من خلال هذه المساحة نتوقف مع الحاجة عواطف إسماعيل، امرأة سبعينية من نساء القرى الفُضليات. كانت تذهب لتجلب الماء و(تفزع) مع جاراتها لجلب الحطب، ذهبت إليها في منزلها الكائن بمدينة الخرطوم وحرصت على الذهاب في الميعاد المحدد. استقبلتني بابتسامتها البشوشة ورحّبت بي اقتربت منها وهنأتها بقدوم الشهر الكريم ثم طلبت منها أن تحكي لي عن رمضان كيف زمان وما هي التفاصيل التي اختلفت، ضحكت ثم قالت: (رمضان زمان كان جميل بكل ما تحمل الكلمة من معنى، كان يختلف عن الآن كثيراً). { يُقال أن رمضان في الولايات يحمل نكهة خاصة ومختلفة؟ أجابت: (بالتأكيد رمضان في الولايات يختلف تماماً عن رمضان في العاصمة الذي يكثر فيه النوم بدلاً عن العبادة ويصاحبه التذمُّر، لكن رمضان في الولايات جميل بلمة الأهل والجيران وتلقى الليلة الفطور كل يوم في بيت زول معيّن وأجمل ما فيه العشاء تحت ضوء القمر لما الكهرباء لسه ما دخلت في البلد وتقوم والدتنا عليها رحمة الله تصحينا عشان نتسحر بالرقاق باللبن أو الأرز باللبن). { سألتها أحكي لنا عن التجهيز لرمضان كيف يكون وبماذا كنتم تستقبلونه؟ قالت: التجهيز طبعاً كان يبدأ بعواسة الآبري. ودا ذاتو يا بتي، كان مراحل، كنا نزرع الزرِّيعة ونكوجِن الآبري ونعوس بالمشاركة بين أهلنا وجيرانا، بعد ذلك نجيب البصل ونقطعوا إلى شرائح وننشِّفوا ونسحنوا ونجهز البهارات ونسحنها. كنا يا بتي، بنستعد تمام لرمضان ونمشي السوق نجيب العدة، وشايفة هسه برضو بعملوا كدا لكن التحضير لرمضان بقى مسيخ ما عارفة ليه؟ { فأجبتها قائلة: يمكن عشان دخلت العولمة في حياة الناس! فقالت أكيد لأنو زمان كان الناس بعد ما تفطر بقعدوا مع بعض ويتسامروا ويحكوا لي بعض الأشياء المرت عليهم في يومهم لكن هسه الناس بعد الفطور بقوا يتفرقوا الماشي عندو مسلسل يحضرو والعندو برنامج منتظرو عشان كدا الناس انشغلت من بعض والحياة فقدت طعمها والحاجات الجميلة فقدت رونقها وجمالها. { سألتها قائلة عاجبك رمضان رغم أن زمان كانت الحياة قاسية وفيها معاناة؟ قالت: رمضان أيوه كان في زمن صعب من ناحية إنو الحياة بدائية لكن كانت الدنيا بي خيرها وأي شيء راقد ومتوفر مش هسه كيلو الطماطم بقى بي 12جنيه!! { فقلت لها: كدي وريني يا حبوبة المناسبات في رمضان بتكون كيف؟ أجابت: طبعاً المناسبات بتكون عادية وأكثرها طبعاً سمايات لأنو مافي زول بعمل عرس في رمضان يا هو بنشتغلها كلنا مع بعض نحن ناس المناسبة. { ماذا تعلمتي من حبوبتك ووالدتك؟ اتعلمت من أمي وحبوبتي والله الكثير والحمد لله، كلو علمتو لي بناتي وأحفادي، أهمّ حاجة اتعلمتها منهم إنو أعتمد على نفسي وأشيل مسؤوليتي ومسؤولية غيري. { أخيراً يا حبوبة بتقولي شنو لكل الشعب السوداني؟ بقول ليهم رمضان كريم وتصوموا وتفطروا على خير وإن شاء الله يعود عليهم بالصحة والعافية.