ماذا سيحدث لو أغلقت الحكومة الباب تماماً، ورفضت أي جلوس مع حكومة دولة الجنوب، لمناقشة ملف النفط واعتذرت للوساطة الإفريقية مبررة ذلك بما هو أكبر من ملف النفط، بالحرب التي تشنها دولة جنوب السودان مع عملائها ضد السودان، على المناطق الحدودية كما حدث في ولاية جنوب كردفان واحتضانها حركات دارفور المسلحة؟. ماذا سيحدث لو اتخذت الحكومة إجراءات وتدابير شديدة القسوة وأغلقت الحدود مع الجنوب وأوقفت الرحلات الجوية اليومية، واتخذت تدابير عقابية ضد حكومة الجنوب وأوقفت أي تعاون معها في أي مجال، حتى ترعوي وتعود لجادة الصواب؟ نحن لن نخسر شيئاً، النفط موقوف منذ فترة ولم نتأثر به، ولم تصل الأوضاع الاقتصادية عندنا لمرحلة الغليان، وطاش سهم مؤامرة دولة الجنوب وحلفائها الغربيين والإقليميين بأن وقف تصدير النفط سيعجِّل بسقوط الحكم في الخرطوم وتعود الحركة الشعبية عبر عملائها للسيطرة على السودان بعد زوال النظام الحاكم فيه. منذ يوليو الماضي لم تسدد حكومة الجنوب الفواتير التي عليها وهي قيمة رسوم عبور البترول عبر الأنبوب ومنشآت البترول لدينا وموانئ التصدير، ما الذي خسرناه؟، وقد بدأ اقتصادنا يتعافى بعد امتصاص الآثار الناتجة من انفصال الجنوب وتوقف إنتاج النفط وذهاب عائداته للجنوب ودولته الجديدة. لن نكون الخاسرين أبداً إذا اتخذنا مثل هذا النوع من الإجراءات وتوقفنا من أي حوار عبثي مع دولة الجنوب حول الموارد النفطية، فالجولات السابقة لم تحقق شيئاً يذكر، ولا الجولة المزمع التئامها في السادس من مارس المقبل يمكن أن تتوصل لحل، وغير المنظور الآن أن يتم طي هذا الملف الشائك بسهولة لطبيعة الحوار التفاوضي حول هذه المسألة وعدم توفر رغبة وإرادة جادة من حكومة الجنوب على التعاون والاتفاق، لسيطرة الغرض السياسي وطغيانه على تصور حكومة الجنوب في علاقتها مع السودان، وهي تحلِّق بجناحين من أحقاد دفينة تؤسس لمسعى إسقاط النظام في الخرطوم أولاً، ثم التفكير في مسألة تصدير النفط. وهذه الرؤية الظلامية الخرقاء من حكومة دولة الجنوب، لا صلة لها بالمصالح الحقيقية لمواطن الجنوبي وشعب هذه الدولة الذي يعاني من الفقر والجهل والمرض والخيبة... وقد اندفعت جوبا سادرة في غيِّها لا تلوي على شيء، في معاداتها لنا، وهي تحاول أن تصوِّر لشعبها أن معاناته وشظف عيشه ومشكلاته الأمنية والعسكرية والسياسية ووصول الأوضاع لقاع الفشل والتخبُّط والقهر سببه النظام في الخرطوم ..!!فكل ما تفعله هو محاولة إلصاق فشلها وإخفاقاتها بالخرطوم، دون أن تدري أنها تفقد كل يوم حتى يجتاحها الطوفان العارم. إذا أوقفنا التفاوض وأغلقنا أبوابه وقلنا للوساطة الإفريقية شكراً، نحن لا نريد عبور بترول الجنوب عبر أراضينا ولا نريد رسوماً منهم لا يحزنون!!، وتم إلغاء الجولة القادمة وأقفلنا حدودنا وشددنا الرقابة على الحدود لمنع تهريب الذرة والمواد الغذائية والبنزين والجازولين وغيرها، وإذا توقفت الرحلات الجوية بين الخرطوموجوبا، فمن هو الخاسر؟ بالتأكيد لن نخسر شيئاً، فلا حاجة لنا بالجنوب، نحن لا نستفيد من هذه الدولة منذ قيامها على الإطلاق، فعائدات البترول ذهبت مع قيام الدولة الجنوبية، وحقوقنا في رسوم العبور لم تدفع ولم يتفق عليها منذ يوليو بعد إعلان الانفصال والاحتفال بدولة الجنوبالجديدة، فماذا حدث لنا؟ لم تقم القيامة بالطبع ولم تظهر علامات الساعة الصغرى والكبرى، ولم يظهر المسيح الدجال في الخرطوم، ولم يخرج لنا في شوارع أم درمان وبحري يأجوج ومأجوج.!