المريخ يستانف تدريباته بعد راحة سلبية وتألق لافت للجدد    هنري يكشف عن توقعاته لسباق البريميرليج    تعادل سلبي بين الترجي والأهلي في ذهاب أبطال أفريقيا في تونس    تعادل باهت بين الترجي والأهلي في ذهاب أبطال أفريقيا    باير ليفركوزن يكتب التاريخ ويصبح أول فريق يتوج بالدوري الألماني دون هزيمة    كباشي يكشف تفاصيل بشأن ورقة الحكومة للتفاوض    متغيرات جديدة تهدد ب"موجة كورونا صيفية"    مقتل مواطن بالجيلي أمام أسرته علي ايدي مليشيا الدعم السريع    تمبور يثمن دور جهاز المخابرات ويرحب بعودة صلاحياته    تقرير مسرب ل "تقدم" يوجه بتطوير العلاقات مع البرهان وكباشي    حملة لحذف منشورات "تمجيد المال" في الصين    بعد الدولار والذهب والدواجن.. ضربة ل 8 من كبار الحيتان الجدد بمصر    محمد وداعة يكتب: معركة الفاشر ..قاصمة ظهر المليشيا    مصر لم تتراجع عن الدعوى ضد إسرائيل في العدل الدولية    أمجد فريد الطيب يكتب: سيناريوهات إنهاء الحرب في السودان    زلزال في إثيوبيا.. انهيار سد النهضة سيكون بمثابة طوفان علي السودان    يس علي يس يكتب: الاستقالات.. خدمة ونس..!!    عصار الكمر تبدع في تكريم عصام الدحيش    (ابناء باب سويقة في أختبار أهلي القرن)    عبد الفضيل الماظ (1924) ومحمد أحمد الريح في يوليو 1971: دايراك يوم لقا بدميك اتوشح    مطالبة بتشديد الرقابة على المكملات الغذائية    السودان..الكشف عن أسباب انقلاب عربة قائد كتيبة البراء    شاهد بالصورة والفيديو.. "المعاناة تولد الإبداع" بعد انقطاع الماء والكهرباء.. سوداني ينجح في استخراج مياه الشرب مستخدماً "العجلة" كموتور كهرباء    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء سودانية تخطف قلوب المتابعين وهي تستعرض جمالها ب(الكاكي) الخاص بالجيش وتعلن دعمها للقوات المسلحة ومتابعون: (التحية لأخوات نسيبة)    بالفيديو.. شاهد رد سوداني يعمل "راعي" في السعودية على أهل قريته عندما أرسلوا له يطلبون منه شراء حافلة "روزا" لهم    مدير الإدارة العامة للمرور يشيد بنافذتي المتمة والقضارف لضبطهما إجراءات ترخيص عدد (2) مركبة مسروقة    قيادي سابق ببنك السودان يطالب بصندوق تعويضي لمنهوبات المصارف    شاهد بالصورة.. (سالي عثمان) قصة إعلامية ومذيعة سودانية حسناء أهلها من (مروي الباسا) وولدت في الجزيرة ودرست بمصر    آفاق الهجوم الروسي الجديد    كيف يتم تهريب محاصيل الجزيرة من تمبول إلي أسواق محلية حلفا الجديدة ؟!    شبكة إجرامية متخصصة في تزوير المستندات والمكاتبات الرسمية الخاصة بوزارة التجارة الخارجية    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني في الموازي ليوم الأربعاء    وسط توترات بشأن رفح.. مسؤول أميركي يعتزم إجراء محادثات بالسعودية وإسرائيل    "تسونامي" الذكاء الاصطناعي يضرب الوظائف حول العالم.. ما وضع المنطقة العربية؟    شاهد بالصورة.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تنعي جوان الخطيب بعبارات مؤثرة: (حمودي دا حته من قلبي وياريت لو بتعرفوه زي ما أنا بعرفه ولا بتشوفوه بعيوني.. البعملو في السر مازي الظاهر ليكم)    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    5 طرق للتخلص من "إدمان" الخلوي في السرير    انعقاد ورشة عمل لتأهيل القطاع الصناعي في السودان بالقاهرة    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    "المايونيز" وراء التسمم الجماعي بأحد مطاعم الرياض    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    بنقرة واحدة صار بإمكانك تحويل أي نص إلى فيديو.. تعرف إلى Vidu    أصحاب هواتف آيفون يواجهون مشاكل مع حساب آبل    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    هنيدي ومحمد رمضان ويوسف الشريف في عزاء والدة كريم عبد العزيز    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    أمس حبيت راسك!    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العقيد (م) مارتن ملوال أروب عضو مجلس قيادة ثورة الإنقاذ يكشف المثير (2):
نشر في الأهرام اليوم يوم 30 - 04 - 2011

• العقيد (م) مارتن ملوال أروب عضو مجلس قيادة ثورة (الإنقاذ)، وزير رئاسة مجلس الوزراء (الأسبق)، قيادي (جنوبي) وقائد عسكري من العيار الثقيل، اختاره العميد - وقتها - عمر حسن أحمد البشير ليكون عضواً في مجلس الثورة بعد نجاح انقلاب 30 يونيو 1989م، حيث عملا سوياً في سلاح المظلات عندما كان (مارتن) برتبة (ملازم) و(عمر) برتبة (نقيب).. المثير في هذا الحوار أن (سيادتو) (مارتن) يصر على أن (البشير) لم يكن (جبهة إسلامية) بل كان أقرب إلى (الاتحاديين) وكان معجباً بالأزهري لكن (الجبهة الإسلامية) أيدت ووقفت مع (الانقلاب) بينما لم يتجاوب (الاتحاديون) مع (البشير)، رغم أنه استقطب الراحل (أحمد زين العابدين) للتعاون مع (الإنقاذ) في أولى أيامها.
• مارتن ملوال يرأس شركة (أروب) للتجارة والاستثمار التي تعمل في مجالات مختلفة، وقد حدثنا المدير التجاري للشركة الأستاذ (أسعد حسن) أن (مارتن) ينفق بسخاء على أعمال خيرية ويساعد أصحاب الحاجات وطلاب الجامعات.
• (الأهرام اليوم) أخطأت في حق العقيد (م) مارتن ملوال عندما نشرت قبل أشهر خبراً عن مصادر (جنوبية) يفيد بأن مفوضية الاستفتاء استأجرت منزلاً بالطائف يملكه (مارتن) بقيمة عالية غير أن تلك (المصادر) عجزت عن إثبات ملكية (مارتن) لمنزل المفوضية، اعتذرنا للرجل وها نحن نكرر اعتذارنا له ولمفوضية الاستفتاء برئاسة البروفيسور محمد إبراهيم خليل.
• قصدناه في منزله فأحسن استقبالنا بصحبة زوجته الشابة الدكتورة ألدا ماوين التي تعمل بأحد مستشفيات الخرطوم، فكان هذا الحوار المثير!
{ سيد مارتن.. في رأيك من كان أكثر أعضاء مجلس قيادة الثورة تمسكاً بالشريعة الإسلامية التي رفضت أنت قوانينها داخل المجلس؟
- عندما يكون الحديث عن الشريعة الإسلامية، إذا كان هناك أحد لديه رأي فإنه لا يستطيع أن يعبّر عنه، لأن المسلمين يعتبرونها مسألة مقدسة، ولكنني كنت دائماً ما أعبر عن رأيي ولا يهمني شيء.
{ هل كان هناك أعضاء آخرون بالمجلس مساندين لرأيك هذا؟
- لم يكن هناك أحد يعبر عن رأيه، لأن الجميع كانوا يخافون على مناصبهم ولكن أنا لم يكن يهمني منصب بقدر ما كان يهمني أن أقول الحقيقة فقط.
{ نعود مرة أخرى إلى لقائك الأول مع د. الترابي.. هل كان لقاءً عابراً أم تعددت اللقاءات؟
- أنا تعرفت على (شيخ حسن) في أول أيام اعتقاله ولكن قبل ذلك التقيت به في دار الجبهة الإسلامية، وكان ذلك قبل الانقلاب بستة أشهر، عندما طلب مني أحد الزملاء أن أوصله بعربتي إلى (الخرطوم 2) وذهبت معه، وعندما وصلنا المكان وجدت لافتة مكتوب عليها (دار الجبهة الإسلامية) فوقفت بالخارج، وبعد قليل جاء (علي الحاج) ومعه (علي عثمان) وطلبا مني أن (أنزل) لأنه لا يصح بقائي بالخارج، ودخلت معهما وقابلت (حسن الترابي) وفي أثناء الجلسة تحدث (الترابي) عن الحرب في الجنوب حديثاً أغضبني جداً، حيث قال: نحن سوف ننتصر على الحركة الشعبية وسوف نعمل كذا وكذا.. فانفعلت فيه وقلت له (يا دكتور أولادكم في الجيش ما قادرين يتكلموا معاكم وما قادرين يقولوا ليكم نحن ما دايرين الحرب وإذا أنتم السياسيين «مالين» يديكم من القائد العام ورئيس الأركان فأنتم مخطئون لأن الجيش به ضباط برتبة «رائد» وهم قادة سرايا وبه عقداء وهم قادة كتائب وبه عمداء وهم قادة ألوية والانقلاب الكبير سوف يأتيكم من الجيش من رتبة ملازم إلى عميد). هذا الحديث دار بيني والترابي، المهم بعد أن اعتقلوهم وذهبوا بهم إلى السجن عقب 30 يونيو 1989م علمت من «نقيب» في السجن أن المعتقلين السياسيين يعاملون معاملة سيئة، فاتصلت بالرئيس عمر البشير وقلت إن المعتقلين السياسيين الذين تم اعتقالهم (تحفظياً) ينامون على (البلاط) وهم أناس كبار في السن.. وليسوا (مجرمين) بل سياسيون ولا بد من احترامهم، وبالفعل أعطى (عمر) تعليمات بأن يخرج الترابي من الزنزانة وينضم إلى العنابر، وفي اليوم التالي قمت بزيارة إلى سجن كوبر وهناك قابلت مولانا السيد «محمد عثمان الميرغني» والسيد «الصادق المهدي» داخل غرفة مجهزة بها مكيف وثلاجة وجلست معهما وتحدثت إليهما وسألت عن أحوالهما فقال لي مولانا محمد عثمان (أنا عيان)..
{ مقاطعة: هل كان السيدان محمد عثمان الميرغني والصادق المهدي معتقلين في غرفة واحدة؟
- نعم كانا في غرفة واحدة ومعهما المرحوم عمر نور الدائم، فقال لي الصادق المهدي: هناك معتقلون سياسيون (جنوبيون) كانوا في المعارضة ولم يكونوا معي في الحكومة فلماذا تم اعتقالهم؟ وقال لي أيضاً: إن مولانا محمد عثمان مريض (خلوه) يذهب للعلاج، فقلت له حاضر، وبعد ذلك ذهبت إلى بقية العنابر وفي أحدها التقيت د. حسن الترابي وكان معه ميرغني النصري وعلي حسن تاج الدين، وكان بصحبتي أفراد من الأمن وعندما دخلت العنبر قام كل الموجودين، في تلك اللحظة كان الترابي يقرأ، وعندما شعر بالحركة وضع الكتاب جانباً، وعندها نظر إليّ وضحك، فقلت له: لماذا تضحك يا دكتور؟ هل تذكرت حديثي معك قبل ستة أشهر؟ فقال لي: (نعم). وطلبت من عقيد يدعى (موسى) أن يأخذ (الترابي) إلى المكتب لأنني أود التحدث إليه، وبعد أن انتهت جولتي على كل المعتقلين ذهبت إلى المكتب ووجدت «الترابي» فقلت له: سمعت عن المعاملة السيئة التي كنت تلقاها والظرف القاسي الذي كنت فيه، وأنا أتيت لأعتذر لك فنحن السودانيين نحترم الكبير وأنت كبير في السن خدمت البلد وكل الأجيال الموجودة في (القضائية) درستها، وأنت لست مجرماً بل معتقل سياسي ومهما حدث فإن الأمر لا يصل إلى درجة حبس في زنزانة ونوم على البلاط ودخول الحمام بالزمن، فقال لي: يا «مارتن» الضابط عاملني أسوأ معاملة.. سبعة أيام وأنا في الزنزانة وإذا أردت الذهاب إلى الحمام يكون بالزمن. فقلت له: (معليش). ومن هنا بدأت صداقتي معه. في تلك الجلسة كرر «الترابي» الطلب الذي قاله «الصادق المهدي» حيث ذكر أن مولانا محمد عثمان الميرغني مريض، وإذا مات في السجن - لا قدر الله - مثلما مات «الأزهري» أيام جعفر نميري فسوف تكون مشكلة وسيقولون إنكم «قتلتوه» فالأفضل أن تطلقوا سراحه حتى تكسبوا كل الذين وراءه. واتركونا أنا والصادق هنا لأننا إذا خرجنا سوف نسبب لكم مشاكل.. هذا ما قاله لي الترابي!!
{ هل كانت المرة الأخيرة التي قابلت فيها الترابي؟
- لا، قابلته مرة أخرى. ويواصل روايته: بعد أن انتهت جولتي في السجن ذهبت إلى القيادة العامة لكي أخبرهم بما دار حتى لا يقولوا إن «مارتن» ذهب إلى السجن وأخرج المعتقلين من الزنازين، ورويت لهم ما دار بيني و«الترابي والميرغني والصاق» وتحدثت مع (عمر البشير) فقال لي: (شوفوا بكري حسن صالح) حتى يستخرج للميرغني جوازاً دبلوماسياً. في السجن الترابي قال لي: (أدوه) جوازاً ليسافر هو وأولاده وأعطوه مبلغاً من المال رغم أنه ليس في حاجة إليه!!
{ من خلال لقائك بالترابي هل شعرت أنه كان وراء (انقلاب الإنقاذ)؟ فقد بدا وكأنه يعطيكم الأوامر من السجن؟
- أبداً، لم يكن لدي إحساس بهذا، فأنا أعرف أن «عمر البشير» كان يميل إلى الوطني الاتحادي ويعتقد أن أفضل رئيس مر على السودان هو إسماعيل الأزهري، وأنه كان شخصية نظيفة ولم يكن يمتلك شيئاً، وحتى منزله في أم درمان شيده له التجار الاتحاديون، وعندما توفي لم يجدوا لديه مالاً، وكان البشير يريد أن يبني الحزب الوطني الاتحادي، لكن الاتحاديين ابتعدوا عنه، فقد أتى بالراحل أحمد زين العابدين مستشاراً، ولكن الاتحاديين لم يتجاوبوا معه. بالنسبة للترابي فقد قال حسبما سمعت: الضباط الذين قاموا بالانقلاب إذا وجدت فيهم نسبة 10% (متدينين) فإنني سأؤيدهم، وفعلاً منحونا (التأييد) في وقت كنا بحاجة إليه..!!
{ إذن أنتم تعتقدون أنهم (الإسلاميين) أيدوكم ولم يقوموا بالانقلاب نفسه؟
- بالتأكيد هو (تأييد)، ولكنهم لم يصنعوا (الإنقاذ)، في النهاية السياسيون لديهم طرقهم في الدخول والتغلغل.
{ ولكن سيد مارتن، في حوار سابق لي مع الشيخ إبراهيم السنوسي، قال إن معظم ضباط مجلس الثورة إسلاميون، وأنهم قاموا بتجنيدهم للحركة الإسلامية، وأن السنوسي هو الذي جند «عمر البشير»، وأن بكري حسن صالح لم يكن يعلم بعضوية البشير في التنظيم الإسلامي رغم أنهما - البشير وبكري- كانا في مكتب واحد؟!
- كلام السنوسي ما صاح.. ده كضب!!
{ لقد ذكرت في حديثك - في الحلقة الأولى - أنك كنت تشعر أن بعض الضباط كانوا يذهبون إلى الترابي سراً حتى (يستشيرونه).. معنى ذلك أنه لم يكن مجرد تأييد بل صناعة للانقلاب؟
- كان الناس يذهبون إليه (باللفة) وأنا كنت لا أعير الأمر انتباهاً، لأن اتجاهي كان واحداً، وهذا هو الأمر الذي سبب لي مشاكل في ما بعد.
{ حسب علمك، من من أعضاء مجلس قيادة الثورة كان يذهب إلى الترابي؟
- لم يكن هناك أعضاء من ضباط مجلس قيادة الثورة يذهبون إليه، ولكن يجوز أن يكون محمد الأمين خليفة أحدهم، أما البقية فأنا متأكد منهم تماماً، لا يذهبون إليه؛ فيصل أبو صالح، وعثمان أحمد حسن، وفيصل مدني مختار، حتى إبراهيم شمس الدين كان متديناً لكنه لا يذهب إليه، وكذلك الشهيد الزبير، وإحقاقاً للحق فقد كانت للزبير مشكلة كبيرة مع علي الحاج أثناء فترة قيادة الثورة، لدرجة أن الأجاويد تدخلوا لحل تلك المشكلة، وأنا الذي أحضرت علي الحاج إلى السودان.
{ مقاطعة: كيف أحضرته إلى السودان؟ أين كان؟
- علي الحاج كان عضواً في البرلمان أيام الديمقراطية، وسافر مع وفد من الجنوبيين إلى الخارج، ويتكون هذا الوفد من علي الحاج، والمرحوم «ماثيو أيور»، وآخرين، وسافروا إلى «لندن» ومن بعد ذلك إلى أمريكا، وذهب هذا الوفد لتوضيح وجهة نظر الجبهة الإسلامية، والجبهة عندما كانت في (المعارضة) استطاعت جذب عدد كبير من الناس، وعلي عثمان في البرلمان كان يقول حقائق، وأذكر حادثة الجنوبيين الذين تم حرقهم في القطار في مدينة الضعين، الجبهة كانت الحزب الوحيد الذي كوّن لجنة تحقيق، فكيف لمواطنين سوادنيين أن يحرقوا بهذه الطريقة! سافر الوفد الذي يضم علي الحاج إلى أمريكا ومن بعدها إلى «لندن» وعندما وصلوا «لندن» كان ذلك في يوم الجمعة 30/6/1989م، يوم الانقلاب، وعندما سمع (علي) بالانقلاب أقام مؤتمراً صحفياً وسبّ فيه (الإنقاذ)، وعلى الفور ذهب بقية أعضاء الوفد، وهم جنوبيون، إلى السفارة السودانية وأبلغوها بالذي حدث فظن (ناس السفارة) أن هؤلاء جنوبيون تابعون للحركة الشعبية ويريدون أن ينضموا إلى الثورة فأرسلت لنا السفارة إشارة ليلاً فقام المستشار القانوني مولانا عبد الرحمن عبد اللطيف بإرسال هذه الإشارة إلى مجلس قيادة الثورة، وجاءني المستشار القانوني الساعة الثانية عشرة ليلاً، وأبلغني بأن إشارة جاءت من سفارتنا تقول إن سياسيين جنوبيين في لندن يريدون أن ينضموا إلى (الثورة)، فطلبت منه أن يريني الإشارة، وعندما قرأت الأسماء في الإشارة قلت له (ديل ما كانوا قاعدين هنا.. قول ليهم يجوا السودان وكل واحد يركب تاكسي إلى بيتو)!!
عندما عقد علي الحاج المؤتمر الصحفي, في نفس اليوم، أنا قابلت الشهيد (أبو قصيصة)، فسألته عن علي الحاج فقال لي: إن علياً قام بسبكم في مؤتمر صحفي. فقلت له مستغرباً: علي الحاج قام (بسبنا) نحن! فقال لي: نعم. فقلت له: (خلاص خليهو يجي البلد حنعمل ليهو شنو؟) وبالفعل ذهبت إلى السيد عمر البشير وقلت له إن علي الحاج بغض النظر عن أي شيء هو صديقنا ودعه يأتي إلى البلاد فوافق (عمر).
{ ماذا حدث بعد ذلك؟
- أبلغت أبو قصيصة بأن يبلغ علي الحاج بأن يعود إلى البلاد، ولكنه لم يأت، وفي يوم 29/11/1989م كنت أنا مرافقاً للرئيس في وفد التجارة التفضيلية (تجارة الحدود) في نيروبي وكان السودان لأول مرة يشارك في مؤتمر لتجارة الحدود (الكوميسا)، وصادف في ذلك الوقت أول جولة للمفاوضات بين الحكومة والحركة الشعبية برعاية جيمي كارتر، ونزلنا في فندق «إنتركونتيننتال» وفي الصباح وأنا في طريقي إلى غرفة الرئيس للاطمئنان عليه وجدت «أبو قصيصة» يتحدث مع الرئيس وقال لي: علي الحاج بسلم عليك! على الفور فهمت ماذا يعني وقلت له: لماذا لم يأت إلى السودان؟ فسألنا الرئيس: (هو لسه ما جاء؟)، وهذه هي العبارة التي كان يريد أبو قصيصة سماعها، فقلت لأبو قصيصة: إنت عاوز تطلعني كذاب أمام الرئيس، أنا قلت ليك خليهو يجي السودان. ثم قلت له: أين هو الآن؟ فقال: في أبو ظبي. فقلت له: كلامك ما صاح «علي الحاج» في نيروبي الآن، وأنت قلت له إن مارتن موجود هنا فأتى إليّ. وبالفعل حديثي كان صحيحاً، فعلي الحاج أخطأ عندما اتصل بي في غرفتي في الفندق، وقلت له (أين أنت) فقال: أنا في أبو ظبي. وعندها قلت له: يا دكتور هذا الرقم هنا في نيروبي!!
{ هل قابلته في نيروبي؟
- لم أقابله لأن المؤتمر مدته يومان وسافرنا بعده.
{ هل قابل الرئيس؟
- لم يقابل الرئيس.. و«عمر البشير» لم يكن يعرفه.
{ هل من الممكن أن يكون ما حدث في نيروبي مجرد مسرحية؟
- أبداً لم تكن (مسرحية) لأن عمر البشير قال لي: «أنا شفت زمان زول قصير كده يتكلم عن أزمة العيش والدقيق عندما كان وزير التجارة في حكومة الصادق!!
{ لماذا كنتم مهتمين بعودة «علي الحاج» إلى السودان؟
- ليس لشيء.. فقد كان صديقاً وهذه طبيعتنا كسودانيين.
{ وبعد أن أتى علي الحاج كيف أصبح وزيراً؟
- حأجيك في التفاصيل، المهم أن علياً عاد إلى السودان وفي تلك الفترة وجدني خارج البلاد في رحلة إلى الهند وماليزيا ويوغسلافيا وإيطاليا وهولندا، وعندما أتى لم يسأله أحد، وأنا وصلت البلاد بعد (21) يوماً، فقام علي بزيارتي الساعة الثانية عشرة ليلاً، فقال لي: الحمد لله إنك جيت (أنا خايف من ناسكم ديل). وفي اليوم الثاني ذهبت إلى السيد «عمر البشير» وقلت له إن «علي الحاج» الذي شتمنا في لندن عاد إلى البلاد ويريد أن يسلم عليك ويشكرك وهذه كانت المرة الأولى التي يلتقي فيها علي الحاج عمر البشير!!
{ أين كان علي عثمان ولماذا لم تعتقلوه؟
- «علي عثمان» كان موجوداً وفي أول أيام مجلس الثورة اتصل به الرئيس عمر البشير، فقلت للسيد الرئيس لماذا اتصلت به، فالناس سوف يعتقدون أنك جبهة إسلامية؟ فقال لي: أنا لست جبهة إسلامية والشخص الوحيد الذي اتصلت به لكي أستشيره هو علي عثمان محمد طه، فقلت له: لماذا؟ فقال: لأن علي عثمان تربطني به علاقة قديمة.
- نواصل-


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.