توقفت السيارات التي جاءت منطلقة بسرعة هائلة في بهو القصر الجمهوري واحدة تلو الأخرى.. تفصل بين وصول إحداها عن تاليتها بضع دقائق.. من خلف زجاجها المعتم لا تكاد العين تلحظ من بالداخل.. تقل كل سيارة منها مساعداً لرئيس الجمهورية أو مستشاراً وطاقم حراسة برفقته.. تسارع الضيافة بفتح الأبواب ليترجل في لحظات في كامل هندامه. عقارب الساعة اقتربت من الواحدة بعد ظهر الأربعاء.. جلال الدقير كان في مقدمة من وصلوا إلى القصر. دقائق معدودات وإذا بسيارة جيم أمريكية فخمة يترجل منها نجل الميرغني جعفر محمد عثمان بصحبته القيادي الاتحادي الذي تم تعيينه مستشاراً لرئيس الجمهورية محمد مساعد، ومجموعة كبيرة من قيادات الاتحادي الديمقراطي وطاقم الحراسة. جوار نافورة القصر كان نجلا الصادق المهدي العقيد عبد الرحمن الصادق وبشرى الصادق وعدد من قيادات حزب الأمة القومي. تلا ذلك حضور أحمد بلال عثمان، فريدة إبراهيم، رجاء حسن خليفة، د. غازي صلاح الدين.. أما الدكتور مصطفى عثمان إسماعيل فقد كان آخر من وصل إلى ردهات القصر الجمهوري بسبب انشغاله مع وفد مستثمر زائر للبلاد. اتخذ الكل مكانه داخل صالون (الشهيد الزبير) بالقصر واستقبلهم وزير رئاسة مجلس الوزراء الفريق أول ركن بكري حسن صالح في انتظار اكتمال المراسم للشروع في أداء القسم. { تجاوزت الساعة الواحدة بدقائق داخل القاعة التي كان فيها رئيس الجمهورية المشير عمر البشير بالقصر الجمهوري وبمعيته رئيس القضاء مولانا جلال الدين محمد عثمان، حيث دلف مساعدو الرئيس ومستشاروه الذين وقع الاختيار عليهم، وتبادل الجميع السلام والتحية. { بعدها تقدم الجميع قبالة منضدة وضع عليها المصحف وعلى يمينه ورقة مكتوب عليها صيغة القسم وكذا الحال تم مع مستشاري الرئيس. أقسم بالله العظيم.... بنهاية آخر كلمة في القسم بدأ التكليف الرئاسي للمساعدين والمستشاريين ليدخلوا مرحلة المسؤولية والتحدي في تنفيذ المهام الموكلة إلى كل مسؤول منهم في منصبه. { أخي اشدد به أزري { عبد الرحمن الصادق المهدي دخل إلى القصر الجمهوري أمس (الأربعاء) لأداء مراسم القسم في حضرة نفر من أهله وأنصاره بينهم شقيقه ملازم أول بشرى، كما سبقت الإشارة. العبارات التي ساقها نجل المهدي في تصريحاته عقب أداء القسم يظن أنها كافية لإرسال رسالة بأن الرجل جاء بسند المؤسسة العسكرية التي ما زال يعمل بها عقيداً في القوات المسلحة السودانية، وإن بدت موروثات والده المهدي الأب الفكرية واللغوية ملازمة له هي الأخرى، حينما قال إنه قبل المهمة الموكلة إليه من موقعه كضابط بالقوات المسلحة السودانية حرصاً على المصلحة الوطنية والتزاما ببذل أقصى الجهد لتحقيقها. { رغم أن الابن حاول الخروج من جلباب الأب إلا أن معتقدات والده المهدي الذي يقود حزب الأمة المعارض للنظام قفزت بين ثنايا كلماته حينما قال: سأكون دائماً حريصاً على تحقيق السلام الشامل والعادل والتحول الديمقراطي الكامل والنهج القومي ما استطعت إلى ذلك سبيلاً. { العقيد عبد الرحمن حاول جاهداً التبرؤ من الانتساب إلى حزب والده الأمة وقال: "إنني من موقعي الحالي لا أمثل حزباً ولا أمثل والدي الإمام الصادق المهدي الذي أعلن وحزب والأمة موقفهما المؤسسي، ولكني أمثل شخصي وقناعاتي ومجهودي الذي أقدمه لوطني وأنا أطمع في الأجرين لو أصبت وفي الأجر الواحد إن أخطأت بالله التوفيق وعليه الاتكال". { عبد الرحمن الذي جاء في كامل بزّته العسكرية بادر فور دخول الفريق أول ركن بكري حسن صالح إلى صالون الاستقبال بالقصر الجمهوري برفع التحية العسكرية، عندها داعبه الفريق بكري قائلاً: "دي آخر تحية، بعد أداء القسم دا حتكون مساعد لرئيس الجمهورية".. مقدم العقيد عبد الرحمن بزيه العسكري أثار التساؤلات وسط الحضور في داخل قاعة انتظار الصحفيين، وتبادل البعض الهمسات: هل الأمر بروتكولي أم أنه غير ذلك، خاصة أن كل مساعدي ومستشاري الرئيس ارتدوا الإفرنجي أو جلبابا حتى نجل الميرغني جعفر محمد عثمان حاول الخروج عن (عباءة) والده بارتدائه البدلة. { نافع الغائب الحاضر { مساعد رئيس الجمهورية ونائبه في رئاسة الحزب الحاكم الدكتور نافع علي نافع حال وجوده خارج البلاد للمشاركة في المؤتمر العام لحزب (أمنو) الماليزي الحاكم - الذي افتتح أعماله أمس بالعاصمة كوالالامبور - دون حضوره مراسم أداء القسم. { الدقير وصورة الجرايد (الشينة) { مساعد رئيس الجمهورية د.جلال يوسف الدقير بعد أداء القسم جاء إلى مكان وجود الصحفيين بالقصر الجمهوري. حينما فرغ الدقير من تصريحاته أوقفه المصورون فانتهزها سانحة ليرسل طلبه ضاحكاً (ياخي صوروني صورة سمحة ناس الجرايد ديل بنزلوا لي صور شينة خلاص). { جعفر الميرغني.. أزمات وولايات في الخاطر { نجل الميرغني مساعد رئيس الجمهورية جعفر محمد عثمان بعد أداء القسم أدلى بتصريحات صحفية من مسودة صغيرة حمراء اللون مستعرضاً عدد من المهام الداخلية المنتظرة والسعي الحثيث لإيقاف الحرب وتحسين الأوضاع.