استضاف منتدى فلاح الثقافي مساء الأربعاء الماضي جلسة استماع للمطربين مجذوب أونسة وعثمان الأطرش في واحدة من أجمل ليالي فلاح أمها جمهور كبير خرج راضياً عن كل ما قدم فيها. عربي نقزو الاذاعي الرمز صلاح طه تحدث عن مجذوب أونسة بعد أن قال الملحن حمدان أزرق إن صلاح طه هو من جاء بأونسة الى الخرطوم وقال طه إن يوم 19 مايو الذي يشهد الآن هذه الجلسة في يوم مثله قبل 35 عاماً بدأت علاقتي بالمطرب مجذوب أونسة وكان ذلك في 19 مايو 1975م، عندما قررنا الخروج الى الأقاليم للتسجيل للمطربين الجدد وكان برفقتي الفني داؤود زكي وفي شندي طلبنا منهم مطرباً فجاءنا (عربي لابس جلابية وطاقية حمراء) وكثيف الشعر فقلت للفني داؤود: (ده سجل ليهو براك) وبعد التسجيل قال لي داؤود: العربي ده غناي جداً يا أستاذ، فقلت له: ده ما ينفع بي تعريفة. وعدنا الى أم درمان بعد قضاء شهر نجوب المدن ونسجل وفي مدني سجلنا لولد جديد اسمه محمد سلام وغيره ببقية المدن. وفي أم درمان بدأنا في بث الأعمال ولكن زكي وضع شريط أونسة أولاً وأصر عليه وفيه ثلاث أغنيات هي البريدك موت، متين ما نحن نتلاقى والريد الريد يا أهل، وبعد البث لم ينقطع صوت رنين التلفون من الجماهير مطالبة إعادة هذه الأعمال. فقررت أن يأتي مجذوب لأم درمان فاتصلت به وجاء من شندي برفقة شاب اسمه حسين أونسة واذيع اللقاء في عيد الأضحى وقلت له أما آن الأوان أن تأتي وتستقر في الخرطوم فقال: أنا هسي جيت عشان خاطرك ونحن ناس (نقزو) والغنا عندنا حرام. فوعدته أن آتي الى (نقزو) واقنع أهله بالفكرة. وقد كان، وذهبت اليه وقابلت أعمامه وكان خائفاً وجلست مع كل (كبارات) نقزو وبدأ الكلام في كيفية السماح لمجذوب بالغناء في الخرطوم وبعد 45 دقيقة من الطرح الجاد تمت الموافقة وأتى مجذوب الى أم درمان وأصبح من أروع المطربين الذين أبهجوا الشعب السوداني. هذا صحيح المطرب مجذوب أونسة حيا الحضور وقال إن كل ما قال به الاستاذ صلاح طه صحيح مائة بالمائة، وأردف: أهلي مازالوا يسألونني «أنت الشغلة دي لسة ما خليتها؟» وأضاف: رغم مرور 35 عاماً على أول أغنية قدمتها للاذاعة السودانية إلا أنني في دواخلي أحس بأنني لم أقدم شيئاً بعد، وأضاف أن شقيقه الشاعر حسين أونسة كان من المعارضين لفكرة (مجذوب المطرب) وأنه لم يصبح مطرباً إلا بعد (فلت) من أهله وجاء من (نقزو) الى شندي بنادي النيل ومركز شباب شندي والتقى الشاعر عبد الرحمن بكراوي في سماية وهو يلقي بعضاً من قصائده وأخذ منه «وقت ما نحن نتلاقى بنلقى الدنيا فراقة»، وبعد أربع أعوام أخذ منه «جيت أوادعك يا قماري» وقال إن الرئيس نميري كان يحب أعماله الأولى وعندما قدم يا قماري قال لمسؤول «أنتو الولد ده خلاص خربتوه؟» لأن نميري لم تعجبه أغنية القماري. وأردف «عند دخولي العاصمة كنت مرفوضاً من كل الجهات والمطربين والعازفين وأنا أمشي بينهم (بجلابيتي وطاقيتي الحمرا) ولكن الملحن عبد اللطيف خضر ود الحاوي كان الوحيد الذي استقبلني ولحن لي (ده ما سلامك) من عزمي احمد خليل. ثم تعنى أونسة بكل الأغنيات التي وردت آنفاً وقدم أغنية جديدة بعنوان (مصلوب على الأقدار) من كلمات الدكتور ياسر حسن عبد الله ومن ألحانه يقول مطلعها: عكر مزاجي الكيف وكيف المزاج يرجع.. نزفت جروحي نزيف ومشاعري تتقطع.. وكل ما أحاول أقيف ألقى الضياع أسرع.. يا قلبي يا محزون وبشكيك ليك منك.. وكيف يا قلبي تكون فيني وغريب عنك.. خليني فيك مسجون خاب ظني منك.. والكنت فاكرو حنون ما بسوي زي حِنّك. صلاح ادريس والحلنقي ثم قدم أغنية جديدة أخرى من كلمات اسحق الحلنقي وألحان صلاح ادريس بعنوان (كده الأيام تبدل فيك) وتفاعل الجمهور معها ومع الأغنية الأخرى. مجذوب مطرب شعبي ووقف مجذوب أونسة وخلفه كورس كامل ودون عود وتغنى بالحقيبة فصاح الناس ذهولاً فقد أقعد كل مطربي الحقيبة بالأداء الراقي والقوى حتى أن شيخاً كان يصيح وسمعه كل الحضور (يا مجذوب أقلب حقيبة.. يا مجذوب أقلب شعبي). عثمان الأطرش وفي المساحة المخصصة له قدم المطرب عثمان الأطرش ثلاث أغنيات رائعته (بت بلدي) وأغنيتي حقيبة هما (ناعس الأجفان) و(ما رأيت في الكون) وكان أداؤه جيداً ولا ندري لماذا هجر الأطرش الحفلات والاذاعات والجمهور.