ليلة شتويّة غاب فيها القمر وأسدل الظلام ستاره على بيوت القرية الوادعة .. اندلع لهب شديد أضاء السماء وانطلقت الصرخات عندما ملأ الدخان الطرقات .. خرج الناس مهرولين بذعر من بيوتهم ووجدوا الحريق قضى على منزل جارهم الذي يعمل بالمدينة، حاولوا إطفاء النار التي التهمت المنزل، واكتشف الأهالي بعد إخمادها وجود جثة زوجة جارهم وطفلتها متفحِّمتيْن، وعند حضور قوات الشرطة فور إبلاغها قامت بالإجراءات اللازمة، وكشفت التحريات أن الزوجة ماتت طعناً والطفلة مهشمة الرأس إثر ضربها بجسم صلب. اكتنف الغموض الحادثة التي زعزعت طمأنينة الأهالي، فأصحاب المنزل مسالمون وليس لديهم أي أعداء .. بدأت سلسلة من التحريات مع المحيطين بهم ولكن لم يتم التوصُّل إلى أي خيط يمكن أن يوصل إلى المجرم القاتل مُشعل الحريق .. ازداد عزم أفراد «التيم» المناط به التحري، ووردت إليهم معلومة بأنّ آخر المتردِّدين على المنزل قبل اندلاع الحريق صديق الزوج المقيم في ذات القرية، فتم القبض عليه، وذكر بأنّه لا علاقة له بالحريق وأنّه جاء للاطمئنان عليهم لعلمه بغياب صديقه، واستطاع أن يؤكد خروجه مثل غيره وشهد بذلك الأهالي .. فزاد غموض الجريمة .. وبعد سماع زوج الضحيّة بالحادثة اتّهم صديقه .. وبتضييق الخناق على الصديق ومواجهته باتهام صديقه له انهار وأقرّ بارتكابه للحادثة انتقاماً، وفي سرده للتفاصيل ذكر أنّه كان يعيش آمناً مع زوجته وأطفاله يعمل ويكد من أجل سعادتهم، إلا أن الشك سكن قلبه عندما وصلت إلى مسامعه شائعات عن سوء سلوك زوجته وربطها بصديقه، ورغم عدم تأكُّده إلا أن الشيطان أخذ يتلاعب برأسه وسيطرت أشباح الخيانة على عقله ولم يعد قادراً على التركيز في عمله، وكاد يدهس رجلاً بسيارة النقل التي يقودها، وأصبح يعتقد أن كل النظرات التي يوجِّهها إليه الأهالي تعايره .. إلى أن وقع أسيراً لهواجسه ونوازع الشيطان، فصمّم على الانتقام من جاره الذي سرق شرفه وخان الصداقة والعشرة .. فتحيّن فرصة بقاء الزوجة لوحدها فقام بمراودتها عن نفسها فصدّته بقوة وقاومته بشراسة، وحينها أعماه الغضب فاستل سكيناً سدّد بها لها طعنات قاتلة .. وكلما ازداد صراخها ازدادت طعناته قسوةً حتى سقطت جثةً هامدةًَ في بركة من دمائها .. والطفلة كانت شاهد عيان .. وأطلقت صرخاتها هي الأخرى .. ولخوفه الشديد من أن يأتي أحد أو تهرب الطفلة قام بضربها بقطعة خشب وجدها داخل الغرفة حتى تهشّم رأسها .. جلس بعد ذلك يفكر في طريقة لإخفاء معالم الجريمة فأشعل «أنبوب» الغاز داخل الغرفة ثم خرج متلصِّصاً دون أن يشعر به أحد حتى وصل إلى بيته وكأنّ شيئاً لم يكن، وعندما انطلق الصراخ خرج يجري مع الناس ليساعد في إطفاء الحريق.. كشف المجرم باعترافه التفاصيل الكاملة للجريمة الغامضة الحزن على الأسرتيّن .. ترك القاتل أسرته بلا عائل ودفع الآخر ثمن نزواته.