مساء الاثنين الماضي في راديو أم درمان أذاع مرشح حزب الأمة لرئاسة الجمهورية السيد الصادق الصديق عبد الرحمن المهدي برنامجه الإنتخابي.. وهو إمام الأنصار ورأس الحكومة السودانية مرتين منتصف ستينيات ثم منتصف ثمانينيات القرن الماضي.. وهناك ما يشبه الإجماع بخلو حكومتيه أو حكومته مما يمكن أن يُعد إنجازاً كبيراً.. وهذه نقطة أفاض فيها كثير من الصحافيين والكُتّاب. وفي حديثه الإذاعي سمى السيد الصادق العهد الحالي ب(الدكتاتورية الثالثة).. والدكتاتورية الأولى هي دكتاتورية الفريق إبراهيم عبود التي استمرت ستة أعوام من نوفمبر 58 إلى أكتوبر 1964.. والثانية هي دكتاتورية المشير جعفر نميري التي استمرت 16 عاماً من مايو 69 إلى أبريل 1985م.. وذلك صحيح. ولكن ليس صحيحاً أن العهد الحالي الذي يقوده الرئيس البشير خاصة بعد عام 2005م عهد دكتاتوري.. فهناك أحزاب ومنها الحزب الذي يرأسه السيد الصادق.. وهناك صحف.. وهناك قدر عالٍ من حرية الكتابة لم نكن نحلم به سواءً في عهد الفريق عبود أو في زمن الرئيس نميري. والكثير الذي يثير الملاحظات في أقوال وأفعال رئيس الوزراء السابق الصادق المهدي.. ومنه خاصة ونحن مقبلون على انتخابات الرئاسة وانتخابات الولاة والانتخابات التشريعية أنه لم يعترض على رئاسة أبيل ألير لمفوضية الانتخابات ولا على نائبه الدكتور عبد الله أحمد عبد الله. وكان أيام رئاسته للحكومة في النصف الثاني من الثمانينيات اعترض على اختيار شريكه في الحكم الحزب الإتحادي الديمقراطي للدكتور أحمد السيد حمد عضواً في مجلس رأس الدولة.. وكانت حُجة السيد أن الدكتور حمد (سادن)!. ونعم عمل الدكتور أحمد السيد حمد وزيراً ومستشاراً لرئيس الجمهورية في العهد المايوي. لكن ارتباطه بذلك النظام لم يكن قط في قوة ولا في طول ارتباط السيد أبيل ألير والدكتور عبد الله أحمد عبد الله بالنظام المايوي ورئيسه جعفر نميري. لقد كان الناس أيام وفاة نميري العام الماضي يعزّون السيد أبيل ألير وكان هذا يعكس حجم العلاقة بين الرجلين الكبيرين. وكان مجرد رؤية أبيل ألير، يذكِّر الناس بالفترة المايوية تماماً مثلما تذكرهم بها رؤية أي من أعضاء مجلس قيادة ثورة مايو.. إن من معاني القبول العام شبه المُطلق بالسيد أبيل ألير والاحترام الخرافي الذي يُكِنّه له السودانيون جميعاً أنه كان في النظام المايوي رجال كبار محترمون منجزون، وأن الارتباط بذلك النظام لا يخصم من صاحبه ولا يسئ إليه، بل العكس هو الصحيح. إننا نتمنى ألا يعمينا الخصام السياسي عن تسمية الأشياء بأسمائها، وأن تتم الإنتخابات بسلاسة وأن يرضى الجميع بنتائجها.