اعني بذلك البرنامج الذي تبثه قناة ام بي سي «عرب ايدول»، وايدول تعني في معاجم الإنجليز صنم أو طاغوت او وثن وكلنا يعرف ان الأوثان كانت تُعبد في الجاهلية واشهرها اللات والعزى ويغوث وطاغوت واساف ونائلة ونسرا، القصة في شيوع هذه العبادة الغريبة هو انه عندما ضاقت مكةالمكرمة بأحفاد اسماعيل، وقعت بينهم العداوات والحروب فتفرقوا في البلاد التماسًا للمعاش وكانوا كلما خرجت زمرة منهم احتملت حجرًا من حجارة الحرم تعظيمًا للبيت وحيثما حلوا وضعوه وطافوا حوله تيمنًا، ثم تباعدت المسافات الجغرافية والنفسية بينهم وبين الحرم فعبدوا هذه الأصنام ونسوا دين إبراهيم عليه السلام والذي كان عليه آباؤهم. ابناء وبنات العرب الذين تشاهدونهم على هذه القناة هم أحفاد قبائل عربية بائدة مثل، تغلب، تميم، حاشد، حمير، خزاعة، بني شيبان الخ.. ولو كانوا يعلمون أن أحفادهم سيكونون بهذا الخنى والمجون لأبادوا نسلهم بالبيض الخفاف الصوارم.. يرتاد هذا البرنامج الموهوبون من الجنسين، أما الفتيات فلهن جمال وحسن قوام يجعل مخك يدور داخل جمجمتك بسرعة «الخلاط» فيحدث سخونة في الرأس وتنميل في الأطراف ثم دورانًا يلبط بك الأرض فترقد فاقدًا لما تبقى في نفسك من ثقة وكرامة.. عند بداية المهرجان يصرخ رواد المسرح وتتبادل الألوان البريق اللاهب ثم يظهر لك شاب وفتاة هم مقدما البرنامج وبعد التحية ينْدها المتنافسين من الجنسين، وعند وصول الواحد منهم يُعرّف نفسه فهذا من تونس وتلك من المغرب وآخر من الخليج .. ما ان يمسك المتسابق بالمايك حتى تعصف عليه رياح النغم الشجي من مكان ما خلف الكواليس ويبدأ اوتبدأ المتنافسة بالحداء بين صرخات الإعجاب وتصفيق الطرب ومراهقة الكاميرا التي تلتقط لك وجهًا لفتاة من لبنان لها مقلة لو أنها صوبتها الى الحجر لذاب هيامًا .. عند انتهاء الجميع من وصلاتهم الغنائية يجلسون على أريكة لينة مصنوعة من مشاعر الأطفال في انتظار كلمة منصة التحكيم فهذا يصلح من لياقته وتلك وضعت رجلاً على أخرى نكاية في الجامعة العربية ومنظمات حقوق الإنسان .. في حلقة بتاريخ 4 /2 /2012 بدأت اللجنة في إعلان النتائج فنادوا على سيدة سورية أربعينية في صوتها بحة حزن جارف ونصبوها الأولى فصفق الحضور بعنف حتى مادت الأرض من تحت أقدام بشار الأسد ومال تلفزيوننا شيئًا ما إلى اليمين، ثم نادوا على الثاني وهو شاب أردني وقالوا له، إنك تتكلف الغناء فذهب حزينًا وأخيرًا نادوا فتاة عشرينية بيضاء من بلاد المغرب فجاءت تتهادى وقد انطبق عليها قول أحد الشعراء: ومن فضة بيضاء كفاك صيغتا * ولكن بمحمرّ العقيق تشير وقدك غصن حين هبّت به الصبا * وردفك دعص للرمال وثير وتخطو على انبوبتين كلاهما * من النخل جمّار يجذ قشير طالت وقفة الفتاة والناس في نشر وطي وفجأة صاح مندوب اللجنة: ليس في صوتك أي ملكات تطريب أو إبداع !! هنا ضربني جاري الذي كان يشاهد معي على كتفي بعنف، وقال: عليك الله شوف الحكم العواليق دا!! ثم وقف في عصبية وقذف بحذائه أمامه فتمكن من اليمنى أما اليسرى فقد سحلها بالأرض تذمرًا وصفق الباب خلفه!! أنا أيها المشاهدون الأكارم كما تقول «كونتيسة أسافير السودان»، لا أمانع في أن تُجرى منافسات حول الإبداع في أي مضمار لكن توقيت البث كان مؤسفًا إذ أنه تزامن مع ذبح الأطفال في أدلب وسلخ الثوار في حماة إضافة إلى قصف المدافع في الزبداني وهي ذات فرقعة تذهب بالسمع وتضع كل ذات حمل حملها، فإن تنجُ منها تنجُ من ذي عزيمة وإلا فإني لا أخالك ناجيا _ دا بيت شعر يا شباب.. خاتمة المقال: خطب المنصور في جماعة بالشام فقال: أيها الناس ينبغي أن تحمدوا الله على ما وهبكم فإني منذ وليتكم أبعد الله عنكم الطاعون الذي كان يفتك بكم، فقال أحد السامعين: إن الله أكرم من أن يجمع علينا الطاعون والمنصور في وقت واحد!!