منذ أكثر من (11) عاماً يعمل عابدين خضر محمود «درمة»، ضمن طاقم البعثة الرسمية للسودان على دفن الحجاج السودانيين في مقابر الشرائع والمعلا بمكة المكرمة والبقيع بالمدينةالمنورة في المملكة العربية السعودية، لا يقتصر دوره على ستر جثمان أهل بلده بل يتعداه إلى أمة الإسلام بمختلف جنسياتها، وخلال موسم الحج شارك درمة مع آخرين على إكمال إجراءات دفن (6) من حجاج بيت الله الحرام بعد أن صلوا عليهم صلاة الجنازة في الحرمين المكي والمدني تسبقهم الدعوات أن يتغمدهم رب البيت بواسع رحمتهم. درمة لفت نظره أن وجوه الحجاج السودانيين الكاشفة - بعد إحرامهم لأداء الشعيرة - كانت تعلوها ابتسامة مشرقة وأيام التشريق لم تنقض بعد. يقول درمة ل(الأهرام اليوم) التي التقته في المدينةالمنورة عقب جولتها معه في مقبرة البقيع: «خلال هذا الموسم دفنت كل من الحاجة آمال علي أحمد من قطاع الخرطوم، التي توفيت عقب عودتها من الحرم، وعبد الوهاب أحمد إبراهيم من قطاع بحري، الذي توفي عقب الإفاضة من جبل عرفات، والتومة إبراهيم وموسى جابر هاشم من قطاع المؤسسات، ومريم حسن محمد من قطاع الخرطوم، وفاطمة محمد عبد الله من قطاع الخرطوم، وهؤلاء جميعاً بخلاف الحاجة آمال كانوا في (منى). ويدخل درمة في جوف أحد القبور بالبقيع ويتمنى أن يكون له ويقول: «ربنا يجعلنا من أهل البقيع ونتمنى أن نجاور حبيبنا المصطفى صلى الله عليه وسلم.» ويبدي درمة حزنه على فقدان أهل السودان للشيخ الطاهر أحمد عقار، الذي انتقل إلى الدار الآخرة من المدينةالمنورة بعد إقامة امتدت لنصف قرن من الزمان، ويثني عابدين عليه بأنه من أهل الخير، كان يفتح داره للجالية السودانية ويكرم أهل بلاده. وينقل درمة تجربة موارة الثرى للأطفال داخل مقابر البقيع من خلال دفنهم فوق صدور الرجال المتوفين في قبور عامة، ويتمنى درمة أن تنتقل هذه الطريقة إلى كل العالم الإسلامي. وكان النائب الأول لرئيس الجمهورية؛ علي عثمان محمد طه، قد مازح عابدين درمة عندما التقيا سويا في المدينةالمنورة وسأله عن عدد المتوفين من الحجاج السودانيين. ومعروف أن درمة قد قام بدفن الكثير من الشخصيات السياسية والرموز الاجتماعية والفكرية في مقابر مختلفة بولاية الخرطوم ولديه الكثير من القصص والحكايات التي لم تنشر بعد.