إن الرجال والعلماء والأئمة والدعاة والقادة السياسيين الذين قامت بين يديهم جبهة الدستور الإسلامي الجديدة رجال وعلماء يستحي إبليس والشيطان الأكبر أن يشكك في نزاهتهم وإخلاصهم في العمل الإسلامي العام ومواقفهم الثابتة التي لم تتبدل نحو حتمية تطبيق الشريعة الإسلامية وأن يقوم الحكم في بلادنا على الكتاب والسنة مصدراً للتشريع الوحيد لا شيء آخر سواهما. نعم هؤلاء علماء نثق في دينهم وأخلاقهم وعظمة تربيتهم والتزامهم بمنهج الإسلام في الحكم والسياسة والعقيدة والعبادة والولاء والبراء والمعاملة والفكر والثقافة، ولكن شياطين الإنس وصغار المردة منهم، الذين هم أقل كراهية ومكراً بمشروع تطبيق الشريعة الإسلامية من إبليس قاموا يشككون في نزاهة هؤلاء الأخيار وإخلاصهم لتثبيت هذا المطلب الجماهيري لجميع أهل السودان المسلمين المتكلم منهم والصامت.. وهل من مسلم حقيقي يكره حكم الله وحكم الشريعة وسنة الحبيب المصطفى عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم ؟! إلاّ أن يكون شيوعياً ملحداً أو علمانياً خبيثاً قذراً أو منافقاً ظاهراً معلوم النفاق. المتعالم عبد المحمود «أبّو» المتخفي تحت العباءة الدينية بوصفه الأمين العام لهيئة شؤون الأنصار بات هذه الأيام يتزلف إلى الصحف والإعلام لينافس العلماء الأعلام ويصرف أنظار الناس إليه، ولكن المعلوم أن «أبّو» لا علم له ولا فقه لأنه بلا مؤهلات علمية وإجازات شرعية معتبرة عند أهل العلم والنظر تمكنه من الخوض في فيما هو الآن خائض فيه.. وصدق القرآن في تصوير هؤلاء الجهلة حين قال تعالى: (كنا نخوض ونلعب..) وقال أيضاً (كنا نخوض مع الخائضين.. وكنا نكذب بيوم الدين.. حتى أتانا اليقين). إن الناس جميعاً والمهتمين بشؤون السياسة والفكر بصفة خاصة يتفقون حول أن التجمعات الطائفية في السودان قد هلكت وانفض سامرها الذي حرص الزعماء الطائفيون على حشده تحت رايات عميّة كما حرصوا أيضاً أن يكون هذا الحشد ميتاً خاملاً جاهلاً لا بصيرة ولا عقل حتى يوظفوا طاقاته لخدمة مصالحهم الأسرية والعائلية الضيقة على حساب مجتمع هذا الحشد وعلى المصالح الوطنية العامة، ولتثبيت دعائم هذه النظرية الصفوية عمدوا إلى قفل نوافذ العلم والفكر النيّر والوعي أمام هذا الحشد، واستعانوا بأعداء الإسلام ومجرمي الاحتلال الغربي البغيض لتحقيق هذه الأهداف الشيطانية وقد فعلوا. أما اليوم وقد هلكت هذه الطوائف وتلك التجمعات الخاملة بعد أن هلك كثير من حلفاء وأعوان وخُدّام تلك الطوائف ونشأ جيل جديد متحرر بفضل انفتاح تلك النوافذ التي أغلقت أمام أسلافهم وبفضل حركة العلم والوعي والصحوة التي انتظمت حياة الناس.. فرأى الناس شباباً يعتصمون في جنينة السيد علي بالخرطوم يطالبون بالإصلاحات وتجديد دماء القيادة.. ورأى الناس الانشقاقات العميقة في صفوف طائفة الأنصار وحزب الأمة حتى تفرقوا أيدي سبأ وصار لهم أكثر من ليلى يطلبون هواها ووصلها.. ورأى الناس المواجهة بين جيش الفتح الذي عجز اليوم عن فتح دائرة المهدي أمام جميع الأنصار دع عنك فتح جميع السودان، لكن يبقى في ذاكرة الشعب السوداني والتاريخ أن جيش الفتح قدم تجربة رائدة في الوطنية حين اتحد مع قوات الهالك قرنق التي قتلت حفظة القرآن في خلاوى همشكوريب وشردت آخرين ونجست تلك الأرض الطاهرة بتلاوة القرآن. بعد، أقول نجح الصادق المهدي الذي عُدِّلت بعض بنود الدستور بطلب من بريطانيا لينصب على السودان والأهداف معلومة للجميع وقد ظهرت في فكر وتوجه الزعيم الطائفي المصنوع من الخارج، وهو اليوم مثل العقاب الهرم الذي انكسر جناحاه واستقر به المقام على سفح الجبل يشتاق إلى قمة الجبل ولا يبلغها وبغاث الطير تحيط به ولكنها لا تخشاه وكان قبل ذلك يرعبها بأسنان الطائفية. بين هذا الركام خرج عبد المحمود «أبّو» الذي نصّب نفسه الإمام الأعظم النعمان أبو حنيفة يحدث الناس عن مقاصد الإسلام والشريعة وفقه الواقع ومرجعية الدولة الدينية وحقوق غير المسلمين.. أتى «أبوّ» بهذا الفقه وهو صاحب بضاعة مزجاة في هذه الناحية.. وهو رجل لا تتوفر له شروط الاجتهاد والفتوى والنظر والاستدلال والترجيح وهل يفقه من علوم القرآن شيئاً من ناسخ ومنسوخ ومحكم ومتشابه وخاص وعام وأسباب نزول.. وهل.. وهل يدري عن دواعي ورود الحديث وفقه السنة وأصول الفقه وأصول اللغة ومناط تنزيل الخطاب ودلالة الألفاظ فضلاً عن الورع والصدق والإخلاص وسلامة العقيدة ليبقى أهلاً يحدث الناس عن مقاصد الإسلام وفقه الواقع والتفريق بين ظاهر النص ومقصده؟. إن كان عبد المحمود «أبّو» فعلاً عالماً نحريراً كما يزعم ويدعي فليخلع عن نفسه النسخة الثانية من شخصية الصادق المهدي ويقف بين يديه ناصحاً له فيما يتهاون فيه من ضلالات ومخازي.. لأن العالم صاحب الفتوى مستقل برأيه ونظره، ولا تأخذه في الحق لومة لائم أو شائنة شائن.. لكن «أبّو» لم يفعل ذلك.. ولن يفعل لأنه إمّعة الصادق الأول، إذا رأى الصادق بجواز ذبح السمك من باب الاجتهاد لوافقه «أبّو» وأيده. ما قيمة حديث عبد المحمود أبّو عن جبهة الدستور الإسلامي ونقده الحقود لها حين يجد الناس إهرامات شامخة وعلماء أجلاء ودعاة عرفهم الناس داخل السودان وخارجه على رأس هذه الجبهة من أمثال شيخ صادق عبد الله عبد الماجد، والشيخ أبوزيد محمد حمزة والشيخ البروفيسور محمدعثمان صالح والشيخ د. محمد عبد الكريم الشيخ وغيرهم من أعضاء الجبهة الذين وقعوا على هذه الوثيقة ومن قادة الأحزاب والجماعات الإسلامية ومنهم الطيب مصطفى رئيس منبر السلام العادل ود. الحبر يوسف نور الدائم الإخوان المسلمين والشيخ حسن أحمد أبوسبيب المشرف السياسي للحزب الاتحادي الديمقراطي «الأصل» ومنهم د. ناصر السيد رئيس الحزب الاشتراكي الإسلامي ومنهم الشيخ أحمد مالك أحمد رئيس اتحاد قوى المسلمين «أقم» ومنهم الشيخ علاء الدين عبد الله أبو زيد علي الأمين العام لجمعية الإمام مالك الفقهية الذي حين تكلم يوم المؤتمر التأسيسي وقال نحن هنا جميعاً متفقون على هذا الدستور الإسلامي ولكن نخشى من تفسير القانون لأن الدستور تفسره القوانين التفت إليّ الدكتور الحبر يوسف وقال لي هذا رجلٌ عاقل.. ومنهم الشيخ الدكتور مدثر أحمد إسماعيل الذي قال: «نحن نقدم هذا الدستور بطرق مدنية سلمية إلى الحكومة فإن لم تطبق الحكومة الشريعة فسيخلعها هذا الشعب المسلم الذي جاء بها».. ومنهم كثير من العلماء والدعاة والأشياخ.. ومثّل المؤتمر الوطني الدكتور كبشور كوكو الذي اعتذر عن الحديث ولكنه جلس على المنصة وكان كلما تكلم متكلم أشار برأسه إشارة القبول والرضا، وقد رأيته فعل ذلك أكثر من مرة وخاطب المؤتمر عبد الرحمن أبو مدين بالهاتف من النيل الأزرق وقال نبارك هذا الدستور وإن جميع أهل النيل الأزرق سوف يدعمونه وتمنى للمؤتمرين التوفيق .. وممن خاطب المؤتمر مشيداً ومؤيداً الشيخ الداعية حسن عثمان رزق الذي طلب من الرئيس الالتزام بتطبيق الشريعة والايفاء بوعده وإلا على الدولة أن تترك الحكم للشعب المسلم وقال :«لا نريد مداهنة ولا مراوغة».. ومنهم محمد أحمد حاج ماجد الذي تكلم بكلمات مؤثرة أشار فيها إلى خطورة خيانة عهد الشهداء الذين قدموا أنفسهم في سبيل تثبيت دعائم الحكم الإسلامي.. وفي كلمته أمام المؤتمر وهو على المنصة قال الطيب مصطفى إنه من المؤسف أن تظل بعض الجهات حتى بعد انفصال الجنوب على هذه الدغمسة، وقال الرئيس نفسه في خطابه الشهير في القضارف اعترف بهذه الدغمسة وقال إن عدد المسلمين بعد الانفصال صار أكثر من 79 % وحسمت هوية السودان ولا داعي بعد ذلك من عدم تطبيق الشريعة وإنهاء عهد الدغمسة. ما قدمناه من مواقف يدحض افتراء «أبّو» الذي قاله في جريدة الأهرام اليوم بتاريخ الجمعة 2 مارس 2102م صفحة «3» العدد «287» حين قال: «هناك شرائح مهمة في المجتمع لديها تجربة في الحكم مثل الأنصار والختمية وغالبية الطرق الصوفية وهي ليست جزءاً منها». إن أبو لا يزال في ضلاله القديم يتوهم أن طائفتي الأنصار والختمية ممسكتان بزمام المبادرة في السودان وإنما ذاك شيء ساد وثم باد وإلى الأبد ذلك لأن الذي جمع أهل السودان حول هاتين الطائفتين الدين واليوم لا دين.. من من الناس ينكر أن الصادق المهدي اليوم لا صلة له بالدين.. ولاصلة له بميراث المهدية التي جمعت أهل السودان؟! ولو قام المهدي من قبره لزمّ حفيده الذي تنكر لهدي الإسلام. وإني أتحدى «أبّو» أن يأتي بزعيم طريقة صوفية واحدة يرفض تطبيق الشريعة الإسلامية والدستور الإسلامي في السودان حتى لا يقل قوله الفارغ هذا.. قال (إن تسمية الدستور الإسلامي في هذا الوقت غير مناسب) أليس هذا رد لحكم الله ومداهنة ونفاق؟ والله تعالى يقول: (إن الحكم إلا لله) إن «أبّو» يتغوّل على الطرق الصوفية وآخرين بغير علم وانتحال ولا أظن أحد من الصوفية يرفض الدستور الإسلامي إلا «أزرق طيبة» الذي زاره باقان وقال اتفقنا على عمل مشترك. وسقط «أبو» سقطة شنيعة تناسب جهله حين قال للجريدة ذاتها: «إن كلمة دستور وضعية والمسلمون مرجعيتهم القرآن الكريم والسنة»!! أقول لأبو.. هل حين كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم وثيقة المدينة وسماها هكذا أراد أن يقلل من مضمون مرجعية الكتاب والسنة.. وكذلك حين كتب صلحاً سمّاه صلح الحديبية.. يبدو عبد المحمود أبو لا يفهم ما معنى وضعي شرعاً ولغة واصطلاحاً وهل الألفاظ إلا منها ما هو من وضع اللغة أو وضع الشرع أو وضع العرف؟ فماذا يضير لو أننا استخدمنا مصطلحاً ولو كان أجنبياً بعد إخضاعه لمقاييس لغتنا وشرعنا وقد فعل القرآن ذلك في عبارات كثيرة، ولكن أبو لا يعرف ذلك ولا يفهمه.. وتعالوا بنا نجلس ساعة مع عالم زمانه «أبو» ليشرح لنا هل قوله «نحن نريد دولة مدنية ديمقراطية ذات مرجعية تواكب المستجدات وتراعي حقوق غير المسلمين وتتلاءم مع النظام الدولي الحديث» أ. ه.. إذا كان العلماني «أبو» أنكر على العلماء الحقيقيين في جبهة الدستور الإسلامي استعمال كلمة «دستور» هنا نسأله أين توجد كلمة ديمقراطية التي استخدمها في قوله نريد دولة مدنية ديمقراطية.. أين توجد في كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.. إن «أبو» علا وتنطّع وضيّق واسعاً ووضح أنه لا يدرك دلالة مصطلح وضعي وسقط «أبو» بصورة سافرة وأظهر علمانيته حين قال: هناك شريحة كبيرة تنادي بالدولة المدنية ذات العلمانية، فالمطلوب أولاً الاتفاق على طبيعة الدولة ثم يأتي الدستورمعبراً عن مكونات هذا المجتمع».. أ. ه. أي مكونات يتحدث عنها «أبّو» وهو يعلم أن هذه القضية قد حسمت وكل أهل السودان اليوم خيارهم تطبيق أحكام الله والشريعة ليسود العدل والسلام والتنمية. إنها عجائب عبد المحمود أبّو الذي رضي لنفسه أن يكون بوقاً ينفخ في وادي السراب ولا يدري ما هوية أهل السودان!. ولنا عودة.