نفرد مساحة زاوية «مسارات» اليوم لصاحب القلم المميز زميلنا الأستاذ عبد الجليل سليمان ليطل على القراء في تجربة مغايرة. (1) قيل: (الأصلع: شخص طغى رأسه على شعره)، ولأن الرأس مأوى الذهن، أطلق حلاق الجامعة عبارته الشهيرة في وجه الأستاذ الجامعي بعد أن قضى على أبيض شعره وأسوده قائلاً: نعيماً يا أستاذ، بقيت خالي الذهن!! أُعجب أحدهم بالعبارة، وبلغ إعجابه بها شأواً عظيماً عندما احتدمت (شكلته) مع خاله (أخو أمو) في إرث، فكان (يلبد) له في أقرب زقاق ويصيح (نكاية فيه) بأعلى صوته: خالي، خالي، وعندما يلتفت (الخال) إلى مصدر الصوت يُلحق ابن الاخت بسرعة يُحسد عليها كلمة الذهن بخالي، فتغدو (خالي الذهن)، ولا يملك الخال بُداً غير أن يتمتم ماضياً في سبيله: ولد قليل أدب. رغم اتفاقي مع الخال في وصفه لابن أخته (المرحومة) بقليل الأدب، إلا أن لقب خالي الذهن الذي أطلقه عليه، أكسبه شهرة ضربت أصقاع الحي والأحياء المجاورة، ولولا قلة أدب (الولد) لما أصبحت مشهوراً يا خال. (2) قيل: (إن الديمُقراطية هي أن تسمح للآخرين بإبداء رأيهم ، ثم تفعل عكس ما يقولون)، أعجبني هذا القول وراق لي، لأنه المقولة العملية الوحيده التي أثبتت لي بما لا يدع مجالاً للشك أننا ديمقراطيون جداً، فالزوج (والعكس صحيح) يقول لزوجته شيئاً ويفعل عكسه، والسياسيون يصرحون ثم (يبِّلوا تصريحاتهم، ويسقونا مويتها)، وناس الكورة .. ناس الكورة ، و ... لولا تحامل الحكم، وسوء أرضية الملعب لناءت شباك غانا بالأهداف!! ديمقراطي سمح لزوجته أن تلبس على كيفها، وما كان يظن أنها سوف تلبس (على كيفها جداً)، لكنها باغتته ذات مساء بما فوق الركبه، (عمل نايم) وتوكل على الله وخرج معها إلى مكان عام، هناك رآه أحد الزملاء بمعية امرأة ما تحت ركبتها (خالي الذهن)، فبادر الديمقراطي (الشمشار) هامساً: والله ال(......) بقت لي في رقبتي، ربنا يخارجني منها، لكن (الشمشار) الذي يعرف أنها زوجته وليست (.......) كما قال، باغته راداً: يا خوي قول ربنا يخارجك من ديمقراطيتك دي!! (3) قيل: (الوفاء خصلة لا يعرفها إلا ابن الكلب)، وابن الكلب يا جماعة عشان ما تمشوا بعيد هو (الجرو)، والوفاء نادر هذه الأيام رغم كثرة الكلاب والجراء (أبناء الكلاب)، ومن كثرتهم أضحى النباح مهنة من أجادها فقد دخل زمرة الأثرياء، والكلب النباح يحمي صاحبه من الأشرار بصوته فقط، والصوت سلاح خطير ومدمر والدليل على ذلك (الصاخة) التي ورد ذكرها في القرآن وهي عبارة عن صوت قوي، والصوت سلاح (الديمقراطي) للوصول إلى السطة، لكن أحد الديمقراطيين المعروفين في بلادنا وبعد أن استأجر أصواتاً قوية، أدار بها حملته الانتخابية، جاء فوزه صاعقاً كالصاخة، أحضر مكبرات الصوت وأقام الاحتفالات، لكنه ظل يهمس: بالله الجماعة ديك لو ما خاليين ذهن كان (صوّتوا لي). كلهم انفضوا من حوله عدا أحد أصدقائه المقربين الذي ظل وفياً له. (4) الثقافة: (هي أن تتحدث بما لا يفهمه الناس): قيل إن أحدهم (مثقف) تحدث في ندوة مقدماً نفسه بأنه (عامل في حقل الثقافة)، تحدث عن تجريديه التفكيك في مساوقات تضاعيف بؤر الصراع المختبئة على هوامش التناص اللفظي في شعر مصطفى سند، فقال: إن ما يستنكفه التشكيل الحركي في شطر البيت القائل: إبرتين من الحرير وخيط ماء، يفضى إلى عبثية تجرد صراع الماء والإبر من أدواته، وتحيل حدوثه بالتالي إلى محض أوهام، صفق الجميع للمداخلة، عدا واحد. هذا الواحد وُصف لاحقاً بأنه غير ديمقراطي عقب تصريحاته بأن ما قاله المثقف (عوارة ساكت) وما عنده معنى، المثقف بعد أن نقل إليه عبر (صُواتة) ما قاله غير الديمقراطي، ضحك بقوة وقال ببرود: يا جماعة الراجل دا ما بفهم حاجة، دا خالي الذهن. عبد الجليل سليمان