ليست هجليج مسألة خلافية يجوز عند التعامل معها الاختلاف بين أبناء الوطن الواحد، وإنما هي ثابت ينبغي الالتفاف حوله والعض عليه بالنواجذ، فهي من صميم السودان وعند احتلالها من أي طرف كان فإن الواجب يقتضي أن يسعى الجميع لتحريرها، وأن يبذل كلٌّ حسب قدرته أقصى ما يمكن لتحقيق هذا الهدف النبيل وبأسرع وقت. وقد كان الموقف العام مطمئناً فالناس جميعاً سواء في الحكم أو في المعارضة، أبدوا إدانتهم للاحتلال وعزمهم على إزالته، وهذا هو الموقف الوطني السليم، فاحتلال أي جزء من الوطن خط أحمر، ليس عندنا في السودان فحسب وإنما في كل العالم. وعند احتلال جزء من الوطن ليس مقبولاً أن يطالب أحد داخل الوطن بضبط النفس، ووقف إطلاق النار ودعوة الطرفين لانتهاج المفاوضات، وإنما المقبول والمفروض هو إزالة الاحتلال أولاً، وإذا كان معظم الناس تكلموا وأبدوا رفضهم للاحتلال فهناك من لم يتكلموا بعد وكلامهم مهم، خاصة أنهم ليسوا من غمار الناس لكنهم من صفوتهم، وقد لعبوا في الماضى القريب أدواراً كثيرة على درجة عالية من الأهمية. إن الدكتور منصور خالد الوزير أكثر من مرة في العهد المايوي والقيادي بالحركة الشعبية، الذي لم يترك شاردة ولا واردة من حياتنا السياسية وحتى الغنائية لم يكتب عنها، لم نسمع رأيه حتى الآن في احتلال الجيش الشعبي لهجليج، وحتى إن كان خارج السودان في أقصى بقاع الدنيا، فإن ثورة الاتصالات تسمح له بأن ينشر رأيه في لمح البرق في أي من أجهزة الإعلام، والدكتور منصور خالد وغيره مطالبون بإدانة الاحتلال ورفضه، فهو كما قلنا ليس مسألة خلافية يجوز فيها تعدد الآراء، وإنما هي مسألة في غاية الوضوح لا تقبل إلا موقفاً واحداً هو الرفض والإدانة وبذل ما يستطيعه المرء لطرد الاحتلال. وبالنسبة للسيد أبيل ألير نائب رئيس الجمهورية في العهد المايوي، وفي حالة أنه ما زال موجوداً بالخرطوم فإن الموقف يختلف قليلاً، ولقد حظي هذا السياسي الجنوبي بتقدير كل السودانيين تقريباً، رغم أن لبعضهم موقفاً سالباً من النظام المايوي الذي كان هو أحد سدنته الكبار، ورغم ما يقال من أنه كان له دور في تحريض العقيد الدكتور جون قرنق على التمرد، وأنه قابله في بور عام 1983م قبل دخوله الغابة وقيادته للحركة الشعبية والجيش الشعبي. ولن نطلب من السيد أبيل ألير أن يدين احتلال الجيش الشعبي لهجليج، لكننا نرجو أن يوظف ثقله السياسي القانوني الجنوبي لإثناء قيادة الحركة الشعبية عن الاستمرار في هذا الطريق الشائك الوعر، الضار في المقام الأول بمصلحة الجنوب والجنوبيين. وقد كان أبيل ألير قبل مايو 1969م عضواً بجبهة الجنوب التي كانت تنظيماً سياسياً انفصالياً، ولذلك تملكنا الاستغراب عندما تم اختياره وزيراً في حكومة مايو الأولى برئاسة بابكر عوض الله عام 1969م، وخلال العهد المايوي فإنه لم يبتعد يوماً واحداً عن السلطة، فقد كان وزيراً ونائباً لرئيس الجمهورية ورئيساً للمجلس التنفيذي العالي للإقليم الجنوبي، وبعد زوال النظام المايوي في أبريل 1985م فإنه لم يعتقل؟ ويدخل ذلك في باب المعاملة الخاصة التي كان يتلقاها الجنوبيون، وفي نفس الوقت فإنه لم يكن في أداء أبيل ألير ما يستوجب المحاسبة، فقد تميز بطهارة اليد