{ من بين الوزراء المرافقين للرئيس «سلفاكير ميارديت» في زيارته للخرطوم، وزراء ما زالوا غارقين في (دوائر) مراراتهم الشخصيَّة، والتزاماتهم (المحليَّة) الضيِّقة، وأبرز هؤلاء وزير مجلس الوزراء بحكومة الجنوب السيِّد «دينق ألور» الذي حاورته (الأهرام اليوم) في هذا العدد. «ألور» لا يتحرَّك في فضاء دولة (الجنوب) بكل امتداداتها، وطموحات سكَّانها بمختلف القبائل والسحنات والجهات، ولكنَّه يصرُّ أن يحبس نفسه، بل ويحبس كل (دولة الجنوب)، في مشكلة «أبيي»..!! { «دينق ألور» محبوس في سجن «أبيي»، ويريد أن يرهن حل كل المشكلات بين الشمال والجنوب، بحل مشكلة «أبيي» لصالح رؤيته ورؤية «دينكا نقوك»..!! { «ألور» يعترف في حواره لصحيفتنا بأنَّ هناك (6) ولايات جنوبيَّة (حدوديَّة) مع الشمال، تعاني من أزمة في الغذاء بسبب إغلاق الحدود، مشيراً إلى أن الولاياتالجنوبيَّة الأخرى المرتبطة بشرق أفريقيا (إثيوبيا، كينيا ويوغندا) لم تتأثر..!! إذن.. لماذا تتفرَّج على مواطنيك بالملايين هم يجوعون.. وأنت تبحث عن حل لمشكلة (بضعة آلاف) من أهلك «دينكا نقوك»..؟! { إذا كان الفريق «سلفاكير» قد جاء إلى «الخرطوم» مدفوعاً بزعم أنَّ السودان بحاجة إلى (دولار)، وأنَّه يعاني أزمة (نقد أجنبي)، وبالتالي فإنَّه (الوقت المناسب) للضغط على الرئيس البشير وحكومة السودان، لتمرير مقترحات الحل القديمة المرفوضة في ما يتعلَّق بمنطقة «أبيي»، والسماح بوجود (الجيش الشعبي) في جنوب كردفان والنيل الأزرق كقوة (شرعيَّة)، فإنَّ الرئيس «سلفاكير» سيعود - لا محالة - إلى «جوبا» خائباً.. حسيراً، يتفرَّج على (المجاعة) التي ضربت أنحاء واسعة من جمهوريَّة (جنوب السودان)!! { الأفضل للرئيس «سلفاكير» ولشعبه أن يبدأ من حيث انتهى إليه حال مواطني (6) ولايات في جنوب السودان، وألاَّ يضيع الوقت في الحديث عن متبقيات اتفاقيَّة (نيفاشا).. فموضوع (الحدود) ليس أمراً معقَّداً، ويمكن التوصُّل فيه إلى حلول، وأرض الله واسعة في الدولتين، وموضوع «أبيي» كذلك يمكن تسويته بعد أن تهدأ الخواطر، ويستتبُّ الأمن في ولاية جنوب كردفان، فمنطقة «أبيي» لا ينبغي أن تكون أرضاً (مقدَّسة)، لا للشماليين، ولا للجنوبيين، ولذا فإنَّ قسمتها ممكنة، وقفل ملفها واجب، ولكنَّ القضايا الأكثر إلحاحاً، هي (المجاعة) في الجنوب، وحسم اتِّفاق تقاسم عائدات البترول حسب النسب المطروحة للنقاش، قضايا الاقتصاد لا تتأجَّل، لأنَّ مرور كل (ساعة) يعني موت مواطن جنوبي، وتأثُّر حياة آخر في الشمال، وهنا لا تنفع سياسة (الابتزاز) التي يسعى «دينق ألور» وآخرون إلى تمريرها عبر أجندة هذه الزيارة (النفط مقابل أبيي)!! { إمَّا أن يكون الفريق «سلفاكير» (رئيساً) لجمهوريَّة جنوب السودان، أو أن يظل (مرؤوساً) لمجموعة (دينكا أبيي) في الحركة الشعبيَّة..!! وهذا ما ستسفرُ عنه نتائج هذه الزيارة.