وجدناهم منهمكين في عملهم الذي يبدأ في الصباح الباكر، ثلاثة شبان أكبرهم في الثامنة عشر من العمر وأصغرهم يحاول جمع الرسوم لمدرسة، خاصة يطمح في الانتقال إليها ليضمن النجاح في الشهادة الثانوية العام القادم لأن مدرسته الحكومية «مكتظة»! أحد الشباب عليه مهمة هي الأصعب في الشراكة المعقودة بينهم حيث يصحو باكراً ويرابط عند مكب النفايات بجامعة السودان قبل وصول عربات نقل القمامة ويجمع كل ما تمكن من جمعه من قوارير المياه الغازية ثم يقوم بوضعها في أكياس بلاستيكية ضخمة ويحضر الباقون لنقلها معاً سيراً على الأقدام إلى موقع التنظيف وإعادة الاستخدام عابرين عدة شوارع وتقاطعات مزدحمة بالمارة والسيارات في الموقع يقوم الاثنان بتنظيف القوارير ويظل الثالث مرابطاً بمكب النفايات بالجامعة القريبة. بعد التنظيف يتم جمع القوارير وإعادة تجميعها في أكياس نظيفة ثم انتظار عربة بوكس تقوم بنقلها إلى المصانع بأم درمان حيث تُباع لمصانع الروائح والعطور خاصة بعد نزع الملصقات منها أحد الشابين وهو «م . ع» قال ل«الأهرام اليوم» بدأنا هذا العمل منذ أكثر من عام كتجربة لأننا لم نجد عملاً غيره ووجدنا أن التجربة ناجحة فاستمر عملنا وظهر منافسون «كمان» ونتعاون فيما بيننا ونقتسم دخل اليوم وإن قلَّ. والقوارير الفارغة يتم بيعها بالجملة فكل «مائة» قارورة تساوي مبلغ 5 جنيهات ويزيد المبلغ كلما زاد استهلاك طلاب جامعة السودان من المياه الغازية والعمل يتم على فترتين صباح ومساء. صديقه «ط.س» قال أدرس بمدرسة حكومية في الصف الثاني الثانوي وأسكن دار السلام أم درمان وأحضر صباح كل يوم منذ الفجر لجمع القوارير من الحدائق بشارع النيل ولا يقل ما أجمعه يومياً عن 500 قارورة أعتبر نفسي محظوظاً عندما أحصل على 30 جنيهاً في اليوم لأنني أسعى لجمع رسوم العام الدراسي القادم وأتمنى أن أنجح في امتحان الشهادة ومواصلة تعليمي, أساعد «ناس» النفايات لأن المواطنين لا يكترثون بالنظافة ومستعدين لالقاء القوارير على النيل نفسه وأمنيتي أن أحضر ذات صباح وأجد قواريري ومصدر عيشي حالياً مجموعة بنظام داخل حاوية نظيفة حتى آخذها إلى السوق وأحصل على المقابل.