ماذا لو أن الماضي ينتهي بفقدان ذاكرة الأحزان؟ ماذا لو أن كل ما عداك يحترق ليمنح دفء احتراقه لحياة آتية هي أنت؟ ماذا لو أنك منحتني الإذن لأبقى داخلك أبداً، أنا لست مثل (الإبرة) التي تمارس الصعود والهبوط لترتق جرح الزمن ثم تغادره بعد أن يتعافى، لذلك دعني معك حتى النهاية - تباً - أي نهاية هذه التي كتبتها لتوي؟ ألم أعاهدك على البقاء حتى بعد الموت؟ إذن حتى النهايات تغادر نحو بيت البداية متى ما كان الحديث عن عشقنا المنحوت في جدران المستحيل! أي وقت هذا الذي مر من عمري دون أن تمنحه إذن المرور؟ وأي فرح ذلكم الذي ولى وما ترك إلا أشلاء ضده قبل أن نلتقي؟ (قبل أن نلتقي)، كانت السماء فلسفة الأفق المتسع، والفضاء حبل وصل بينها والأرض، النهارات كانت كتلة دمع تجتهد الشمس لإرسالها كل صبح وتفشل عند المساء حينما يرهقها البكاء، فتغمض جفنيها لتنام، الليالي كانت مكان نزول وحي الحزن حتى الصباح، وحينما تستعيد الشمس رباطة جأشها تمارس البكاء من جديد، باختصار، قبل أن ألتقيك كنت أناوب الشمس في البكاء فهي تبكي الشعاع نهاراً، وأنا أذرف ماء العين ليلاً لنحافظ على توازن الذات، والآن جئت توازناً لمعطيات بقائي، ولم يبق للشمس سوى أن تشتاق لمناصفة أحزانها مع أنثى أخرى لم تعثر على آدمها بعد، وربما قدر النساء معاشرة الأحزان لحين قدوم العيد، وربما تظل الأعياد في قدومها مراراً وتكراراً، ولكن هنالك عيد واحد يترك بصمته في القلب لأنه العيد المنتظر. فيا عيدا بعت عمراً مضى في انتظاره، أهلاً بك في مدينة أحلامي واقعاً يمنح توقيعه لي فرحاً لا يندمل. أهلاً بك ضوءاً يكتسح مساحات الظلمات ليجنبني حرج السباحة في دمع الشمس. أهلاً بك نوماً تكتحل به عين السهر لتراه في النوم خفية. أهلاً بك هنا بين الجوانح.