كما أن هنالك لافتة تحذيرية (السائق تحت التمرين) يفترض في المقابل أن هنالك لافتة تعلق على صدر كتابات (المحرر تحت التمرين)، فبعض كتابات المبتدئين تخذلها (عمق الفكرة وحصافة التناول) وفي بعض الأحيان حسن المقصد، فتصبح لها ضحايا وجراحات، جراحات أخطر من تلك التي تسببها حوادث السير، فقد تجبر الكسور ولا يجبر (كسر الخاطر)، أن تتوفر لبعضهم (سوء النية مع سوء المعالجة)، فتلك مصيبة باهظة، فعلى الأقل أن محرر تلك الصحيفة الرياضية يحتاج بأسرع ما تيسر إلى لافتة (محرر تحت التمرين)، وعلى القراء التوغل بحذر في القراءة! بعد أن حشدت مشاعري واستدعيت كل مستودعات معلوماتي وذكرياتي لأكتب في مواسم (العودة إلى الحركة الإسلامية) بكائية باهظة، وذلك تحت عنوان (النسخة الأصل من الحركة.. هل بقيت مع أكثرية المؤتمر الوطني.. أم ذهبت مع الشيخ المؤسس)! لكني تراجعت مخلفاً بعض ذكرى، كتلك التي كنا نكتبها بالفحم على حوائط الغياب وجدران النسيان والاشتياق.. (حضرنا ولم نجدكم.. ولا ينقصنا سوى عدم رؤياكم الغالية)، فالتاريخ لا يكرر نفسه، والرأي عندي أن كل نسخ الحركة الإسلامية قد نفدت من أسواق الفكر، وسنن الله في خلقه وشئونه لا محالة ستفرز (مجددا قادماً) يبدأ من حيث انتهت الحركة والكيان والحزب.. والله أعلم. الأستاذ كمال عمر يقول في المؤتمر الوطني ما لم يقله مالك في الخمر، يقول (أكون نصرانياً أو يهودياً ولا أكون مؤتمر وطني)، وأقول، والحديث لمؤسسة الملاذات، الجناح الفكري، إن هذا التصريح الأخير للأستاذ عمر لا يصلح لبناء خط في صحافة الخرطوم لأن الخبر في هذه الحالة أن يقول السيد عمر شيئاً إيجابياً في الموتمر الوطني، وللذين لا يعلمون أن هذا التصريح مربوط بما يجري على جبهات القتال، فمطلوب من أصدقاء الحركة الشعبية في الداخل تسخين الساحة، هذا نصيبهم من التصعيد ويكون المؤتمر الوطني قد بلع الطعم إذا أخذ الأستاذ عمر إلى أي مخفر تساؤل، أو أن يتيح لقائد في وزن دكتور نافع ليعلق على ما قال، هكذا تولد تعليقات كمال عمر ميتة فيهبها تارة المؤتمر الوطني الحياة بترويجهم لها عند التعليق.. فالأستاذ عمر والحال هذه سيذهب أكثر في ممارسة المزيد من الاستفزازات وهل يا ترى ستهب الإنقاذ المناضل كمال عمر سطراً غالياً إذا ما اعتقلته، فسيرة الساسة السودانيين الأصلية تكتب وتوقع في سجن كوبر!. طلب مني الأمين العام لروابط طلاب بربر بالجامعات أن أكون المتحدث عن بربر في موسمهم الثقافي الذي تحتدم فعالياته هذه الأيام، فشكرته واقترحت عليه أن يأتي بواحد من أبناء بربر الأصلاء ليتحدث عنها، من حي الدكة أو المخيرف أو الهجانة أو حي السوق وحتى القدواب، فصاحب هذه الملاذات ينتمي إلى الأحزمة الريفية التي تتسور مدينة بربر، صحيح أن المدينة يصنعها الريف، فنحن الذين نعمر (ملجة الخضار) بالخضروات واللحوم الطازجة والمحاصيل النقدية وفي المقابل نحن الذين نشتري (قماش النصاري) من دكاكين مدينة بربر، كما الشيخ الأمين (يوم جاء للبقعة وزاره وكمّل قماش النصارى)، ليس هذا وحسب بل من عشورنا وعشائرنا ندفع رسوم الأفندية بالمدينة فنحن الذين نصنع المدينة، وأحكي هذه الطرفة للمرة العاشرة لعلها ترفد فكرتي التي خرجت لأجلها (كان عمنا عبد الرحيم عمارة يعرض خروفه للبيع بالقرى ولم يدفع له سعر جيد فنصحه أحدهم بأن يأخذ خروفه إلى سوق بربر، وكان عمنا عبد الرحيم كسائر المزارعين والترابلة لا يأبه إلى المظهر كثيراً، فقال له (ناس بربر ما بيدوني قروش لأنهم لن ينظروا في خروفي ولكنهم سينظرون إلى هيئتي)، والشيء بالشيء يذكر فإذاتحدثت عن بربر بين أبناء بربر فربما يكرر التاريخ نفسه وتصدق فينا مقولة عمنا عبد الرحيم -يرحمه الله- فلا ينظرون إلى حديثي بل إلى مضاربي، وذلك في أزمنة (كناتين التجزئة الفكرية الرائجة)، أخي محمد يكفي أن آتيكم بقلمي وسيفي لأكتب عن أسبوعكم المحروس بالتاريخ والقيم والحضور الأنيق.