لاحت بوادر أزمة مكتومة بين الخرطوموواشنطن على خلفية الموقف الأمريكي الداعم للمحكمة الجنائية الدولية. وشنّت الحكومة هجوماً على موقف أمريكا في التعامل مع السودان ودعمها للجنائية، وقالت إنه يفتقر للمصداقية ويفتقد للموقف الخلاقي وطالبت الولاياتالمتحدةالأمريكية بالتفريق بين قضية العدالة والمحكمة الجنائية الدولية وحذرت من استمرار السياسة المزدوجة في التأثير على العلاقات الثنائية بين أمريكا والسودان. وطالبت الخرطومواشنطن بتصحيح الوضع بعد أن دمغتها بالسعي لاستغلال الجنائية ضد السودان. ودمغ مساعد رئيس الجمهورية نائب رئيس المؤتمر الوطني د. نافع علي نافع في تصريحات صحفية، عقب لقائه المبعوث الأمريكي الخاص للسودان اسكوت غرايشن أمس (الأحد)، أمريكا بالتناقض في حديثها بين محاولة تقديمها أعمالاً إيجابية في السودان ودعمها للجنائية وقال إن ذلك يقلل من جدوى ما تقوم به في السودان وأبلغ نافع غرايشن أن الحكومة تعتبر الموقف المعلن والحديث بصراحة من أمريكا عن الجنائية متناقض ومربوك، وأشار الى أن أمريكا استثنت نفسها من المحكمة الجنائية الدولية لحماية «عساكرها» الذين قال إنهم يقتلون الأبرياء في فلسطين وأفغانستان والعراق وتحرم على السودان أن يحفظ الأمن ويقوم بواجب السيادة على أرضه، وزاد أن موقف أمريكا تجاه السودان ليس فيه غرابة ويدل على أخلاق الغربيين عامةً واستجابةً للوبيات تتحكم في أمريكا. وطالب نافع الأسرة الدولية والأمم المتحدة بالعمل مع القوى السياسية بالداخل لضمان قيام التسجيل والتصويت في الاستفتاء بصورة حرة ونزيهة. وحذر نافع من تأثر الاستفتاء من تدخلات قوات الحركة الشعبية وإبعاده عن عن التأثر بأي ضغوط أو إرهاب أو إغراءات كما حدث في الانتخابات على حد قوله وشدد على ضرورة تكثيف العمل لتعبّر نتيجة الاستفتاء حقيقة عن رغبة شعب الجنوب وعلاقتهم مع بقية السودان وأن يؤمّنوا على خيار الوحدة، ونبّه الى أن النتيجة في العملية يمكن أن تأتي لصالح الوحدة حال أدلى كل جنوبي برأيه دون ضغوط أو إرهاب، وجدد التزام الحكومة والوطني بتنفيذ اتفاقية السلام، وأعلن ترحيب السودان بأي جهد لتطبيقها وعدم الانصراف لأي جهد يقوضها. وأعلن نافع عن مناقشة مشروع لحصاد المياه ومحاولة استزراع لأنواع من الأشجار مع المبعوث الأمريكي وعكسه لرغبة واشنطن في محاولة مكافحة التصحر ودعم المشروعات باعتبار أن التصحر السبب الأساسي لقضايا النزاعات في الإقليم، وكشف عن مقترح دفع به أبناء دارفور لمحاولة استثمار أموال المانحين وخزانة الدولة والتعويضات وتوظيفها على ما يعود بالنفع الجماعي بدلاً من عودته على أفراد. وطالب مسؤول ملف دارفور مستشار رئيس الجمهورية د. غازي صلاح الدين المبعوث الأمريكي في لقائه به أن تفرّق أمريكا بين محكمة الجنايات الدولية وقضية العدالة، وحذر من تأثير استمرار السياسة المزدوجة من أمريكا على العلاقة بين الخرطوموواشنطن، وحمّل حركة العدل والمساواة عبء ومسؤولية استمرار القتل والمعاناة والضحايا بسبب الحرب التي تشنها في الإقليم، وقال إن الحركة اختارت المضي في طريق الاعتداء الذي أوصلها الى العمل الإجرامي الذي أقترفته في أم درمان قبل عامين، واعتبر أن التصدي لها عسكرياً من قبل الحكومة عملاً مشروعاً، مشيراً الى أن معركتها معركة موارد لن تكسبها بعد تصحيح السودان لعلاقتة مع تشاد ونشر القوات وأنه لن يتوفر لها تمويل تقود به حرباً طويلة الأمد. وأكد غازي موافقة الحكومة على أية مساهمات من قبل بعثة (يوناميد) أو الدول المساهمة بحسن نية في قضية دارفور، مشيراً الى أنه استمع لحديث مشجع من غرايشن يدعم فيه المشروعات التي يستفيد منها المواطنون في الإقليم، وكشف عن بيان يصدر اليوم يوضح كيفية تعامل المبادرة القطرية مع المفاوضات حتى لا تنتهي لمقايضة ضيقة بين الحكومة والحركات المسلحة وتهمل المؤسسات والمواطنين. وقال غازي للوساطة بالدوحة إن عملية التفاوض رهينة بالانتقال الى المفاوضات الموسعة في الداخل لتلمس ملامح التسوية النهائية وأن الحكومة لا ترى سبباً في امتداد العملية التفاوضية الى ما لا نهاية، وألمح لإمكانية التوصل الى رؤية واضحة من الحكومة بشأن تقرير امبيكي عن المصالحة والعدالة في دارفور اليوم. ووصف المبعوث الأمريكي للسلام في السودان اسكوت غرايشن الوقت الذي يمر به السودان بالحرج وأن المتبقي للاستفتاء فقط (5) أشهر. في الأثناء طالب مستشار رئيس الجمهورية للأمن الفريق أول صلاح عبد الله قوش بضرورة قيام استفتاء حر وشفاف يعبر عن إرادة الجنوبيين، محذراً من قيام استفتاء مشكوك في نزاهته يؤدي إلى صراع ومشاكل بين الشمال والجنوب في المستقبل. وبحث الفريق أول صلاح عبد الله خلال لقائه غرايشن القضايا المتعلقة بتكوين مفوضية الاستفتاء وأسباب تأخير قيامها. وقال المسؤول بمستشارية الأمن القومي البروفيسور بكري عثمان سعيد، في تصريحات عقب اللقاء، إن قوش أطلع غرايشن على ما تتطلبه المرحلة الحالية من تنمية وإعادة إعمار وما يمكن أن تقوم به الإدارة الأمريكية، ووعد غرايشن بمخاطبة الجهات ذات الصلة بالاستفتاء التي لديها الخبرة في المراقبة واليونميس ومركز كارتر للاضلاع بدورها في العملية.