د. سليمان مصطفى النخيلة - عيادة الباطنية يعرف الصداع بأنه ألم بالرأس أو الرقبة، علماً بأن المخ لا توجد به مستقبلات للألم، ولكن الأجزاء المحيطة به من غلاف السحايا والأوردة والشرايين المغذية له تحمل هذه المستقبلات. ويصنف الصداع إلى قسمين، أولهما عضوي، ويحدث بسبب مرض أو إصابة، ونسبة حدوثه لا تتعدى 10%، ويمكن أن ينتج من ضربة بالرأس أو من حميّات أو أمراض جسيمة، كالأورام بالرأس. وثانيهما صداع غير عضوي، ونسبة حدوثه تفوق أكثر من 90%، ولا يسبّبه مرض، ويحدث بسبب تبدلات فسيولوجية أو وظيفية في مناطق معينة بالرأس، كالأوعية الدموية والعضلات، وهناك أنواع كثيرة أهمها الشقيقة - (أو الصداع النصفي) - وصداع التوتر والعنقودي، وأنواع أخرى تتعلق بنشاط المريض اليومي، مثل الأكل والشرب والنوم والتعرض للتقلبات الجوية ومشاهدة التلفزيون أو القراءة. { أسباب الصداع الصداع العضوي أسبابه، كما ذُكر سالفاً، من مرض معين، كارتفاع ضغط الدم أو الاحتقان العلوي بالرأس، واضطرابات العين والتهاب الأذن الوسطى والتهاب الجيوب الأنفية، ومشاكل الأسنان، والإمساك وصداع قبل الحيض. { التهابات لها علاقة بالصداع نتحدث عن نوع من هذا الصداع العضوي وهو اضطرابات العيون، فالعين عضو حساس جداً بسبب وجود مجموعة كبيرة من الأعصاب تتصل بالمخ، وهناك التهابات مثل : 1/ التهاب الملتحمة (حافة العيون وغشاء مقلة العين). 2/ خُرّاج أو دمل الجفن عند منبت أو جذر الرموش. 3/ قصر أو انحراف البصر. 4/ النظارات الجديدة إذا سببت ضغطاً على الأصداغ أو الأنف 5/ الجليكوما (الماء الأسود) وأيضاً التهاب عصب خلف المقلة. { الصداع النصفي أما الأسباب التي تنتمي إلى الصداع غير العضوي فنأخذ (الشقيقة)، أو الصداع النصفي، كما هو متداول بين المرضى، فهي متلازمة أعراض تسبب عادة ألماً في أحد شقي الرأس تدوم ما بين الساعة وثلاثة أيام، ويصاحب هذا الألم عدة أعراض منها اضطرابات عصبية وسمعية وصوتية، وأحياناً اضطرابات معوية كالغثيان والقي. (الشقيقة) نسبة حدوثها أكثر عند النساء من الرجال، وقد يوجد عامل وراثي، ويتميز الصداع النصفي بتمدد الشرايين والأوردة الكبيرة وتقلص الأوعية الدموية الصغيرة التي توصل الدم إلى لحاء المخ، فيؤدي تقلص الأوعية الصغيرة إلى نقص في تغذية لحاء المخ والأماكن المجاورة، وتسبب اضطرابات بصرية وأحاسيس أخرى. { تشخيص الصداع النصفي لمعرفة وتشخيص الشقيقة نجد أن هذا النوع من الصداع له مراحل عدة: المرحلة الأولى مرحلة الإنذار المبكر، والمرحلة الثانية مرحلة النسمة أو الأورا، والمرحلة الثالثة مرحلة المعاناة أو الألم، والرابعة مرحلة انحسار الألم، والمرحلة الأخيرة ما بعد النوبة. وتتفاوت هذه المراحل من شخص إلى آخر.. فمرحلة الإنذار يكون فيها المريض في حالة تعب غير عادي وتثاؤب وتقلبات في المزاج، كالاكتئاب والرغبة في تناول أطعمة معينة.. وفي مرحلة النسمة يحس المريض باضطرابات نفسية وبصرية، كمشاهدة أنوار ساطعة أو قوس نور، وأحياناً تكون الاضطرابات سمعية، وقد يكون هناك إحساس بالخدر والبرودة في الذراع أو الوجه. وفي مرحلة المعاناة بالألم يشعر المريض بالصداع حول العين أو الجبهة، ويتزايد الألم ويأخذ فترة طويلة، ويكون عادة في جزء واحد من الرأس، وقد ينتقل إلى جانب آخر، ويصاحب الألم دوار أو قيء. وفي مرحلة الانحسار يعتبر النوم لبعض الوقت أكثر فاعلية لإنهاء نوبات الشقيقة، وتزول الأعراض ببطء عند التقيؤ. أما في مرحلة ما بعد النوبة فيشعر المريض بالانهاك والتعب والبعض يشعر بالراحة. والشقيقة لها نوعان، أولهما الشائعة، وتتميز بخلوها من النسمة (الأورا)، والثانية التقليدية وتتميز بوجود النسمة، والعلاج يكون بالمسكنات ومشتقات الايرفوتمين . ونأتي إلى صداع التوتر، ويكون في شكل حزام ضاغط على الرأس وألم مستمر يتمثل في صورة شد حول الجبهة وخلفية الرأس نزولاً إلى الرقبة، وهذا النوع من الصداع الأكثر شيوعاً، ويمثل حوالي 30 - 80%، والظروف الحياتية هي السبب الأول، فالضغوط النفسية كالحالة المادية والاجتماعية تؤدي إلى هذا الصداع، وفيه تحدث تغيرات في كيمياء الجسم، وأعراض صداع التوتر تختلف عن الشقيقة في أنه لا يصاحبه شعور بالغثيان أو رغبة في القيء، وفيه يكون الألم مستمراً في الرأس مع عدم وجود خفقان، ثم شد حول الجبهة في ما يشبه (الكماشة)، مع ألم في خلفية الرأس يمتد إلى الرقبة، ويستمر هذا النوع ما بين نصف ساعة إلى بضعة أيام، وقد يتكرر بصورة مزمنة، والتشخيص دائماً يكون بالأعراض مع وجود الأسباب، كالضغط النفسي أو القلق والاكتئاب، وعليه يعتبر العلاج بالمسكنات وبالعلاج النفسي. ويعتبر الصداع العنقودي أكثر أنواع الصداع حدة في الألم، ويعرف بأسماء كثيرة منها الصداع النصفي الأحمر أو التهاب الأعصاب النصفي المتقطع، ويبدأ عادة في أواخر العشرينات من العمر ويصيب الذكور أكثر من الإناث، وتأتي نوبات الصداع على هيئة مجموعات من الصداع تحدث مرة أو مرتين في السنة، وتستمر النوبة لمدة شهرين أو ثلاثة أشهر، وتعتبر دورية الصداع العنقودي من أهم علامات التشخيص.