عدة دراسات تحدثت عن الآثار المرضية السلبية والخطيرة لما تحتويه المشروبات الغازية من مواد كيميائية وتفاعلية خطيرة من شأنها أن تتسبب في أمراض مزمنة ومميتة أحياناً، في حال الإكثار من تعاطيها، إلا أن الإهمال الواضح الذي يصحب عملية تعبئة وتجهيز هذه المشروبات الغازية بدا واضحاً لدرجة فاجأت «الأهرام اليوم»، وذلك عند مشاهدتنا لزجاجة مشروب غازي بداخلها (موس حلاقة كاملة) عائمة داخل الزجاجة تتحرك وسط المشروب بكل يسر وسهولة، والزجاجة مغلقة بإحكام متقن من قبل عمال وعاملات المصنع. شكوى وصلت إلى «الأهرام اليوم» يحملها «أحمد» صاحب إحدى البقالات المتخصصة في بيع المواد الاستهلاكية بالحاج يوسف سوق (6)، أوضح فيها أن جارتهم قامت بشراء زجاجة مشروب غازي ووجدت بداخلها (موس كاملة). على الفور وبعد سماع شكواه تحركنا لملاقاة صاحبة الزجاجة وتدعى «حواء أحمد تاج الدين» التي استقبلتنا وأسرتها الكريمة بدارهم العامرة بمنطقة الحاج يوسف، وأطلعتنا على زجاجة المشروب لتؤكد حقيقة ما ورد إلينا، ونشاهد (الموس) الكاملة بداخل الزجاجة. وفي ذهول تام مما شاهدناه؛ سألنا صاحبة الزجاجة عن مصدرها، فأوضحت «حواء أحمد» أنها اشترت الزجاجة ليلاً من صاحب إحدى البقالات في المنطقة، ولم تتوقع أن تجد بداخلها هذه الموس إلا أنها و«لسر إلهي» انتبهت لوجود الموس قبل أن تفتح الزجاجة رغم أن الليل كان دامساً في المنطقة. وعلى الفور قامت حواء بإخطار أسرتها بما وجدته داخل الزجاجة. { بعد رؤيتنا للزجاجة توجهنا إلى إدارة المصنع المنتج للعبوة والتقينا مديره الإداري مستفسرين عن السبب في وجود (الموس) داخل المنتج، وعن التصرف الذي يمكن أن يتبعه المصنع في حال تناول مشتر أو مستهلك هذا المشروب وإصابته بأي مرض معدي أو خبيث تحمله (الموس) الملوثة - مثل الأيدز مثلاً - وماذا لو ابتلع المستهلك (الموس)؟ هل كانت (الموس) ستودي بحياته أو تقطع أحشاءه؟ { بكل هدوء وسكينة رد علينا المدير الإداري بأن المصنع يواجه العديد من الادعاءات التي تزعم تلوث المياه الغازية ووجود الشوائب العالقة بها، إلا أن إدارة المصنع تؤكد أن إعداد وتجهيز هذه المشروبات الغازية يخضع لرقابة ومواصفات غذائية عالمية، وأن تعبئة وتعقيم الزجاج والمشروب الغازي يتم بواسطة الأجهزة الآلية (Electric machine) وأن اليد لا تتدخل في عملية إعداد وتقديم المشروب الغازي، مؤكداً سلامة وجودة المنتج وخلوه من الشوائب والجراثيم والأجسام الغريبة. لمزيد من الاستكشاف، توجهت «الأهرام اليوم» برفقة صاحبة الزجاجة إلى نيابة حماية المستهلك، وقامت بفتح بلاغ رقم (89) المادة (47) جنايات، لتقوم النيابة بعرض العينة على المعمل الجنائي الذي أثبت عدم صلاحية المشروب للاستخدام الآدمي. وإلى الآن تتابع «الأهرام اليوم» هذا البلاغ الذي تحول إلى بلاغ جنائي وتم تحويله إلى المحكمة. وفي حكاية ذات صلة، التقت «الأهرام اليوم» بالأستاذ سامي محمد صالح، الذي شاءت له الأقدار أن يعايش نفس الدراما، وذلك بشرائه زجاجة مشروب غازي آخر من إحدى البقالات ليجد داخل الزجاجة حشرة كاملة التكوين، ميتة، وبدأت في التحلل غرقاً داخل الزجاجة بحثاً عن قبر يحتويها داخل أمعاء مستهلك المشروب!. أسئلة عدة واستفهامات دارت في ذهن صاحب الزجاجة! حملها وذهب بها إلى مدير التسويق بمصنع المياه الغازية المنتج للمشروب ، وقدم له الزجاجة وبداخلها الحشرة الميتة، فرد عليه مدير العلاقات العامة بعبارة: «يبدو أن الزجاجة غير مفتوحة؟!»، موضحاً لصاحب المشروب الغازي أن المصنع يواجه العديد من الشكاوى من المستهلكين وأن إدارته تتعامل مع مثل هذه الأحداث بأحد ثلاثة خيارات: إما أن يأخذ المشتري عدد ثلاث (بكتات) تعويضاً له، أو يقوم المشتكي بإعطاء مدير التسويق الزجاجة ليقوم المدير بمتابعة خط الإنتاج العامل بالمصنع، أو فتح بلاغ في مواجهة المصنع لدى نيابة حماية المستهلك، ومثل هذه الإجراءات تحتاج إلى نفس طويل وإجراءات عقيمة ومطولة. رفض الأستاذ سامي محمد صالح خياري إدارة المصنع الأول والثاني، وآثر استخدام حقه القانوني بمقاضاة إداراة المصنع وفتح بلاغ رقم (101) لدى نيابة حماية المستهلك التي حولت العينة إلى المعمل ليقوم بفحصها ويثبت علمياً أنها غير صالحة للاستعمال الآدمي، ليتحول البلاغ إلى بلاغ جنائي يكون المتضرر فيه هو المستهلك الذي كان بإمكانه أن يقع ضحية هذا الإهمال الجائر من أصحاب مصنع هذا المشروب الغازي! الخطر في زجاجة في ذات السياق التقت «الأهرام اليوم» بالدكتور ياسر ميرغني، الأمين العام لجمعية حماية المستهلك، وطالب بضرورة معاقبة أصحاب المصانع بسبب الإهمال الواسع لإدارة الجودة إذ من غير المعقول أن يصل هذا الإهمال لدرجة تدمير المستهلك وهو مواطن عادي لا ذنب له سوى أنه وضع ثقته وصحته أمانة في أيدي أصحاب المصانع، كذلك لا بد من الإسراع في إصدار قانون حماية المستهلك حتى تكون الصحة في أمان، فالقانون من شأنه أن يردع مثل هذه المخالفات.