كان على موعد مع أناس أحبهم وألفوه.. لم يلتقوه كفاحاً.. لكنهم كانوا معه على موعد ولقاء عبر الصوت.. والصورة.. وهي حال القلوب والأنفس المفطورة على الخير.. والحب.. والصدق!! ولأنه كان هيناً.. ليناً.. سمحاً.. عطوفاً.. خفيفاً على الناس بفعله وقوله؛ فقد جمع الله له حب الناس والتفافهم حوله.. يقطعون المسافات الطويلة ليستمعوا له.. ويتركون أعمالهم ومشاغلهم ليصغوا له!! لم ألتقه كفاحاً إلا مرتين.. لكنه بقي في قلبي.. وروحي.. لا أعرف حتى هذه اللحظة لماذا أحببته.. وتعلق قلبي به!!.. كثيراً ما أشعر.. وبصدق أنه يقدم الموعظة والحديث إليّ شخصياً.. من كل قلبي أستشعر موعظته.. وكلماته تدخل قلبي بلا استئذان..!! كثيرون مثلي تعلقوا به.. لم يجمعنا به حزب.. ولا جماعة.. لم نلتق في مصلحة.. ولا تجارة.. لكننا التقيناه في ميدان وهب له وقته.. وجهده.. وإخلاصه.. فأعطاه الله سبحانه وتعالى التوفيق والقبول.. ووهبه طاقة العمل لما يحب ويرضى..!! قليلون أمثاله ممن وجدوا القبول والرضا من قطاعات المجتمع كافة.. ما أكثر الدعاة والمصلحين في ميادين الدعوة والإصلاح وتزكية المجتمع.. وما أقل الذين يغيرون في حياة الناس وينقلونهم من حال المعصية إلى رحاب الطاعة والاستقامة والسير التائب والمنيب إلى الله رب العالمين!!.. دعاة ومتحدثون كثر لا تكاد كلماتهم تصل أذنيك حتى تطير في الهواء وتتبخّر.. وقلة من الدعاة يدخل حديثهم قلبك بلا استئذان.. إنها نعمة التوفيق والبركة (المطروحة) في الأعمال عندما تكون لوجه الله تعالى.. لا يحيطها دخن.. ولا يلفها شيء من رياء ولو كان مثقال ذرة!! قدم لنا درساً وموعظة.. وفيها أن حياة المرء لا تقاس بعدد السنوات التي يعيشها ويقضيها في هذه الحياة.. وإنما بما يقدمه لأمته ودينه ورسالته من جهد مخلص.. وعمل صادق يلبس الجوهر رداءً وبه يتدثر.. ومثله أئمة الصلاح والهداية ورموز العلم وشيوخه.. كثيرون منهم غادروا الدنيا في ريعان الشباب وربيع العمر.. لكنهم تركوا علماً يتعجب الإنسان كيف وجدوا وقتاً لكتابته ناهيك عن غزارة ما فيه من نفائس وذخائر وعجائب!! إنها كلمات أسأل الله صادقاً أن تنزل دعوات أبثّها من سويداء قلبي على تربة قبر أخي في الله الشيخ محمد سيد حاج، الذي رحل عن الدنيا الفانية في مثل هذا اليوم قبل عامين من الزمان!!.. أدعو كل إخوانه ومحبيه ليدعوا له.. وأسأل الله أن ينتبه القائمون على أمر أطفاله الصغار وأسرته ويتعهدوهم بالرعاية والعناية.. وألا تكون صوارف الدهر وشواغله قد أنستهم رعاية أهله من بعده.. فقد تركهم لله ورسوله.. ونعمَ بالله راعياً ولو نسي الناس عباده!! رحمه الله..