(من يحصُل على ثقة الرئيس)؟ ذلك السؤال المطروح على نطاق واسع هذه الأيام تكاد تتعدد الإجابات بخصوصه وتتسع دائرته لتشمل العديد من الأسماء والترشيحات وتصب مزيداً من زيت (الإثارة) في (بركة) المشهد السياسي الساخن، وحتى داخل المؤتمر الوطني تتفاوت درجة حرارة الانتظار للكشف عن طبيعة الحكومة الجديدة بين من يضع يده على قلبه ومن يضع قلبه على يده، والصورة على ارتباكها هى التي أرغمت وزير العدل الأستاذ عبد الباسط سبدرات أن يلغي الحوار الذي كان من المزمع إجراؤه معه لصحيفة «الأهرام اليوم» بعد أن تم الاتفاق عليه، فالرجل ألغى الحوار بشكل مفاجئ بحجة أنه لم يعد وزيراً ولا يعلم إلى أين سيذهب؟ وقد يفهم أي حوار ينشر معه في هذا الوقت في سياق نفض الغبار وتوجيه الأضواء بقصد، وهي المبررات التي ارتكز عليها سبدرات ثم أغلق الهاتف مخلفاً وراءه الكثير من الاسئلة! الرئيس البشير قطع الطريق على التكهنات حول بعض الأسماء كالفريق ركن بكري حسن صالح الذي أبقى عليه زيراً لشؤون الرئاسة والفريق أول عبد الرحيم محمد حسين وزيراً للدفاع والأستاذ كمال عبد اللطيف وزير الدولة بوزارة رئاسة مجلس الوزراء، فيما أبقى رئيس الحكومة الاحتمالات مفتوحة بخصوص الوزارات الأخرى. وأكد الرئيس البشير عزمه على تكوين حكومة ذات قاعدة عريضة قال إنها تمتاز بالتجانس لتحقيق ما وعد به الشعب السوداني في حملته الانتخابية، وهى حكومة البرنامج بحسب تعبير نائب رئيس المؤتمر الوطني للشؤون التنظيمة الدكتور نافع علي نافع، ولكن أي كنانة داخل المؤتمر الوطني سيتم اختيارها والدفع بها بين وتريْ القوس المنتصب بغية تنفيذ البرنامج؟ يرى المراقبون أن ما حدث في تشكيل حكومات الولايات سيحدث في الحكومة المركزية، وستُرجأ بعض الوزارات إلى حين الانتهاء من المشاورات مع الأحزاب الكبرى - الأمة القومي والإتحادي الأصل - وهي وزارات لم تحدد بعينها ولكنها بالطبع لن تدخل في نطاق الوزارات المهمة، التي حسم بعضها لصالح الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني منذ وقت مبكر، وتجري المشاورات حالياً بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية (لتجميل) وجه الحكومة بإشراك أحزاب أخرى غير الأحزاب الموالية. من جهته ألمح حزب المؤتمر الشعبي بزعامة الدكتور الترابي المعتقل منذ أكثر من أسبوعين، ألمح إلى اتجاه حزبه إلى تشكيل حكومة ظل لمراقبة الحكومة التي سيعلنها الرئيس البشير في الساعات المقبلة، وذكر عضو البرلمان عن المؤتمر الشعبي «اسماعيل حسين» في تصريحات صحفية، اتجاه حزبه لتشكيل حكومة ظل لمراقبة أداء الحكومة قائلاً إنها تستطيع مراقبة أداء الحكومة وتجعلها تعمل بشفافية أسوة بالتجربة البريطانية مع إقراره بالفروق في البيئة النيابية والسياسية بين البلدين. فيما تأكدت مشاركة الحركة الشعبية لتحرير السودان في الحكومة الاتحادية المقبلة بنسبة 30%، وقالت مصادر طلبت عدم كشف هويتها أن الحركة ستشارك بنحو (12) وزيراً سبعة وزراء وخمسة وزراء دولة، كما أشارت إلى احتفاظ الحركة بذات المقاعد الوزارية السابقة عدا الخارجية ووزارة مجلس الوزراء بأمل أن يتم تبديل الأولى بالطاقة والثانية بالعمل. هذا وقد عكف شريكا الحكم على مناقشة التشكيل الوزاري في الحكومة الاتحادية عبر اجتماعات مطولة للوصول لاتفاق حول توزيع الحقائب الوزارية حضرها من جانب الحركة «نيال دينق»، «ياسر عرمان»، و«دينق ألور»، ومن جانب الوطني: «صلاح قوش»، نقيب المحامين «عبد الرحمن الخليفة» وآخرون، وقالت مصادر إنه من المتوقع أن يتم إعلان التشكيل الوزاري الجديد خلال أيام قليلة، وكشفت عن تغييرات وزارية في حكومة الجنوب حيث ينتقل «دينق ألور» من وزارة الخارجية في الحكومة الإتحادية إلى وزارة التعاون الإقليمي بحكومة الجنوب، وينتقل «كوستي مانيبي» من وزارة مجلس الوزراء في الحكومة المركزية لذات المنصب في حكومة الجنوب، كما ينتقل الفريق «وياي دينق أجاك» من وزارة التعاون الإقليمى لوزارة التجارة والصناعة، أما وزارة الشؤون القانونية فقد أوكلت مهامها ل «جون لوك» وزير الطاقة بالجنوب، بينما ينتقل «لوكا منوجا» لوزارة الصحة بحسب المصادر، ويتسلم «شيرينو ايتونق» حقيبة شؤون الرئاسة من «لوكا بيونق» الذي سينتقل للحكومة الاتحادية بمنصب وزاري، وكذلك ستدخل وجوه جديدة من الحركة الشعبية ملعب التشكيلة الوزارية المركزية. وفيما تأكد شغل الدكتور منصور خالد لموقعه مستشاراً لرئيس الجمهورية رجحت المصادر أن يتقلد د. لوكا - المقرب من سلفا كير - وزارة الاستثمار أو الطاقة والتعدين أو ربما وزارة مجلس الوزراء، وهي التي مازالت تجري عليها مشاورات بين الشريكين، حيث طالب المؤتمر الوطني بها، بل ورجحت المصادر أن ينتقل إليها د. عوض الجاز من وزارة المالية. غير أن هذا لا يعفينا من القول أن الضبابية بصدد الترشيحات ما زالت هي سيدة الموقف، وبالرغم من سيل التسريبات الصحفية المتضاربة وفيض التقديرات التي تدفع بها العديد من الجهات استغلالاً للرافعة الإعلامية بغية تحقيق أجندة تتعلق بتدوير الأسماء في مجالس الأسمار وأوساط القرار لتبقى الحقيقة في ما يلي أمر التعيينات هي بنت الجدل الذي ستفرزه الاجتماعات المنعقدة هذه الأيام! بقي القول بأن أكبر المفاجآت في فترة ما بعد الانتخابات تمثلت في إعفاء كبير مساعدي الرئيس «مني أركو مناوي» من منصبه دون تحديد الموقع الذي سينتقل إليه، ورجحت المصادر اختيار شخصية اعتبارية من دارفور لشغل الموقع الجديد المقترح في رئاسة الجمهورية، ولكن «منّي» الذي لزم الصمت بالرغم من أنه كثير الاحتجاج توقع البعض أن تتواصل المشاورات معه على أن يتم الدفع به في موقع آخر توطئة لإشراك بعض قادة الحركات الدارفورية المسلحة في الحكومة الجديدة.