فتح الرحمن يعقوب عبد الرحمن النية أساس العمل وقاعدته ورأس الأمر وعموده وأصله يبنى عليها لأنها روح العمل وقائد وسائقه والعمل تابع لها يصلح بصحتها ويفسد بفسادها وبها يحصل التوفيق وبعدمها يحصل الخذلان وبحسبها تتفاوت الدرجات في الدنيا والآخرة، لهذا قال صلى الله عليه وسلم: (إنما الأعمال بالنيات ولكل أمرئ ما نوى) وقال الله تعالى: (لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله فسوف نؤتيه أجراً عظيماً) النساء 114 هذا يدل على مكانة النية وأهميتها وأن الدعاء إلى الله بحاجة إلى إصلاح النية فإذا صلحت النية أعطى العبد الأجر الأكبر والثواب العظيم ولو لم يعمل إنما نوى نية صادقة، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: (إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيماً صحيحاً)، وقال صلى الله عليه وسلم: (ما أمرئ تكون له صلاة بليل فيغلب عليه النعاس والنوم إلا كتب له أجر صلاته وكان نومه عليه صدقة)، وقال صلى الله عليه وسلم: (من توضأ فأحسن الوضوء ثم خرج إلى المسجد فوجد الناس قد صلوا، أعطاه الله مثل أجر من صلى وحضر لا ينقص ذلك من أجره شيئاً) وقال صلى الله في غزوة تبوك: (لقد تركتم بالمدينة أقواماً ما سرتم مسيراً ولا أنفقتم من نفقة ولا قطعتم من وادٍ إلا وهم معكم فيه. قالوا يا رسول الله كيف يكونون معنا وهم بالمدينة؟ فقال حبسهم العذر). وبالنية الصالحة يضاعف الله الأعمال لسيدها) ولهذا قال صلى الله عليه وسلم لرجل جاء مقنعاً بالحديد قال يا رسول الله أقاتل أو أسلم؟ فقال صلى الله عليه وسلم: (أسلم ثم قاتل) فأسلم ثم قاتل وقتل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (عمل قليل وأجر كثير). وجاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل في الإسلام فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمه الإسلام وهو في مسيره فدخل بعيره في جحر يربوع فوقص بعيره فمات فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (تمهل قليلاً وأجر كثير) وقال صلى الله عليه وسلم (إنما الدنيا لأربعة: عبد رزقه الله مالاً وعلماً فهو يتقي ربه ويصل فيه رحمه ويعلم لله فيه حقاً فهذا بأفضل المنازل، وعبد رزقه الله علماً ولم يرزقه مالاً فهو صادق النية يقول لو أن لي مالاً لعملت بعمل فلان فهو نيته فأجرهما سواء، وعبد رزقه الله مالاً ولم يرزقه علماً فهو يتخبط في ماله بغير علم لا يتقي فيه ربه ولا يصل فيه رحمه ولا يعلم له فيه حقاً فهذا بأخبث المنازل، وعبد لم يرزقه الله مالاً ولا علماً فهو يقول لو أن لي مالاً لعملت فيه بعمل فلان فهو بنيته فوزرهما سواء). قال صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه: (إن الله عز وجل كتب الحسنات والسيئات، ثم بيّن ذلك فمن هم بحسنة ولم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة).