أكدت مصادر اتحادية مقرّبة من رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل محمد عثمان الميرغني عن تكوينه مسبقاً للجنتين للحوار مع المؤتمر الوطني بشأن المشاركة في الحكومة المرتقبة، خصص إحداهما لتعلية سقف المطالب، أسمتها المصادر ب(لجنة الغضب) فى إشارة منها إلى أن تكوينها تم عقب غضبة مولانا على الوطني التي تسبّبت فى سفره للقاهرة بعيد نتائج الانتخابات السابقة، ويرأسها القيادي الاتحادي بابكر عبد الرحمن، بينما أبقى الميرغني على الأخرى للمهادنة. وقالت المصادر أنه أوكل رئاستها إلى أحمد علي أبو بكر وعضوية آخرين تربطهم علاقات خاصة مع قيادات الوطني، وربما لم يكن تأكيد المصدر أعلاه كشفاً ذا قيمة للمراقبين عطفاً على إفادات سابقة لعضو الهيئة القيادية ورئيس قطاع التنظيم بالاتحادي الأصل محمد الحسن الميرغني كان قد أدلى بها لهذه الصحيفة، أشار فيها إلى أنه ثمّة مجموعتين اتحاديتين منقسمتين بشأن المشاركة فى الجهاز التنفيذى للحكومة المرتقبة، وقال إن إحداهن لها رؤية في التعامل مع المؤتمر الوطني في وضح النهار وفقاً لحسابات سياسية قد تجد التأييد أو الرفض طبقاً للمصلحة الحزبية، لكنه أصر على نفي صفة السمسرة عنها. أما الأخرى فإنها -بحسب محمد الحسن- لا تتورع من بيع قضية الحزب المركزية من أجل مصالحها الشخصية؛ وينقصها التأثير الكبير في الحزب، وربما لخطورة المرحلة وحساسية الطرح، لم يشأ محمد الحسن الإشارة إلى تطابق أي من المجموعتين مع توصيفه، أو تطابقهما مع ما قالت به مصادر (الأهرام اليوم) حول تقسيم رئيس الحزب مولانا محمد عثمان لعمل اللجنتين، مما يدفع المراقبين للبحث عما يربط بين الإفادتين، خصوصاً حين قالت مصادر أخرى إن إحدى المجموعتين يحركها أفراد قبيلة ما منقسمين بين الحزبين ولا يرون ما يعكر الصفو بينهم! المصادر أشارت كذلك إلى تصريح لأحد قيادات المؤتمر الوطني قال فيه إن العلاقات الثنائية بين الاتحادي والوطني علاقة قوية وممتدة وإنها بدأت قبل وأثناء الانتخابات، بل مضى خطوات في الاشارة ًإلى أن مستقبل التعاون سيكون في أفضل حالاته، إضافة إلى تأكيده على عدم وجود ما يمنع مشاركة الحزب الاتحادي في أي مستوى من المستويات في الحكومة القادمة، لكن محمد الحسن بدوره أغفل كل هذا وتمسّك بأن جوهر المشاركة في السلطة يرتكز على البرامج والقابلية السياسية للتنفيذ، والدور المشترك للحزب في خدمة الجماهير، لكنه عاد وقال إن تلك المعطيات تتوكأ على ساق واحدة، ولا يستطيع الحزب ضمان قيام الوحدة التي يطالب بها في حالة مشاركتنا، كما لا يمكنه الضغط على المؤتمر الوطني في سياق تطبيق الأقوال بالأفعال، إضافة إلى إشكالية وجود برلمان أحادي واستقطاب خارجي، قال إنه خطير على البلاد، لذلك لم يكن محمد الحسن ليتحرج من القول أن المشاركة في الحكومة القادمة ربما تسوق السودان إلى التقسيم بين الشمال والجنوب، بحسب الإشارات التى يراها الماثلة للعيان. وبعيداً عن المصادر فإن الموقف الرسمي للحزب طبقاً للقيادي الاتحادي عضو لجنة الحوار مع المؤتمر الوطني الدكتور أبو الحسن فرح يشترط الإتفاق على برنامج يتضمن عدة قضايا وصفها أبو الحسن بالأساسية، وتمسك فيها بوحدة البلاد من خلال تقرير المصير، وضرورة خلق إجماع وطني للخروج برؤية موحّدة حولها باعتبارها القضية الأولى والأساسية، إلى جانب قضية دارفور وضرورة إيجاد حل سياسي عادل لها مرضي عنه من قِبل أهل دارفور، فضلاً عن المشاكل الإقليمية والصراع حول مياه النيل وضرورة تسخير كافة الإمكانات وإجراء الاتصالات بين مختلف الأطراف لخلق علاقات طيبة تؤدي لإستقرار الإقليم، وضرورة الحوار فيما أسماه بالحصار الدولي وإيجاد مخارج له بواسطة الأطراف المختلفة، بجانب قضايا الديمقراطية والتحوُّل الديمقراطي على ضوء ما وصفه ب(الأزمة) التي قال إنها نشبت نتيجة لما تم في الإنتخابات الماضية من شكوك. أبوالحسن في آخر تصريح له ضمن إفاداته للصحافيين قال إن حزبه مهتم بضرورة أن تكون المشاركة في الحكومة عبر قوة البرنامج وليس عبر الوساطات، وأكد عدم استعجال حزبه للوصول للوزارات بقدر حرصه على الحوار، وحذّر من تكرار تجربة اتفاق أسمرا للسلام، مشيراً إلى أن حزبه يرفض الوساطات والمساعي الفردية التي تقوده للمشاركة الشكلية، ودعا إلى ضرورة الدخول في حوار فعلي حول القضايا الوطنية لضمان الوصول لمشاركة فعلية. ورغم تبعية أبو الحسن للجنة الغضب، إلا أن موقفه بات في رأي المراقبين أكثر ميلاً للمشاركة، خصوصاً إذا ما قُرئ في ثنايا رفض اجتماع الهيئة القيادية لعرض المؤتمر الوطني الذي يشمل ثلاث وزارات اتحادية وثلاثة وزراء دولة بوزارات اتحادية، مما يتنافى مع الموقف الذي دفع به الناطق الرسمي للحزب حاتم السر من مهجره بلندن والذي قطع فيه بأن الإتحادي الديمقراطي لن يشارك في أي حكومة تُعزِّز من فرص الانفصال بين الشمال والجنوب، وتؤجج نيران الانقسام بين القوى السياسية، وأكد أن الإتحاديين لن يدعموا حكومة تسير على خطى سابقاتها، ولن يشاركوا فيها!