استطلاع طلال إسماعيل - تصوير علم الهدى حامد صباح الخير سيد أحمد الخليفة وأنت ترقد في قبرك رقم (4018) بمقابر الصحافة، وهذه سُنة الله سبحانه وتعالى في كل البشر أن يمضوا عن هذه الفانية ويتركوا فيها سيرة عطرة وسط مجالس الناس حينما يتحدثون عن أفعالهم. ومن عجب الأشياء يا أستاذ أن تكون مهنتك (الصحافة) وعشقك لحي (الصحافة) وقبرك في (الصحافة)! لقد كان كل الناس حضوراً من دون تمييز في مراسم التشييع أمس الأحد منذ حضور جثمانك من العاصمة المصرية (القاهرة) إلى بيتك الأخير، الدموع تساقطت من عيون زملائك وأبنائك الذين تعاهدوا على الوقوف مع المستضعفين والمظلومين كما كنت تفعل في زاويتك التي تعرض فيها قضاياهم وتتبناها، فسألتهم عنك فقالوا: الأستاذ عادل سيد أحمد خليفة رئيس تحرير صحيفة (الأسطورة) والمدير العام لصحيفة (الوطن): الحمد لله رغم الحزن الكبير والألم الذي خلفه لنا الوالد ولكن وقفة السودانيين ومحبتهم لنا شعباً وحكومة ورسميين ومواطنين كانوا معنا في المقابر كلهم يبكون كأن الذي توفي هو والدهم، وهذا خفف علينا كثيراً وهون علينا من المصيبة والفاجعة فلقد كان الموت مفاجئاً فوالدي لم يكن مريضاً بل سافر لفترة نقاهة وإجازة عادية ولكن هي إرادة الله أن يكون الموت في أرض مصر، الحمد لله نحن رغم الحزن الشديد اليوم أدركنا من خلال هذا الاستفتاء الكبير مدى محبة السودانيين لأصحاب الأقلام وللكُتّاب وكان هذا (الصباح) فيما يبدو أنه هو (الصباح) الذي تمناه والدي أن يموت والشمس حية وأن يلتف حوله الناس كأنما يردون له جمائله حينما يقول لهم «صباح الخير»، ها هم اليوم يقولون له: «صباح الخير» وهو ذاهب إلى الرفيق الأعلى، نسأل الله له الرحمة ويسكنه فسيح جناته، وانتهز هذه الفرصة عبر (الأهرام اليوم) وأشكر كل الذين أتوا للعزاء من المواطنين ومن الرسميين وأشكر الرئيس البشير وأشكر الوزراء والمسؤولين وأشكر المعارضين وكل القوى السياسية، والشكر أولاً وأخيراً لله سبحانه وتعالى والحمد لله رب العالمين. كمال عبد اللطيف وزير التنمية البشرية: هذا فقد وطني للصحافة السودانية ويصعب سد الخانة التي تركها الأستاذ سيد أحمد خليفة. المدير العام لقوات الشرطة الفريق أول هاشم عثمان الحسين: كان من قيادات العمل الصحفي في البلد، وكان مدافعاً وطنياً عن السودان بالقلم والكلمة وحريصاً على كشف الحقائق للمواطن، اسأل الله أن يتقبله ويحسن إليه. محيي الدين تيتاوي نقيب الصحفيين: رحل أحد أعلام الصحافة السودانية العتيقة التي شهدت مراحل التطور منذ الجمع المفرق إلى الجمع الالكتروني للمواد التحريرية. وفقدت البلاد كذلك أحد الكُتّاب الذين ارتبطوا بقضايا الجماهير وصحافة المنوعات ويعتبر المرحوم سيد أحمد خليفة واحد من أعلام الصحافة السودانية الذين عملوا منذ وقت مبكر بالصحافة العربية (صحيفة المدينةالمنورة) بالمملكة العربية السعودية وصحيفة الشرق الأوسط. ويعتبر فقده فقداً عظيماً لكل شرائح الشعب السوداني، نسأل الله له الرحمة والمغفرة ونسأل الله أن يكرم الصحافة السودانية بأقلام رصينة وصحفيين مسؤولين ونتمنى للصحافة السودانية التطور والتقدم. الدكتور هاشم الجاز الأمين العام السابق لمجلس الصحافة: سيد أحمد خليفة فقد للصحافة السودانية وهو رمز من رموزها ونحن قد أعيدت ثقتنا بالصحافة بهذا التقدير الكبير والدليل أن رأس الدولة (عمر البشير) وكل العاملين في أجهزة الدولة والقراء يشهدون مراسم التشييع. وسيد أحمد الخليفة فقد لكل الصحفيين لأنه أب لهم ويمثل رمزية لقوة الصحافة ولتصديها لكثير من القضايا. أسأل الله أن يجعل الجنة مثواه، وهو أحد رواد الصحافة الاستقصائية التي تفتقدها الكثير من الصحف السودانية وهو يتناول القضايا ويتابعها حتى تعتقد أن لديه علاقة شخصية بصاحب القضية التي يكتب عنها ولكنه يتصدى لدوره ولمهمته ووظيفته الصحفية، وهو لديه مدرسة خاصة في الصحافة السودانية باسمه تخرج منها الكثير من الصحفيين وكان له دور كبير جداً في تخريج الكثير من الكوادر الإعلامية. الأستاذ النور أحمد النور رئيس تحرير صحيفة (الصحافة): بوفاة سيد أحمد الخليفة انهارت أحد أعمدة الصحافة السودانية، وقد عُرف عنه اهتمامه بقضايا المواطن وتدشين حملات كبيرة عنها حتى سُمي حي الصحافة باسمه ولديه صحيفة تحمل بصمته الخاصة به، وأسأل الله أن يتقبله قبولاً حسناً، ونأمل أن تستمر صحيفته بذات النهج وأعتقد أن ابنه (عادل) قد تشرب من فكرته وآمل أن تستمر صحيفة «الوطن» في تبني قضايا المواطن. الأستاذ الصادق الرزيقي رئيس تحرير صحيفة (الانتباهة): هذا الفقد الكبير ليس للصحافة السودانية فحسب وإنما فقد (للحقيقة) ولقد كان الأستاذ سيد أحمد الخليفة أحد العلامات المضيئة لها؛ إذ أنه صحفي امتلك كل مقومات هذه المهنة وكان منحازاً (للحقيقة) ويصدع بها دائماً وكان قوياً في قول الحق، التزم خطاً مهنياً واضحاً تعلمت منه أجيال كثيرة ولذلك فإن كل هذه الجموع التي خرجت لوداعه تعرف فضل هذا الرجل وتعرف قيمته وتجربته التاريخية الطويلة، لأنه من عمالقة الصحافة السودانية وجيله وضع الركائز الأساسية للصحافة وأعتقد أن برحيل الأستاذ سيد أحمد خليفة لن تكون الصحافة السودانية كما كانت، لأن شخصية سيد أحمد كانت مميزة وكانت له طريقة فريدة وكانت له علاقات بمختلف الأطياف السياسية والفكرية فضلاً على أنه كان مدرسة صحفية قائمة بذاتها والعزاء الوحيد أن كلماته ستظل شموعاً تضيء للناس وباقية في وجدانهم وعقولهم، فله الرحمة. الأستاذ حسن محمد صالح مدير الإعلام بجامعة الخرطوم: الأستاذ سيد أحمد خليفة فقد للأمة السودانية ولقد خدم عدداً من قطاعات الشعب السوداني من خلال عمله بالسكة حديد وبالصحافة السودانية، ولقد قدم الكثير لها وكان شخصاً لطيفاً، يتعامل مع قضايا المواطن والمساكين بصورة يومية وكان يتألم بآلامهم ويتأثر بما يتأثرون به من فقر ومن حاجة ويقدم لهم مما يستطيع تقديمه وأسأل الله له الرحمة والمغفرة. الأستاذ فتح الرحمن النحاس رئيس تحرير صحيفة (الشاهد): الراحل سيد أحمد خليفة رقم مهم وصعب، نفقده اليوم وقد قاد نبض الحرية الصحفية في فترات عصيبة لم تكن فيها الكلمة تمضي سهلة، وسيد أحمد خليفة من جيل الرواد تعلم على يديه الكثيرون والكوادر الصحفية التي عملت معه وجدت فيه ذلك الصحفي الغيور الذي يحرص على المهنة ويحرص على تطورها ويحرص على علاقته مع الصحفيين ولقد اجتهد كثيراً في أن نصل إلى الجو الصحفي الحر الذي ننشده جميعاً، وهو قد أدى دوره الكبير في ذلك ونحن نفقده ولكن العزاء الوحيد أن ما وضعه من أسس ومبادئ لأخلاقيات المهنة سيظل نبراساً تنير للأجيال القادمة حتى نرسي الإمبراطورية الفعلية الحقيقية للصحافة السودانية. الأستاذ حسن فضل المولى المدير العام لقناة النيل الأزرق: الأستاذ سيد أحمد خليفة فقد للسودان كله لأن كان قريباً من الناس وهو موطأ الأكناف، يترفق بالصغير ويتعامل بصدر رحب مع الكبير، وكان مهموماً بقضايا الناس وأعتقد أنها ستشفع له؛ لأنه كان يتبنى لكل صاحب مظلمة مظلمته كأنها تعنيه ولقد فقدنا علماً من أعلام الصحافة السودانية، نسأل الله أن يجعل البركة في ذريته الذين سينهضون برسالته ويواصلون المسيرة. معتصم محمد الحسن المذيع بقناة الشروق: هذه اللحظات لا يستطيع الإنسان أن يتحدث عنها، سيد أحمد خليفة (أبونا كلنا) نحن الإعلاميين ولديه تاريخ كبير وعريض داخل وخارج السودان، وأفضاله علينا كبيرة وأسأل الله أن يرحمه ويغفر له. د. ياسر محجوب رئيس تحرير صحيفة (الرائد): حضور المشيعين لجثمان الراحل سيد أحمد خليفة يؤكد مكانة الرجل الكبيرة وسط الصحفيين والأوساط الأخرى، وأنت تلاحظ الحزن على هذه الوجوه مما يؤكد معزته داخل قلوبهم، ولا شك أن رجلاً بحجم قامة سيد أحمد خليفة يعمل بالصحافة منذ العام 1963م لما يقارب الخمسين عاماً من الخبرة الصحفية، لا شك أنه قد ترك رصيداً كبيراً جداً من العلاقات بين الناس والعطاء السياسي ولديه مواقف مشهودة مع ثورات التحرير الأفريقي، نسأل الله له الرحمة والمغفرة ونتمنى أن يسلك أبناؤه طريق سيد أحمد خليفة ونحن على ثقة أن عادل سيد أحمد وأشقاءه سيقومون بهذه المهمة. الأستاذ رحاب طه صحيفة (الوفاق): سيد أحمد خليفة من الصحفيين العصاميين الذين بنوا أنفسهم، وتحضرني افتتاحية المجلة في مطلع الثمانينات حينما كتبت «يتحاشى الصحفي العربي دائماً مناطق النزاعات» ولكن سيد أحمد خليفة خالف هذه القاعدة فقد كان موجوداً بالصومال وإرتريا عند اندلاع الثورات، وعزاؤنا في فقده أنه بنى مؤسسة. الأستاذ محمد الفاتح مدير مكتب قناة المستقلة بالسودان: السودان يفقد أحد ركائزه الصحفية، وهو يمثل نوعية فريدة تمتلك الجرأة والشجاعة ويعتبر أباً لجيل من الصحفيين الموجودين اليوم، وهو صحفي متميز يخدم قضيته بالسهر والاجتهاد وهو رجل متواضع وبابه مفتوح لكل الزملاء ويساعد في حلحلة الكثير من مشاكلهم، بالإضافة لذلك فهو صديق للجميع، وهذا العزاء يبرهن على ذلك. فضل الله رابح التلفزيون القومي: سيد أحمد صحفي غير عادي له مساهمات كبيرة وعديدة في المسيرة الصحفية امتد عطاؤه لخارج السودان. الأستاذ حسين خوجلي رئيس تحرير صحيفة (ألوان): مثلما تعلم الناس في مدارس الحياة والمدارس الأكاديمية فإن سيد أحمد خليفة غير كل الصحفيين السودانيين قد تعلم في مدرسة الصحافة بدأ وهو يافع حتى أصبح رئيساً للتحرير وطيلة فترة ممارسته لهذه المهنة الصعبة لم تفارقه قط الأضواء وإحداث الضجيج الحقيقي حول مختلف القضايا منذ قضية حي الصحافة الذي سكنت فيه آلاف الأسر السودانية المحدودة الدخل إلى معارك الحريات والديمقراطية وإعلاء شأن المهنة، ولقي الرجل في سبيل ذلك الكثير من التضحيات من وقته وماله بعد أن مورست ضده كل أنواع الاضطهاد السلطوي ضد الصحفي الحر فقد سجن مرات عديدة في كل الأنظمة وأوقفت صحيفته لأكثر من مرة، ومن ميزة أخونا سيد أحمد خليفة أنه قط لم يشرك بالصحافة شيئاً من التجارة ولم يجرب وزارة وكانت العلاقة بينه وأهل السلطة محسوبة وظل مقروءاً ورغم مرضه كان قادراً على استجلاب المدهشات في الصحافة السودانية، وفي آخر أيامه عندما زهد في الكثير من القضايا أُغرقت في مطبات كثيرة كان مكتبه مفتوحاً للناس الغبش وهي موهبة لا يستطيع عليها أهل الصفوة صبراً، ولكنه كان مفتوح القلب والمكتب واليدين وظلت (الوطن) في أيامها الأخيرة منبراً لأصحاب الحاجات والمواجع والأمراض فكأنه أراد أن يقول لنا بأن الصحافة الحقيقية مرتبطة الناس ومشاكلهم، وهو في آخر أيامه كان صاحب صحيفة الإحسان بالكملة وبالعطاء، قابلته كثيراً في عثرات أثناء مرضه وبعده هو لم يفقد سعادته المخبوءة ولا حبه للسلطة الرابعة بل وهو على فراش المرض بعد عملية (الأردن) تحامل على نفسه وهو مكسور وصورني وأجرى معي حواراً وأمسكني من الساعة الثامنة مساءً إلى الساعة الثانية عشرة ليلاً فهو في كل لحظة يمارس دوره كصحفي، وبموت ورحيل سيد أحمد خليفة انطوت صفحة بدأها ريفي وبشير محمد سعيد وأحمد يوسف هاشم وكل الكبار الذين صنعوا هذه القيم التي تعلمنا منه وأعطتنا ما لو علمه أهل السلطة والسلطان لحاربونا بالسيوف، رحم الله سيد أحمد خليفة أخانا وأرجو أن تبقى صحيفة «الوطن» مثمرة لتوليد الحقيقة، ورغم اختلافي مع سيد أحمد كثيراً في المواقف المبدئية والصحفية إلاّ أنه كان اختلافا على احترام وكله حب ولم نسمع منه كلمة شائنة وكنت حينما ألقاه كأنه الولي الحميم، رحم الله سيد أحمد وأبقى البركة في أبنائه وأهله وخاصة الابن عادل الذي حمل الرسالة وأرجو أن تبقى (الوطن).