر الحالي. { بماذا وعدوك، بمنصب مثلاً؟ - كما ذكرت لك أن الشخص الذي يسعى وراء المناصب يكون قد باع نفسه رخيصاً. { الكثيرون قالوا إن الاتحادي الأصل أهمل مناديبه في الولايات إبان الانتخابات، فهل قادت هذه لردة فعل عندك سهّل من مهمة محاوريك؟ - الاتحادي لم يهملنا، وأنا سعيد بتجربتي معه، ومولانا الميرغني رجل ديمقراطي، رغم أن الناس يصدرون عنه حديثاً «ما كويس» وميزته أنه إذا أوكل لأي أحد مهام لا يهمله، لكن يمكن أن تكون هناك مشاكل في قطاعات أخرى من الحزب بعيداً عن رعايته المباشرة. { كيف استطعت التغلُّب على جفوة 20 عاماً بين الحزبين؟ - كل الأحزاب السياسية أصبحت متقاربة فكرياً والوطني به كثير من الصوفية وبقية العناصر الفكرية ولم يعد حزباً مقفولاً إنما حزب جماهيري منفتح. { قبل هذا كان التوتر موجوداً بين الطائفة الختمية والحركة الإسلامية التي أنجبت المؤتمر الوطني؟ - الوطني أصبح مختلفاً عن بداياته، ولا أؤمن بأن الحركة الإسلامية تُعادي الطرق الصوفية ويُقال إن مؤسسها حسن البنا كان رجلاً صوفياً والوطني لا يعمل على هدم الختمية وليست له مصلحة في هدمها. { ما هي ردود الأفعال من داخل الأسرة الميرغنية على انضمامك؟ - داخل الأسرة سبقني أشخاص انضموا للوطني لكن صراحة التواصل بين الأسرة جيّد فأنا حفيد الميرغني وهذا شيء ثابت لاستدامة المودة بيننا سواء أكنت داخل الاتحادي أو الوطني أو أي حزب آخر فهذا شيء لا تغيره السياسة. { ألا تخشى (زعل) مولانا الميرغني أو غضبه عليك بانضمامك؟ - أنا أحترم مولانا ولا أخشى إلا الله ومولانا شخص عظيم له مني كل الاحترام والتقدير. { هل تخشى على السودان من زوال الوطني من الخارطة السياسية؟ - لماذا يصر الناس على زوال الوطني، ألا يمكن أن يشاركوه السلطة ويكون موجوداً مثلما يوجد الاتحادي والأمة وغيرها من الأحزاب؟ أنا أسأل؟.