كان المشهد مثيراً للغيظ أمس (الجمعة) عندما بثت القنوات الفضائية صورة للسفير الأمريكي في اليابان «جون روس» وهو يضع إكليلا من الورد في هيروشيما، في الذكرى ال (65) على إلقاء القنبلة النووية على المدينةاليابانية، وكان الجيش الأمريكي ألقى في ذاك اليوم، للمرة الأولى في التاريخ، قنبلة نووية على مدينة «هيروشيما» الصناعية، وقضت الحرارة التي ولدها الانفجار وعصفه على الحياة في شعاع يزيد على كيلومتر واحد، وقتل نحو (140) ألف شخص على الفور أو في السنة التي تلت الانفجار بسبب التعرض للإشعاعات، وفي التاسع من الشهر ذاته في العام 1945 ألقت الولاياتالمتحدة قنبلة نووية ثانية على مدينة «ناغازاكي» أسفرت عن سقوط (70) ألف قتيل، وشكل بداية عصر التسلح النووي، وما هي إلا أيام حتى أعلن الامبراطور «هيروهيتو» استسلام اليابان دون شروط في 15 أغسطس ووافق على وجود احتلال بقيادة أميركية، ويعود الغيظ إلى أن الدولة ذاتها التي ضربت المدينتين اليابانيتين يضع سفيرها بعد ست عقود ونصف أكليل ورد على حطام المدينة التي دمرتها جيوش بلاده وبالقنبلة النووية. ويعتبر اليابانيون وعدد كبير من المؤرخين أن إلقاء القنابل النووية على «هيروشيما ونغازاكي» تجربة جرت على أرض الواقع لأسلحة جديدة للدمار الشامل في إطار تزايد الخلافات بين الولاياتالمتحدة والاتحاد السوفياتي، في حين ما زال معظم الأميركيين يعتبرون قصف هيروشيما وناغازاكي مبرراً ويرون أنه كان شرا لا بد منه لتجنب عملية إنزال دموية في الارخبيل، كما تفيد استطلاعات للرأي. ولم يزر أي رئيس أميركي أياً من المدينتين وهو في منصبه، لكن سكان الارخبيل يأملون في أن يقوم الرئيس الأميركي باراك أوباما بزيارة إلى هيروشيما في نوفمبر المقبل على هامش قمة المنتدى الاقتصادي لآسيا المحيط الهادئ في يوكوهاما. وكانت منظمة رؤساء البلديات من أجل السلام التي تضم حوالى أربعة آلاف رئيس بلدية حول العالم، دعت في اجتماع في هيروشيما الأسبوع الماضي إلى بدء مفاوضات دولية فوراً لإزالة كل الاسلحة النووية بحلول 2020. وشارك في إحياء الذكرى ال (65) فرنسا وبريطانيا، حليفتا الولاياتالمتحدة في الحرب العالمية الثانية والدولتان اللتان تملكان أيضا السلاح الذري، في سابقة هي الأولى من نوعها وتعبر عن دعم البلدين لجهود خفض الترسانات النووية، بينما حضر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون للمرة الأولى الى المدينة الواقعة غرب اليابان للتأكيد على «الضرورة الملحة لعملية نزع للاسحة النووية في العالم». في ذكرى إلقاء القنبلة النووية على «هيروشيما» عادت الدول العظمى لتردد ما كانت تنادى به سائر منظمات المجتمع المدني في مختلف أرجاء العالم وكل الشعوب المحبة للسلم بضرورة العمل من أجل جعل العالم كله خالياً من أسلحة الدمار الشامل، وهكذا بعد أكثر من ستة عقود تكاد وجهات النظر بشأن السلم تتطابق.