قدمت جماعة الإخوان المسلمين في مصر المليونير خيرت الشاطر مرشحاً لها في انتخابات الرئاسة المقرر إجراؤها الشهر القادم، وكانت الجماعة من قبل أعلنت أنها لن تقدم مرشحاً لانتخابات رئاسة الجمهورية وربما أنها فعلت ذلك من باب استعينوا على حوائجكم بالكتمان، فقد غيرت موقفها وقدمت مرشحها. وتغيير المواقف يحدث في الأحزاب السياسية ونضرب مثلاً من عندنا فبعد ثورة أكتوبر 1964م كان الزعيم إسماعيل الأزهري رئيس الحزب الوطني الاتحادي أعلن أكثر من مرة أنه لا تعاون ولا تحالف ولا تنسيق مع حزب الأمة. ثم أجريت الانتخابات التشريعية في صيف 1965م وكانت انتخابات جزئية لم يسمح الوضع الأمني المتدهور بإجرائها في الجنوب وقاطعها في الشمال حزب كبير هو حزب الشعب الديمقراطي. وحصل حزب الأمة في تلك الانتخابات على أكبر عدد من المقاعد في الجمعية التأسيسية لكنه لم يتمكن من تشكيل الحكومة منفرداً فأقام ائتلافاً مع الحزب الوطني الاتحادي الذي كان رئيسه يردد حتى آخر لحظة أنه لا تعاون ولا تحالف ولا تنسيق مع حزب الأمة، وشكل الحزبان حكومة ائتلافية برئاسة الأستاذ المحامي محمد أحمد محجوب وأصبح رئيس الحزب الوطني الاتحادي الزعيم الأزهري رئيساً دائماً لمجلس السيادة، وظل الحزبان يحكمان مؤتلفين إلى أن أطاح بهما الانقلاب العسكري الذي قاده العقيد نميري في 25 مايو 1969م. ثم بعد انتخابات 1986م عاد الحزبان الأمة والاتحادي الديمقراطي الذي حمل هذا الاسم عام 67 بعد اندماج الوطني الاتحادي والشعب الديمقراطي لتشكيل أكثر من حكومة ائتلافية برئاسة السيد الصادق المهدي رئيس حزب الأمة وأطيح بها في 30 يونيو 1989م بالانقلاب العسكري الذي قاده العميد عمر حسن أحمد البشير. إذن ليست هناك غرابة عندما تغير حماعة الإخوان في مصر موقفها المتمثل في عدم تقديم مرشح لانتخابات رئاسة الجمهورية إلى تقديم مرشح ويرى البعض أن التوفيق حالفها باختيار المليونير خيرت الشاطر على أمل أن يكون الرئيس المليونير مترفعاً مستغنياً عن الانزلاق إلى نهب المال العام. وجاء في مجلة تايم الأمريكية عدد 5 أبريل الجاري أن الليبراليين والعلمانيين غير راضين عن قرار جماعة الإخوان المسلمين بترشيح خيرت الشاطر لانتخابات الرئاسة بل يشاركهم أيضاً بعض أعضاء الجماعة، وقالت جريدة ذي نيويورك تايمز إن المسؤولين الأمريكيين ليسوا منزعجين من تنصل جماعة الإخوان المسلمين من تعهدها بعدم السعي نحو الرئاسة، وقالت إن مرشح الإخوان خيرت الشاطر على اتصال منتظم بالسفيرة الأمريكية آن باتيرسون، وإن المسؤولين الأمريكيين امتدحوا اعتداله وذكاءه، ويقولون إنه براجماتي راغب في التحديث يشغله إنعاش الاقتصاد المصري أكثر مما تشغله مواجهة إسرائيل والولايات المتحدةالأمريكية. ويرى الأمريكيون أن جماعة الإخوان المسلمين تمثل بديلاً أفضل من السلفيين الذين جاء حزبهم - حزب النور - في المركز الثاني بعد الحرية والعدالة حزب جماعة الإخوان المسلمين في الانتخابات التشريعية التي أُجريت يناير الماضي