أ.د. علي بلدو - عيادة النفسية والعصبية يُعرف مرض الفصام بأنه اضطراب نفسي وعقلي، يتميز باضطراب شديد في: الشخصية، التفكير، الحياة العاطفية، الوجدان والإحاسيس، والسلوك والعلاقات مع الآخرين، وهذا كله يسبب الإعاقة الاجتماعية والعملية، وغالباً ما يؤدي إلى مضاعفات ومشاكل طبية واجتماعية واقتصادية كثيرة. والحديث عن الفصام لا بد أن نذكر فيه اسم العالمين (كرابلين) و(يوقين بلولير)، حيث أنه في العام 1896 اكتشفا ما يعرف بالخرف المبكر، وهذا ما ساد عن الفصام في بداياته الأولى. وفي العام 1919 واصل بلولير ما بدأه كرابلين وقدم لأول مرة مصطلح "الشيزوفرينيا"، وهي كلمة إغريقية تعني العقل المنقسم أو ما بين الشخص والواقع الذي يعيش فيه. ونسبة حدوث الفصام تعادل حوالي 1 - 2% من عدد السكان في كل مجتمع، وهي نسبة عالمية وتتقارب فيها الدول والمجتمعات كثيراً. الإصابة بالمرض غالباً ما تحدث في سن الشباب والمراهقة الأولى، وتكون أعلى فترة للإصابة هي ما بين (15) – (30) عاماً. والفصام يصيب الرجال والنساء بنسب متساوية تقريباً. {{ الأسباب { أولاً الوراثة، حيث تلعب الجينات المتوراثة من الآباء والأمهات دوراً هاماً في الإصابة بالفصام، وقد ظهر هذا من فحص الكروموسومات والأبحاث على التوائم، ومن المتوقع قريباً تحديد الجين المسؤول والمرتبط بالإصابة مما سوف يشكل فتحاً باهراً في الطب، وقد يغير شكل المرض إلى الأبد. { ثانياً: الشخصية، وبالذات الشخصيات الانطوائية والوسواسية والمرتابة. { ثالثاً: فقد الحنان الأبوي. رابعاً: المشاكل الأسرية مثل الطلاق والانفصال والشجارات المستمرة. خامساً: الحماية الشديدة والتعبير المفرط عن العواطف والمشاعر المختلفة مثل الغضب والحب والرغبة في التملك. { سادساً: اختلال مستوى الوصلات والمستقبلات العصبية والبايوكيمائية مثل مستوى استقلاب "وايض السيروتونين" و"الادرينالين". { سابعاً: اضطرابات "الدوباميين" و"النورايبينفرين" وهي مواد هامة للدماغ للقدرة على الاستقبال العقلي السليم والتفكير الجيد والسلوك المنتظم. { ثامناً: الأمراض العضوية ومضاعفاتها. { تاسعاً: الإدمان بأنواعه مثل الحشيش و"البنقو" والكحول والمواد الطيارة والحبوب المخدرة والمنشطة وحبوب النحافة والسمنة وغيرها من المخدرات والمؤثرات العقلية المختلفة. { عاشراً: الاعتقادات الشعبية والموروثات الاجتماعية في المجتمع وتكوين القناعات العرفية التي تكون خاطئة مما يؤدي للمرض لاحقا. {{ أنواع الفصام { أولاً: الفصام البسيط: يكون ببطء وفي سن مبكرة، ويتصف المريض بالانعزال والانكفاء على الذات وعدم المشاركة في الأنشطة الاجتماعية والفشل في العمل والدراسة والحياة الأسرية. { ثانياً: الفصام غير المنتظم: كان يعرف سابقاً بالفصام الطفولي أو فصام المراهقة، ويميزه الكلام غير الواضح وغير المفهوم وفقدان التركيز والإكثار من أحلام اليقظة وحب النظر في المرآة وبصورة دائمة. { ثالثاً: الفصام التخشبي: يكون عادة حاداً وسريعاً في حدوثه وبه تغيير حركي واضح، بالإضافة إلى الذهول وعدم التجاوب مع المثيرات الخارجية وعدم التفاعل مع الآخرين وفقدان القدرة والرغبة في المبادرة والجلوس أو الوقوف لمسافات وأزمان طويلة وأحيانا في وضعيات غير مريحة وفقدان الشهية للأكل والكلام البطيء وأحياناً انعدام الكلام تماماً وعدم الاهتمام بالنفس مثل النظافة الشخصية. { رابعاً: الفصام المختلط: يميزه وجود الهلاويس والضلالات الفكرية. { خامساً: الفصام الزوراني: يحدث في سن أكثر تقدماً ويتميز بوجود الضلالات الفكرية. { سادساً: "البارافرينبا": تحدث في خريف العمر وتكون بها هلاويس فكرية وقد يفسرها البعض على غير علم بأنها حالة "خرف" مما يصعّب ويطيل فترة العلاج. { سابعاً: الفصام غير المصنف: وهو أي حالة فصام خلاف ما ذكر {{ الأعراض والعلامات يمكن تقسيم الأعراض إلى إيجابية وسلبية. الأعراض الإيجابية تشمل الهلاوس والضلالات، والضلالة عبارة عن اعتقاد خاص وخاطئ وغير قابل للنقاش ولا يعترف به الآخرون ولا يمكن إقناع المريض بعكس ذلك، ويتصرف المريض بناء على ذلك. ومن أهم أنواع الضلالات المعروفة والشائعة في مرض الفصام ما يلي: { ضلالة التحكم: وفيها يعتقد المريض أن قوى خارجية تتحكم في تصرفاته. { ضلالة الاضطهاد: وهي الاعتقاد بوجود مخطط أو خطة لإلحاق الضر أو القتل للمريض أو الشعور بالمراقبة أو المتابعة. { ضلالة الشك: وفيها يعتقد المريض عدم إخلاص شريكه جنسياً له. { ضلالة العظمة: حين يعتقد المريض أنه شخصية هامة ومشهورة و ذات أهمية قصوى. { الضلالة الشاذة أو الغريبة: وغيها يعتقد المريض - مثلا - أنه كائن فضائي. { ضلالة الذنب: حين يلوم المريض نفسه على كل مصيبة أو كارثة تحدث دون أي يد له فيها. { ضلالة الحب: حيث يعتقد المريض وجود علاقة عاطفية تربطه بشخصية مشهورة ومعروفة وذات صيت في المجتمع دون أي دليل أو اتصال بينهما. { الضلالة الدينية: وتكون حول إصلاح الأمة والشعور بوقوع مهمة إصلاح العالم على عاتق المريض، وغالباً ما يتبع المريض وسائل عنيفة وقاتلة أحياناً في تحقيق ذلك.