كانت القاعدة في الجامعة العربية منذ تأسيسها في عام 1945م أن تسند أمانتها العامة إلى مصري وقد تحقق ذلك فعلاً منذ الأمين العام الأول عبدالرحمن عزام، مروراً بعبدالخالق حسونة ومحمود رياض وعصمت عبدالمجيد وانتهاءً بعمرور موسى الأمين العام الحالي الذي تنتهي هذا العام فترته. وكان الاستثناء هو التونسي الشاذلي القليبي الذي شغل منصب الأمين العام للجامعة العربية، بعد أن وقع الرئيس المصري أنور السادات (معاهدة السلام) مع رئيس الوزراء الإسرائيلي مناحيم بيجن، برعاية الرئيس الأمريكي كارتر في مارس 1979م. فقد قرر العرب بعدها نقل الجامعة العربية إلى تونس واختاروا أميناً عاماً غير مصري لأول مرة هو التونسي الشاذلي القليبي. وأقام الرئيس السادات جامعة أخرى سماها «جامعة الشعوب العربية والإسلامية»، وأصبح سيد نوفل أمينها العام، وكان مقرها هو نفس مقر الجامعة العربية المطل على النيل وعلى ميدان التحرير بقلب القاهرة. وإذا كان هناك إجماع على ضعف الجامعة العربية فإن الجامعة التي أنشأها الرئيس السادات كانت أكثر ضعفاً وسرعان ما اختفت من الوجود، وكان واضحاً منذ البداية أن إنشاءها كان قراراً انفعالياً اتخذه الرئيس الراحل السادات. ثم عادت الجامعة العربية إلى مقرها الأصلي بالقاهرة، رغم أن مصر لم تلغ معاهدة السلام التي أبرمتها مع إسرائيل.. ورشحت مصر هذه المرة لمنصب الأمين العام وهو منصب رفيع رغم محدودية تأثيره.. الدكتور مصطفى الفقي وهو دبلوماسي وكاتب ومثقف ونائب برلماني وقد اعترض عليه البعض، خاصة وسط الثوار المصريين، الذين يرورن أنه بشكل أو آخر كان من رموز ورجالات النظام الذي أسقطوه بثورتهم العظيمة، ومما يأخذونه عليه أنه عمل بعض الوقت في مكتب الرئيس السابق حسني مبارك سكرتيراً للمعلومات، وأنه فاز في انتخابات مجلس الشعب بالتزوير، وأنه قال مرة إن الرئيس القادم لمصر لا بد أن يحظى بتأييد الولاياتالمتحدةالأمريكية وإسرائيل، ويقولون إنه حتى لو كانت تلك حقيقة فإنه ما كان ينبغي أن تصدر ممن يتطلع إلى أن يكون أميناً عاماً للجامعة العربية. إن البعض حتى من خارج مصر يرون أن يكون الأمين العام - هذه المرة تحديداً - مصرياً تكريماً للثورة النبيلة التي فجرها الشعب العريق، ويقول آخرون: لماذا لا نجرب هذه المرة أميناً عاماً غير مصري يدير الجامعة العربية من قلب القاهرة فقد كان التونسي الشاذلي القليبي يديرها من تونس.. ومن مزايا الأمين العام غير المصري الذي يعمل من قلب القاهرة أنه يؤدي واجبه بدرجة من الاستقلال لا يستطيعها الأمين العام المصري الذي هو بالدرجة الأولى مواطن مصري يعمل من داخل مصر؟!