{ واحدة من أكثر الفترات مشاهدة ومتابعة في معظم الفضائيات العربية هي الفترة الصباحية وخاصة تلك البرامج التي تحمل عنواناً لها تحايا الصباح على شاكلة صباح الخير أيها العالم أو صباح الخير يا مصر أو قهوة الصباح وما إلى ذلك من الأسماء. { ومعظم إن لم يكن كل هذه البرامج تتفق في أنها تحمل طابعاً خفيفاً ومنوعاً لفقراتها التي غالباً ما تشمل الرياضة وفقرة أخرى عن أي موضوع اجتماعي خفيف إلى جانب الأغاني والأهازيج الجميلة التي تبعث في النفس التفاؤل والإقبال على يوم جديد بنفس مفتوحة. { ولعل فضائياتنا السودانية قد مشت على ذات الدرب وهي تقدم برامج صباحية ربما أنها تحمل اسم الصباح فقط لا لشيء إلا لأن ميقات عرضها هو ميقات صباحي أما ما عدا ذلك فاسمحوا لي أن أقول إنه لم ينجح أحد وهاكم الدلايل والبراهين. { فمثلاً برنامج الصباح على الفضائية السودانية جاف وما بتبلع بسبب المادة الرئيسية التي تُناقش فيه وغالباً ما يكون الموضوع فيها سياسي جاد التناول فيتحول الصباح الجميل إلى حالة من الجمود و«النشاف» الذي لا يطرّيه فاصل من الأغنيات أو حتى ملمح لاسكتش فكاهي يروّح عن الناس الذين كادت الجدية أن تسبب لهم تيبُّساً في عضلات الوجه. { على فكرة.. أكثر ما يضحكني هي فقرة الميناء البري التي يُعلن فيها عن مواعيد السفريات إلى الولايات المختلفة مع العلم أن البرنامج يبدأ التاسعة صباحاً وبعض السفريات التي يُعلن عنها تكون قد غادرت الساعة السابعة صباحاً يعني المنتظر معلومة من برنامج الصباح يكون «غنايه مات وبصه فات». { وبرنامج صباحي آخر هو ما تقدمه هارموني في فترتها الصباحية حيث أنها أي هارموني وإلى حد ما تكسر الرتابة بفضل تحرك الكاميرات خارج الاستديو، وإن كنت أنوه لشيئين: الأول أن ديكور استديو هارموني سيئ للحد البعيد وغير مريح للعين ويجعل الضيف والمذيعة وكأنهما في حالة ضيق وعدم قدرة على التنفس وهو شعور يلازمني كلما شاهدت هارموني صباحاً. { بالمناسبة وكالعادة فإن الحلقة الأضعف في تسلسل برنامج هارموني الصباحي هو مذيعاته اللائي يفقدن الحيوية في الحوار والحيوية في المداخل وحتى الحيوية على الوجه وكأنهن مجبورات على ابتلاع كمية من الدبابيس وليس تقديم برنامج صباحي يفرض عليهن أن يظهرن في كامل ألقهن وحيويتهن. { أما صباحك سكر الذي تقدمه زول فهو من نوع البرامج التي يمكن أن نطلق عليها «الفاضي يعمل قاضي» بدليل الحديث الميت عن الأبراج وعن نظافة دورات المياه وآخرها كان عن لو أنك معزومة إلى حفل ما الذي يشغل بالك؟ { تخيلوا الهيافة التي تصدرها مثل هذه البرامج التي يفترض أنها صباحية تعمل على فتح نفس المشاهد ليعمل بقية يومه بدافع نفسي ومعنوي مرتفع طالما أنه قد وجد ما يحفزه ومن يحفزه لذلك. { ولأن الشروق أيضاً من الفضائيات التي اهتمت بالفترة الصباحية فإنني أظن لو أنها ضمّنت فقراتها بعض الحوارات الحية من داخل الاستديو الرئيسي لمناقشة عدد من القضايا التي تهم الأسرة أو التي تتعلق بالصحة أو حتى فقرة كوميدية عن الطرائف الملتقطة من النت أو فضائيات أخرى لمنحت هذه الإضافة البرنامج الصباحي طعماً ومذاقاً ورائحة. { في كل الأحوال أعتقد أن فضائياتنا مطالبة بأن تعيد النظر في ما تقدمه على الفترة الصباحية لأنها فترة عالية المشاهدة بدرجة نسبية، كما أنها مؤثرة للحد البعيد بسبب أن المشاهد يشاهدها بذهن صافٍ وهو يرتشف كوب الشاي أو فنجان القهوة قبل أن يتجه إلى عمله. { وبالضرورة أن تكرار الفقرات بصورة مملة أو بثها جامدة من غير (تتبيل أو تبليل) ستحول كوب الشاي وفنجان القهوة إلى حنظل القيزان ويكون يومنا بايظ من بدايته!! كلمة عزيزة { حدثني الأخ الشفيع عبد العزيز مدير البرامج في فضائية النيل الأزرق قبل شهور وتحديداً في رمضان الماضي عن شروعهم في الإعداد لبرنامج صباحي منوع. وبصراحة سعدت جداً بهذه الفكرة لسببين: الأول لأنني أعلم إمكانيات الأخ الشفيع الذي هو رجل مبدع وفنان وخلاق بالدرجة الأولى، والسبب الثاني أني كنت أتوقع أن تكون هذه الفترة الصباحية بديلة لبرنامج مساء جديد الذي فقد الكثير من رونقه وأصبح التألق في فقراته بالحظ والبخت، يعني ممكن تكون خمسة أيام في الأسبوع «ضاربة» ولا تستحق المشاهدة ويوم واحد فقط تجد فيه ما يمكن أن يجذبك إلى الجلوس أمام الشاشة. لكن حتى الآن لم تخرج فكرة البرنامج الصباحي للنور وأخشى أن يكون السبب مادي بالدرجة الأولى باعتبار أن مثل هذه الفترة تحتاج إلى ميزانية ضخمة وإن كنت من داخلي أتمنى ألا تكون الفكرة قد ألغيت من أساسها لأننا بالفعل بحاجة إلى برنامج صباحي خفيف وسريع الهضم. كلمة أعز { أعتقد أن أغنية «الصورة» للطيب مدثر قد ظلمته كثيراً؛ إذ أنها وحدها التي تجد الاهتمام والبث عبر أجهزة الإعلام، والطيب رجل فنان له الكثير من الأعمال التي تستحق السمع والتأمل.