{ رغم أن جواز سفري يحمل (4) تأشيرات إلى المملكة المتحدة، آخرها صالحة للزيارة (المتعدّدة) لمدة (عامين)، ومازالت سارية لعدة أيام قادمة، وهذا (كرم حاتمي) من السادة (الإنجليز) تجاه شخصي الضعيف، لا يقل عن كرم إخوانهم (الكبار) السادة (الأمريكان) - الكبر هنا لا يعتمد التاريخ معياراً - فقد وجّهت لي وزارة خارجية الرئيس «أوباما» دعوة رسمية لزيارة بلاد (الدنيا الجديدة) العام الماضي، وتزيّن جواز سفري بتأشيرة من نوع (J1) الخاصة، غير أنني - للأسف - لم أتمكن من تلبية الدعوة (الأمريكية) الكريمة، وبقي (الجواز) لديهم لأسابيع طويلة لإهمال منّي، فأعادوه إليَّ بعد أن ختموا على التأشيرة بعبارة (Cancelled)!! { أقول رغم أن السادة (الإنجليز) وعامة ممثلي (الاتحاد الأوربي) وإخوانهم (الأمريكان)، لم يُقصّروا معي - والحق يقال - في ما يتعلق بالدعوات، والتأشيرات، والاطلاع على هذه الصحيفة، وترجمة هذه (الزاوية) وإرسال مقالاتها إلى جهات الاختصاص في بلادهم، حسب ما تواتر لديَّ من معلومات، إلاَّ أن كل هذا وذاك لا يمنعني، أو يلقمني حجراً، فأسكت على (تخرُّصات) سعادة السفير البريطاني بالخرطوم المستر «نيكولاس كاي»، طمعاً في (تأشيرة) يسيل لها لعاب الكثيرين، أو أملاً في (دعوة) ينتظرها بعض الوزراء ووزراء الدولة، ناهيك عن الصحفيين والأطباء والمهندسين ورجال المال والأعمال!! { السيد السفير «كاي» تجاوز خطوط الدبلوماسية (الحمراء)، وصار يرسل مؤخراً مقالات راتبة إلى بعض صحف «الخرطوم» تشبه مقالات أدعياء النضال من زمرة (اليسار) المستأنس من بقايا مشايعي «باقان» و«عرمان» و«الحلو» المطلوب للعدالة بموجب اتهامات بإثارة الفتنة، والحرب ضد الدولة، وقتل المدنيين وتشريدهم. { «نيكولاس كاي» حاول في مقاله الذي نشرته الزميلة (الصحافة) أمس الأربعاء (15/ يونيو/2011) أن يرسل إشارات تحذيرية، ورسائل (تخويفية) لقادة الدولة والقوات المسلحة مستخدماً فزّاعة المحاكم الجنائية والعدالة الدولية!! يقول «كاي»: (بينما كنت أشاهد طائرات «الانتينوف» يجري تحميلها بالقنابل، وطائرات «الميج» عائدة من مهمة في ولاية جنوب كردفان يوم «الجمعة» الماضي، انتاب قلبي الحزن). أشار المقال إلى لقاء الرئيس «البشير» و«سلفاكير» في «أديس أبابا» وقال إن آمال الملايين من السودانيين بأيديهما. غير أنه أكد أن (القتال لا يزال مستمراً، ولن يتحقق السلام باتباع الحل العسكري الذي يترك آثاره السيئة على المدنيين). وأضاف: (هناك تقارير متزايدة عن تعرض المدنيين للقتل من جانب واحد، أو آخر على أساس انتمائهم السياسي أو أصلهم العرقي). ختم السفير البريطاني مقاله بالآتي: (إذا ثبتت صحة هذه التقارير، ستكون هناك حاجة لتقديم المسؤولين عنها للمساءلة، وسوف يكون للعدالة يومها)!! { إنها ذات الكلمات والإشارات والتهديدات التي ظل ترسلها حكومات أمريكا ودول (الاتحاد الأوربي) طيلة سنوات الحرب في (دارفور) ابتداءً من العام 2003م وحتى يومنا هذا..!! إذن.. هم يريدون تكرار نفس السيناريو، بذات الخطة!! { ولكن دعوني أسأل سفير جلالة الملكة «اليزابيث» الثانية (مولودة في 21 أبريل 1926، وتولت الحكم منذ العام 1952 - قبل استقلال السودان من المملكة بأربع سنوات - ومازالت في الحكم حتى الآن)!! دعوني أسأل سعادته الذي قال (لن يتحقق السلام بالحل العسكري).. حسناً.. بل صحيح تماماً ما ذهبت إليه، ولكن هل لجأت «بريطانيا» إلى (حل) غير (عسكري) في حسمها للصراع على جزر (فوكلاند) المتنازع عليها مع دولة «الأرجنتين» منذ إعلان الأرجنتين سيادتها على الجُزر عام (1816م)، وإلى استعادة بريطانيا لسيطرتها على الجُزر في العام (1833)، وانتهاء باندلاع الحرب بين الدولتين في العام 1982؟! { ألم يُعرض الخلاف على مجلس الأمن في العام 1958؟ ألم توصي الأممالمتحدة في «21» سبتمبر عام 1964 بإجراء (مفاوضات) بين بريطانيا والأرجنتين حول ملكية الجزر؟! هل احترمت بريطانيا قرار الأممالمتحدة بالنزول إلى (الحل السياسي)؟! { صحيح أن «الأرجنتين» بقيادة الجنرال «جالتيري» هي التي بدأت الحرب وغزت الجزر في 2/ أبريل /1982، تماماً كما فعلت قوات «الحركة الشعبية» في جنوب كردفان بقيادة «عبد العزيز الحلو»، ولكن ماذا فعلت بريطانيا سيدي السفير؟ هل أرسلت طائرات (الأنتينوف) المتهاكلة إلى «فوكلاند»؟! أظنك تعلم ماذا فعلت بريطانيا.. وينبغي أن تصمت.. ولا تنصِّب نفسك (حكيماً) على شعب وحكومة السودان بعد اليوم. { استمرت الحرب في (فوكلاند) مدة (73) يوماً، قتل الجيش الملكي البريطاني فيها (649) جندياً أرجنتينياً، وجرح الآلاف وأسر المئات. { (350) جندياً من جملة (20) ألف جندي أرجنتيني شاركوا في الحرب، انتحروا.. نعم انتحروا يا سعادة السفير المبجل!! { وزارة الدفاع البريطانية أكدت في تلك الأيام أنها أرسلت سفناً حربية تابعة للبحرية البريطانية محملة بأسلحة (نووية)!! تراجعت الوزارة لاحقاً عن استخدام تلك الأسلحة، لكنها ظلت مُحمّلة على السفن حتى نهاية الحرب!! أسلحة (نووية) وليس قنابل «أنتينوف» و«ميج» يا سعادة السفير. { حسمت بريطانيا الصراع (عسكريّاً) ومازالت جزر «فوكلاند» تابعة لحكم الملكة «اليزابيث» الثانية حتى الآن.. رغم أنها - فوكلاند - تبعد أكثر من (12) ألف كيلومتر عن بريطانيا، بينما تجاور الأرجنتين، إذ لا تبعد عنها سوى (250) ميلاً فقط..!! { عفواً.. سعادة السفير، تحتاج القوات المسلحة السودانية أن تتعلم من تجاربكم في «فوكلاند» و«ايرلندا»، دعك من تاريخ الاستعمار الحربي في السودان، ومصر، والهند، وباكستان، وأغلب بقاع الدنيا في زمن الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس. { التلويح بالمحاكمات الدولية لم يعد مفيداً، فرأس الدولة والقائد الأعلى للجيش مطلوب لدى عدالتكم - عدالة الاتحاد الأوربي - فهل تتألم الشاة بعد ذبحها؟ وهل يخاف (كبار) و(صغار) الضباط في الجيش السوداني من حكم حاكمتم به (المشير) البشير، ومنعتم عنه - بالحصانات - الجنرالات «اسحق شارون»، و«شاؤول موفاز» و«إيهود باراك»، و«بوغي يعالون» و«جابي اشكنازي»، وغيرهم من قادة عمليات (الإبادة) و(جرائم الحرب) في فلسطين ولبنان، على مدى عقود من الزمان؟! { على القوات المسلحة السودانية أن تحسم عملياتها العسكرية في جنوب كردفان خلال الأيام القليلة القادمة، بإنهاء (التمرد) في هذه الولاية، كما عليها الإسراع في تأمين ولاية النيل الأزرق ومحاصرة وتفكيك معسكرات (الجيش الشعبي) غير الشرعية جنوب «الكرمك»، حتى لا تؤخذ مرةً أخرى على حين غِرّة. { تطاول زمن (العمليات) يؤدي إلى آثار إنسانية سيئة، كما يفتح المجال لتدخلات (أجنبية) و(داخلية) تحت لافتات (المبادرات الوطنية)، والوساطات الدولية والإقليمية، المصحوبة بالإدانات الغربية وبيانات الوعيد والتهديد. { يجب أن يبقى الجيش (السوداني) في «أبيي» على أن تطارد وحداته فلول «الحلو» في (جبال) كردفان، جبلاً جبلاً، وحفرة.. حفرة، وليشرب «أوباما» ومبعوثه اليهودي «ليمان» من المحيط الأطلسي، فإنهما لا يملكان لنا ضراً بالفصل السابع أكثر مما أضرّانا بتقسيم بلادنا وتفجير شمالنا من دارفور إلى كردفان. { يحتاج الرئيس «البشير» أن ينهي خدمات فريق (نيفاشا) بحلول التاسع من يوليو.. غفر الله لهم.. وتاب عليهم. { ويحتاج السفير «نيكولاس» إلى (إجازة) يمضيها في لندن.. يعود بعدها بأفكار جديدة، ورؤية مختلفة.. ودامت الصداقة بين الشعبين السوداني والبريطاني، الذي بنى لنا الكباري وخطوط السكة الحديد ورئاسات الوزارات والمحافظات والقصر الجمهوري وجامعة الخرطوم، وأنشأ لنا مشروع الجزيرة (المجني عليه)..!!