بعد الإعتداء الإسرائيلي أواخر مايو الماضي على أسطول الحرية في البحر الأبيض المتوسط ومقتل تسعة أتراك كانوا على متن الباخرة التركية مرمرة، استدعت تركيا سفيرها في القدس ومنعت الطائرات الحربية الإسرائيلية من المرور في أجوائها وثار رئيس الوزراء التركي رجب طيّب أردوغان وهاجم إسرائيل أكثر من مرة. فرح العرب متصورين أن تركيا مقبلة على استعادة دورها العثماني بقيادة العالم الإسلامي مثلما كانت تفعل في القرون السالفة وقلنا إن ذلك لن يتحقق الآن ثم أنه ليس إصلاً في نيات الأتراك الآن ويستوي في ذلك الإسلاميون منهم والعلمانيون. ثم أن تركيا مقيدة بعلمانيتها وبعضويتها في حلف شمال الأطلسي .. ناتو وبرغبتها الجارفة في الإنضمام للاتحاد الأوروبي. وجاء في جريدة (ذي إنترناشونال هيرالد تريبيون) عدد أمس الموافق 24 يوليو أنه باستثناء سحب السفير التركي من إسرائيل ومنع الطائرات الحربية الإسرائيلية من المرور عبر الأجواء التركية، فإن العلاقات بين البلدين ظلت كماهي. فهناك الآن وفد عسكري حكومي تركي يزور إسرائيل ومازالت الصفقات التجارية بين البلدين سارية المفعول وتقدر قيمتها بثلاث مليارات دولار وقال مسؤول إسرائيلي: كل شيء على مايرام ولم يتغير شيء وقال سولي اوزيل أستاذ العلاقات الدولية بجامعة إستنبول: إن مجتمع رجال الأعمال يرغب في استمرار كل العقود التي أُبرمت بين الطرفين التركي والإسرائيلي. إن تدفق الاستثمارات وازدهار التجارة بين البلدين يذكران بعمق العلاقات القائمة بين الطرفين.. واستمرار صفقات السلاح واعتماد تركيا على التقنيات الإسرائيلية العالية دليلان آخران على أنه ليس من السهل كسر هذه الروابط. ومازالت إسرائيل هي ثاني أكبر مصدر للتكنولوجيا العسكرية بالنسبة لتركيا والمصدر الأول هو الولاياتالمتحدةالأمريكية. لكن تركيا ترى أن المصالحة الكاملة مع إسرائيل تستلزم إعتذار إسرائيل على حادث الإعتداء على السفينة التركية مرمرة وتعويض الجرحى والقتلى وأن تمثل إسرائيل أمام لجنة تحقيق دولية. وتقول الجريدة الأمريكية: إن رئيس الوزراء نتنياهو أرسل هذا الأسبوع أحد وزرائه وهو بنيامين بن العازر لإجراء محادثات سرية مع وزير الخارجية التركي. وقال نتنياهو: إنه ليس من مصلحة إسرائيل وتركيا أن تتدهور العلاقات بينهما، وأضاف لكن إسرائيل لن تعتذر فقد كان جنودها يدافعون عن أنفسهم. ووفقاً لما ذكرته الجريدة الأمريكية فإن الواضح هو أن العرب أسرفوا في أحلامهم وأنه إذا ماكان هناك تغيير في الموقف التركي فإنه سوف يكون طفيفاً وليس بالدرجة التي تمناها أو توقعها كثير من العرب.