وأكدت رئيسة قسم التحاليل بالهيئة العامة للإرصاد الجوي أن توقعات الأسبوع الجاري من شهر يوليو تشير إلى تقدم حزام المطر من ناحيتيْ الشرق والغرب ويبدأ التقدم ناحية الأواسط خلال الأسبوع القادم. مما ينذر بخريف مطير هذا الموسم الأمر الذي يتطلب تكاتف الجهات المسؤولة وبصورة عاجلة لمنع ودرء أي آثار بيئية سلبية يمكن أن تترتب على هطول أمطار غزيرة متوقعة هذا الموسم. ترقب وحذر ترقب وحذر سرى وسط الجهات المسؤولة سبقته تحركات من قبل ولاية الخرطوم بهدف فتح وتأهيل شبكة تصريف المياه بالولاية.. لكن ورغم مجهودات الولاية في هذا الشأن إلا أن جولة ل«الأهرام اليوم» ببعض أحياء الولاية أكدت أن عملية فتح بعض المجاري بالأحياء تمت بصورة عشوائية وشبه بدائية إذ أن المجاري - وهي في مناطق حساسة من ناحية التصريف - فتحت بواسطة الحفر بالأيدي، وتراكم التراب فوق تلك المجاري بصورة تهدد بانسدادها في الحال، خلاف إهمال مسألة مستوى انحدار وتصريف المياه تجاه مجار أخرى رئيسية لتصب في النيل. مما يهدد بحدوث احتباسات لمياه الأمطار في بعض الأحياء وسط العاصمة، الأمر الذي قد ينذر بشلِّ الحركة في حال هطول أمطار قريباً. مما قد ينذر أيضاً بخراب يتمثل في التصريف السيئ لمياه الأمطار وتدمير المنازل وتوالد الحشرات وانتشار الأمراض والأوبئة المختلفة. إن انعدام التخطيط الجيد للمصارف والبنى التحتية وعدم الاهتمام بوضع خطط لإنشاء مصارف ومجار بمواصفات جيدة تسهم في انسياب المياه بصورة طبيعية؛ من شأنه إحداث كوارث عدة، ولاحظت «الأهرام اليوم» أن العام الماضي شهد معاناة واضحة، فقد هدمت المنازل وأغلقت العديد من الشوارع، وتوقف دولاب العمل بسبب تعطل حركة المرور عندما غرق نفق عفراء بسبب الإهمال وعدم توخي الدقة ووضع دراسة لخريطة التصريف بالولاية. كذلك عانت أطراف بالولايات ولجأ سكانها إلى «الخيام» لتفادي التعرض لمخاطر تكرر هذا السيناريو، رغم أن موسم الأمطار السابق شهد معدلات هطول متوسطة أقرب إلى الخفيفة!! السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: هل الاستعدادات والتحوطات التي تمت لهذا الموسم كافية؟ فقد أكد خبراء بالهيئة العامة للإرصاد الجوي ل«الأهرام اليوم» أن هذا الموسم سيشهد ارتفاعاً في معدل هطول الأمطار أكثر من المعدل الطبيعي الذي وضعته الهيئة، وأكدته نماذج الرصد التي وضعتها أجهزة قياس معدل الأمطار وفقاً لدرجة حرارة سطح المحيطات. وأوضح الخبير بالهيئة العامة للإرصاد الجوي الدكتور أحمد عبد الكريم ل«الأهرام اليوم» أن الأمطار في شهر يونيو كانت أقل من التوقعات والمعدلات الطبيعية، إلا أن البداية الحقيقية لموسم الأمطار تبدأ ببداية شهر يوليو وتستمر حتى أواخر سبتمبر وبداية أكتوبر. وقال إن الدراسات التي قامت بها الهيئة أكدت أن موسم الأمطار هذا العام سوف يتشابه إلى حد كبير مع موسم أمطار عام 1964م بسبب تشابه وتماثل درجة حرارة سطح المحيطات للموسم المذكور؛ بدرجة حرارة سطح المحيطات المتوقعة لهذا العام. وقال إن التوقعات تشير إلى أن معدل المطر لهذا الموسم أكثر من المعدلات الطبيعية، لكن توزيعه الجغرافي من حيث المكان والزمان من غير الضروري أن يكون مناسباً، فهناك مواقع ربما تشهد أمطاراً غزيرة جداً وأخرى أقل لتصبح أكثر جفافاً. وحسب ما أوردته رئيسة قسم التحاليل والتقارير بالهيئة العامة للإرصاد الجوي مها عبد الله عبد الرحمن ل«الأهرام اليوم»، فإن التوقعات للأسبوع الحالي من شهر يوليو 2010م تشير إلى تقدم حزام المطر من ناحيتي الشرق والغرب، ومن ناحية الوسط يبدأ التقدم تدريجياً في الأسبوع القادم، عليه من المتوقع أن تقل كمية المطر في تلك المناطق من وسط السودان مثل مدني والدويم وسنار والخرطوم، التي يتوقع فيها احتمال أمطار خفيفة يوم الثلاثاء ومساء الخميس، أما الولاياتالشرقيةوالغربية للسودان فمن المتوقع أن تشهد هطول أمطار طوال الأسبوع بصورة يومية تقريباً، ولكن بكميات قليلة في الشرق، كذلك الأمر في الولايات الجنوبية، لكن سوف تكون كميات الأمطار أكبر وأكثر من الولاياتالشرقية. وقالت إن الولاياتالغربية يتوقع أن تشهد هطول كميات أكبر من الأمطار خصوصاً مدينة الجنينة التي يتوقع أن يصل معدل هطول الأمطار بها إلى 150 ملم، هذا بالمقارنة مع ولاية الخرطوم حيث يبلغ متوسط معدل الأمطار بها لهذا الموسم حدود ال120 ملم . عناوين ومانشيتات خرجت بها غالبية الصحف الصادرة في الخرطوم تحمل في طياتها تصريحات لوالي الخرطوم يعلن فيها استعداد الولاية لموسم الأمطار القادم ويوجه جميع الجهات المسؤولة ممثلة في المحليات بالاهتمام بتجهيز المصارف والمجاري وإزالة الأنقاض والأوساخ في فترة أقصاها 48 ساعة. جولة ل«الأهرام اليوم» ببعض أجزاء العاصمة رصدت بطء في تنفيذ القرار، ولاحظنا أيضاً إهمالاً واضحاً صاحب التنفيذ بسبب تراكم الأنقاض والأوساخ على الطرقات وقرب مجاري التصريف، وأيضاً لاحظنا أن عملية تجهيز المجاري تتم بصورة عشوائية وبدائية، وتأكد خلال جولة «الأهرام اليوم» بمدينة أم درمان حول حي العرضة ومنطقة سوق أم درمان أن الاجتهادات لفتح المجاري هناك دون المطلوب، مع حساسية المنطقة حول السوق العتيق، إذ تم الحفر دون الأخذ بعين الاعتبار انحدارات الطرق، بعيداً عن التخطيط العلمي والهندسي السليم. ومن جانب آخر فقد أعلنت وزارة الصحة الاتحادية في بيان لها الأسبوع الماضي عن إجراءات احترازية لمواجهة آثار الخريف تمثلت في تشكيل لجان للطوارئ على المستويين القومي والولائي، وتدريب فرق للاستجابة السريعة، وإعداد غرف العزل بالمستشفيات. وذكرت أن هذه اللجان ستعمل بالتنسيق مع الوزارات والسلطات المختصة، إلا أن وزارة الصحة الاتحادية عقب إعلانها تلك الخطوات الاحترازية لمواجهة خريف هذا العام أعلنت أن أكثر الولايات عرضة للعديد من الكوارث والوبائيات هذا الموسم هي ولاية الجزيرة وولاية الخرطوم وولايات أخرى. - وزارة الصحة رهنت تقليل آثار الخريف هذا العام بتنفيذ تلك الخطط، وأطلقت عليها خطط الاستعداد المبكر، بشكل تكاملي تشارك فيه كل الجهات المسؤولة. إذن ونحن الآن على أعتاب هذا الموسم، هل تنجح الجهات المسؤولة في تهيئة الأوضاع البيئية والصحية لاستقباله لتفادي ودرء الكوارث التي يمكن حدوثها بقدر المستطاع والاستفادة من التجارب السابقة منعاً لتكرارها حتى لا تتحول كلمة «نعمة» إلى «نقمة».؟!