{ بدا واضحاً للجميع خلال فترة الحملة الانتخابيَّة، التي تبقى من عمرها أيام، أن المواطن السوداني لا يفقه كثير شيء عن الانتخابات القادمة، تفاصيلها، وبرامجها، ومواعيدها، ولا يعرف الكثيرون أسماء المرشّحين بدوائرهم، دعك من أحزابهم ورموزهم ..!! { في الحارة التاسعة بالثورة، وهي من أشهر معاقل (الإسلاميين)، ومراكز الاستنارة، حدثني أحد الشباب من خريجي الهندسة بأنه لا يعرف اسم مرشّح بالدائرة (13) غير شخصي الضعيف، بسبب الإعلان بالصحيفة، ولا يعرف من هو مرشّح «المؤتمر الوطني» ومرشّحي أحزاب «الأمّة القومي» و«الإصلاح والتجديد» وأحزاب الاتحاديين الأربعة.. والحركة الشعبيّة والحزب الشيوعي..!! { وفي الحارة السابعة قالت سيدة لإحدى العاملات في حملتي: (زولكم ده نازل ضد البشير..؟!!) فأخذت الشابّة توضح لها الحكاية.. وتقص لها الرواية، وأن المرشح بالدائرة القومية لا علاقة له بالمرشّح للرئاسة، وأن المرشح للمجلس التشريعي ليس مرشّحاً ضد المرشّح للمجلس الوطني، وأن ... وأن ... !! { وفي الحارة (11) جاءني أحد المواطنين، والغريب أنه كان يعمل لفترة مع «المؤتمر الوطني» بدون التزام تنظيمي - شأنه شأن أغلب منسوبي الحزب الحاكم - ليفاجئني بقوله: (ألحق في واحد مرشَّح ضدك ملأ الشوارع باللافتات المضيئة على أعمدة الكهرباء.. اسمه عبد الرحمن الخضر)!!! قلت له: (هذا مرشَّح لمنصب والي ولاية الخرطوم، وبالتالي فهو ليس مرشَّحاً ضدي)..!! { وهكذا ضاع معظم زمن الحملة الانتخابيّة في تعريف المواطنين بحدود الدائرة، ومستويات الترشيح، واسم المرشح، ومازالت المعلومات غائبة.. والمواطن غائب.. والمفوضية غائبة.. والمؤتمر الوطني غائب.. رغم أنه يتوهّم أنه (الموجود) الوحيد..!!! { وبمناسبة (وجود) المؤتمر الوطني وأجهزة الرصد التابعة له، فقد أدهشني بل أضحكني، تقرير (خاص) من جهة (خاصة) يحلل الأوضاع بالدائرة (13) - الثورة الغربيّة، يقول التقرير إن (العبد لله المرشَّح) ينتظر إغراءً بالمال - لم يُحدّد - لينسحب .. وأن شخصنا (المزعج) سينسحب إذا (دفعنا) له..!!! { أدهشني التحليل (الساذج) لأنني كنت أتوقع مستوى أرفع، وقدرات أعلى، في الحصول على المعلومات وتحليلها.. { وأضحكني لأن مثل هذه التقارير هي التي (ستسقّط حجر) المؤتمر الوطني ومرشّحه بالدائرة ..!! { على أية حال، المواطن - بصفة عامة - لا يعرف غير القليل جداً عن الانتخابات ومستوياتها، كما أن العملية معقدة جداً، يمرُّ فيها الناخب بثلاثة مستويات، ويدخل ثلاث ستائر، ليملأ (8) بطاقات اقتراع..!! { يبدو أن الذين مرَّروا قانون الانتخابات كانوا متعجِّلين.. أو غير مبالين.. { ما الحكمة في الإصرار على هذا التعقيد في الإجراءات، والازدحام في المستويات.. لمصلحة من كل هذه «الهرجلة»؟! { إذا كان لابد من إجراء الانتخابات في موعدها، لابد من فصل بعض المستويات، فتؤجل انتخابات الولاة والمجالس التشريعية الولائية، والأخيرة تم تأجيلها في ولاية الجزيرة، فلم لا تُؤجَّل في ولاية الخرطوم؟!.