{ قبل أن يصدر المهندس «الطيب مصطفى» صحيفة «الانتباهة»، ويصبح ناشراً ورئيساً لمجلس الإدارة، ومالكاً لشركة «كاتيا» للدعاية والاعلان، وبعد أن فارق الوظيفة الحكومية التي يتحسر عليها الآن، كان الباشمهندس من (الفراجة)، ومشجعي (اللعبة الحلوة) على المساطب الشعبية في ميادين الصحافة السودانية، وهذا ليس عيباً بالتأكيد، بل قد تكون ميزة، إذ يتابع المرء المشهد من حوله وقد تحرر من تأثيرات الانتماء لمؤسسة ما، وتداخلات المصالح والارتباط بمجموعات أو تكتلات إعلامية أو سياسية تؤدي أحياناً إلى حجب الرؤية أو «تغبيشها»، كما حدث للباشمهندس بعد أن صار «ناشراً» منافساً لنا في مهنة الصحافة وسوقها المضطرب متقلب الأحوال.. أعانه الله.. وأعاننا. { وعندما كان «الطيب» من (القرّاية) ولم يدلف بعد إلى نادي كتاب الأعمدة اليومية «بزفراته الحرى»، كان من أهم وأكبر المشجعين لقلمنا، بل ولشخصنا الضعيف، وكان من أبرز الداعمين «معنوياً» لعمود «شهادتي لله» طيلة السنوات الماضية التي تناهز الخمسة عشر عاماً.. وإن أنس، فإنني لا أنسى رسائله القصيرة (s.m.s) على هاتفي النقال، وغالباً ما تأتي عند المساء عندما يخلد الباشمهندس إلى الراحة ليطالع «شهادتي لله» التي صارت الآن شهادة لغير الله!! شهادة «الأنا» والغرور والمصالح الشخصية، ولم تكن كذلك عندما كان «الطيب» مواطناً سودانياً عادياً متجرداً، ولم يكن صاحب «الانتباهة»..!! وسبحان مُغير الأحوال..!! { رسائل المهندس «الطيب» كانت من شاكلة «أخي الأصغر الهندي.. بورك فيك ولا شُلت يداك». «طالعت عمودك اليوم.. نصرك الله، لا تخش في الحق لومة لائم ولا تأخذك رحمة بأعداء الدين والوطن».. «طالعت اليوم (شهادتي لله).. وقد شفيت غليلنا وأرحت صدور قوم مؤمنين...». { وقد تأتي رسائل الباشمهندس في هيئة إشارات للكتابة أو التعليق على حدث أو تصريح ما، خاصة إذا كان صادراً عن أحد قيادات «الحركة الشعبية» مثل أن يقول: «ما رأيك في تصريحات (باقان أموم) أمس بشأن كذا؟.. ألا تستحق من قلمكم الشجاع شهادة لله...؟». { كان هذا حال أخينا الأكبر «الطيب مصطفى» معنا قبل ثلاث أو أربع سنوات، وحتى بعد أن صار يكتب «العمود اليومي».. وكانت «الانتباهة» في بداياتها المتعسرة. { تغيّر «الطيب».. ولم تتغير «شهادتي لله».. تغيّر «الطيب».. ولم نتغير نحن.. (نحنا يانا نحنا.. لا غيرتنا الظروف.. ولا هدتنا محنة).. ذات المنهج.. وذات الرسالة.. وذات القضايا التي تعالجها «شهادتي لله».. فلماذا جاء الآن صاحب «الانتباهة» ومنبر الانفصال.. ليتساءل بعد كل هذه السنوات: «هل هي شهادة لله؟!». { هل لأننا ننافسه الآن في «سوق الله أكبر»، وعمر صحيفتنا «الأهرام اليوم» لا يتجاوز «خمسة أشهر»..؟! هل لأننا جردنا أقلامنا.. أسيافنا لصالح وحدة السودان التي لا يزيغ عن صراطها إلا متآمر على أمن البلاد.. ورفاهية العباد..؟! { إننا يا صاحب «المنبر»، لن تأخذنا فيك وفي منبرك.. «سكين التقطيع».. رأفة، ولا رحمة كما كنت توصينا وتشجعنا إلى زمان قريب، بألا تأخذنا في الحق لومة لائم.. وها أنت قد جانبت الحق وصادقت الباطل.. وتحالفت مع الشيطان أعوذ بالله من الشيطان الرجيم تسعى للفتنة بين أهل السودان، تنشر ثقافة «العنصرية»، وتضلل العوام بأن انفصال جنوب السودان فيه صالح الشمال والجنوب، بحجة واهية وحديث مكرور عن إبانة الله للطلاق بين الزوجين «فقه الطلاق» «فراق بمعروف أو تسريح بإحسان». ويصر «شيخ الطيب» على تشبيه حالة وحدة الشمال والجنوب بالزواج، دون أن يحدد من هو الزوج في هذه الحالة؟ ومن هي الزوجة.. الشمال.. أم الجنوب؟!! إذ أن معرفة الزوج والزوجة مهمة بموجب فقه الطلاق لمتعلقات ومسؤوليات دينية فرضها الله عز وجل على الطرفين في آيات الكتاب المبين، ومن بين تلك المسؤوليات والحقوق «حق الزوج في رد الزوجة وإعادتها إلى بيت الزوجية». { ومن الحقوق أيضاً حق الزوجة في الإقامة في بيتها.. قال تعالى: «وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ وَلا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ». { فلماذا يريد «الطيب مصطفى» أن يقضي بالطلاق بين الشمال والجنوب «طلاقاً بالثلاثة»، مع إخراج الزوجة من بيتها..؟!! { والغريب أنه حتى في حالة «الطلاق بالثلاثة» والسودانيون مثقفون جداً في مسائل الطلاق إلى حد الحلف به فإنه يحل للزوج أن يستعيد زوجته بعد أن ينكحها آخر.. { لكن «مأذون الطلاق» الغريب على كل الشرائع السماوية والأعراف، لا يريد لطلاق الشمال والجنوب إذا تم لا قدّر الله أن يكون مرجوعاً..! { وأعوذ بالله من الشيطان الرجيم، فقد دعانا الرسول «صلى الله عليه وسلم» إلى الاستعاذة بالله لطرد الشيطان، كما نصحنا بها في حالة الغضب في حديثه عن رجلٍ غاضب: «إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه ما يجد.. لو قال أعوذ بالله من الشيطان الرجيم». { الطيب مصطفى.. أعوذ بالله.