الخرطوم (زمان) كانت تحفل بالكثير من الألق والبريق والمزايا التي ما عادت بها اليوم، من تلك الذكريات معالم وشخصيات صنعت تاريخ الخرطوم خاصة شريحة الترزية الأفرنجية ومنهم العم محمد بلال حميدة (ترزي المشاهير) الذي تتلمذ على يد الترزي المصري الشهير خميس الأسكندراني و(فصل) أجمل البدل ولبسات السفاري لجابر ابوالعز، عثمان حسين، عبدالحليم محمد، الكاشف، وغيرهم. (الاهرام اليوم) التقت به في بوح خاص واسترجعت معه ماضي الذكريات الجميلة أيام الخرطوم بالليل وفي الشاطئ يا أحبة ساهرتو بينا يقول الترزي محمد بلال حميدة في أواخر الخمسينيات مع المصري خميس الأسكندراني أشهر (ترزية) الخرطوم آنذاك وكان الزبائن من رجال الحكومة ورجال الأعمال والمحامين وأذكر من المحامين، عابدين إسماعيل، أحمد السيد حمد، محمد زيادة حمور، سيد أحمد الحسين ومن رجالات المجتمع والأعمال في ذلك الوقت جابر أبو العز، أحمد عمر حامد سكرتير دار الثقافة، ومن الفنانين عثمان حسين، ومحمد حسنين، وإبراهيم عوض، ومن رجالات الحكومة السيد مبارك سناده وزير الصناعة والدكتور التجاني الماحي حيث كان رئيس مجلس السيادة والدكتور عبدالحليم محمد، والتاج مصطفي، ابراهيم الكاشف، وفاروق ابوعيسى المحامي، ويضيف محمد أن أشهر أنواع الزي الرجالي والنسائي في فترة الستينيات كانت البدل والبناطلين ولبسات السفاري ومن أشهر المعلمين في هذا المجال آنذاك الباهي الطيب، إسماعيل كامل، عبدالرحمن رحمه وكانوا من أشهر الأسطوات واصحاب خبرة في عمل الخياطة وكان في هذا المحل أربعة عشر صناعيا بعمارة جماع فاروق. وقال أنواع الأقمشة للبدل كانت الصوف الإنجليزي، الفرسكا الإنجليزي، السوكرتا، الشركستين السولار الإنجليزي والتيل الهزاز، كلها أقمشة وكان تفصيل بدلة ب(15) جنيها (البنطلون (2)جنيه والقميص بواحد جنيه وكان العمل متواصلا في جميع الأوقات والمناسبات، كرأس السنة الكريمساس والعيدين وكنا نشتغل بالإنتاج مع صاحب المحل المعلم المصري خميس الاسكندراني وأعتقد أن التطور الذي حدث في اللبسات السفاري، أن الجاهز أصبح متوفرا بنسبة (80%) كبدل، لبسات، وقمصان، وبناطلين الآن دخلت في هذا المجال أسلوب السمسرة. ويضيف كانت علاقتنا مع هؤلاء علاقة طيبة وهم جورج فحام، قرنفلي، وجميل فرج جاليات مصرية شامية، وأردف بأن الترزية في تلك الفترة يمثلون حلقة وصل بين كافة الطبقات أمثال عطا الله رجب وكان رجلاً مشهوراً، واحمد فتح الله المصري، وكانت علاقتهم معنا حميدة ويواصل في حديثه مجتمع الترزية يعتبر ملتقى العديد من الشعراء والفنانين منهم علي المساح، أحمد علي عبدالله المشهور بالأمي صاحب أغنية (أم زين دواي)، والفنان عثمان حسين كان ترزي نسائي (فساتين) وأردف أن الترزي من واقع مهنته فنان لأنه يقوم بعمل مرتبط بالجوانب الجمالية، من خلال عمله في أشكال القص للملبس، وطريقة الخياطة وكل الأعمال التي يؤديها عبارة عن حاسة فنية ويضيف معرفتي بالكاشف كانت عن قرب وكان يمتهن مهنة النجارة وصاحب موبيليا مشهور وكان رجل ذا أخلاق حميدة جداً في تعامله مع الناس ويقول من الأحداث التي عاصرناها كجيل ذلك الزمان ثورة اكتوبر عام 1964 وحل الحزب الشيوعي في الجمعية التأسيسية. ويضيف محلات الترزية كانت تقفل يوم الأحد لأن الإجازات كانت مرتبطة بعطلة الأفرنجي والسوق الأفرنجي كان يدار في أغلبه بواسطة الجاليات الأجنبية المسيحية، وكانوا مصدر تحريك السوق. ويضيف بأن اللبس السوداني كان الجلاليب والقفطان ويرتديه الرعيل الأول من القضاة ورجال التربية والتعليم، الذي يخاط من الفرسكا، البوميتش الإنجليزي الذي كان مشهوراً في ذلك الوقت وكان لبس الكبار وهنالك ترزية كإبراهيم الطاهر، وآخرون في السوق العربي متخصصون في حياكة القفاطين، وكل الطبقات كانت تعتمد على المقطع الذي يقوم الترزي بحياكته وليست هنالك أي ملابس جاهزة . ومن أشهر أماكن الأقمشة آنذاك النجم الأحمر، مخازن الجوهرة (شاشاتي) الرومي شكور للأقمشة داؤود المراس، جورج فيلب قرنفلي، مخازن النجم الأحمر ونيكولا قرنفلبي أشهر مستورد في السوق وبنيامين للأقمشة حيث كان أغلب البضائع إنجليزية.