بعد ترقب وانتظار لأكثر من عشرة أيام أعلن والي الشمالية فتحي خليل التشكيل الجديد للمعتمدين الجدد مضافًا إليهم ممثلي الأحزاب المشاركة في كعكة السلطة وكان والي الشمالية قد أعلن تشكيل حكومته من الوزراء في سبتمبر من العام الماضي، وأرجأ تشكيل المعتمدين لما بعد الفراغ من الموسم الشتوي والذي كان يشرف عليه المعتمدون بالمحليات وجاءت سياسة التشكيل الوزاري في ولايات السودان عامة عقب انفصال الجنوب بهدف ترشيد الصرف الحكومي والاهتمام بالصادرات وتقليل الواردات لتعويض الفاقد من عائدات النفط، ولكن الملاحظ في كافة ولايات السودان التي أعلنت قائمة التشكيل الحكومي يجد أن السياسة العامة في وادٍ والواقع المعيش في وادٍ آخر ولم تجد تلك السياسة موقع قدم إلا داخل دفاتر الاجتماعات والمقررات والدليل على ذلك هو سيطرة الحزب الحاكم على الوزارات المهمة ثم استنساخ وزارات ليس لها تأثير لتكون من نصيب الأحزاب المشاركة وهذا ما أدى إلى عدم مقدرة الحزب الالتزام بما وضعه من خطط ولذلك تجد العديد من الولايات تفشل في الالتزام بوعودات الانتخابات؛ لأنها ترهق ميزانيتها في توفير مخصصات جيوش الدستوريين بالولاية. والولاية الشمالية لم تكن بمناى عن ذلك؛ فالتشكيل السابق عقب الانتخابات الأخيرة كان قد قلص عدد الوزارات إلى سبع وزارات مع وجود سبع محليات، أما التشكيل الحالي فقد وصل عدد الوزارات فيه إلى تسع وزارات بخلاف مناصب المستشارين ومعتمدي الرئاسة في ولاية لا يوجد بها ولا مصنع واحد يدعم برامج التنمية ويستوعب الكم الهائل من الخريجين، وقد جاء التشكيل الجديد الذي أعلنه والي الشمالية بمشاركة حزب الاتحادي الأصل بمنصبين في وزارة الحكم المحلي «عثمان الشايقي» ومعتمد رئاسة «الفاتح أبو شوك» وحزب الأمة الإصلاح والتجديد بمنصب معتمد رئاسة «الأمين عبد القادر» والاتحادي جناح الدقير في منصب مستشار الوالي «سعيد بريس» كما شمل التشكيل أيضًا تعيين مستشارة للوالي لشؤون المرأة والطفل من حزب المؤتمر الوطني «هويدا إبراهيم محمد» بينما تم الإبقاء على معتمدي القولد ودنقلا في التشكيل الجديد.. ويرى مراقبون أن الفترة المقبلة هي فترة حرجة بكل المقاييس نظرًا لأنه بعد أقل من ثلاث سنوات ستكون هنالك انتخابات عامة ولذلك فإن مهمة المعتمدين في هذه الفترة لن تكون سهلة خاصة أن الحزب يعول على المحليات لإنزال سياسات الحزب على أرض الواقع وإبراز خدمات التنمية، علاوة على أهمية وضع علاج ناجع للخلافات الموجودة داخل حزب المؤتمر الوطني بالمحليات؛ فمحلية مروي تنتظر المعتمد الجديد عبد الكريم محمد علي والذي جاء خلفًا للمعتمد السابق محمد عبد الله بندق؛ فالمحلية التي فقدت عائدات كبيرة من الإيرادات بعد إنشاء كبري الصداقة الرابط بين مدينتي «كريمة مروي» بسبب توقف البنطون يشتكي العاملون فيها من قلة ميزانية التسيير وهي المحلية التي شهدت قيام سد مروي، ولكن الناظر لحال التنمية فيها يجد هناك قصورًا واضحًا في جانب الاهتمام بالمشروعات الزراعية والتي هي العمود الفقري لاقتصاد المحلية بينما تعاني محلية الدبة من نفس المشكلة بعد إنشاء كبري «الدبة أرقي» ولذلك فإن مهمة المعتمد الجديد عصام علي عبد الرحمن والذي جاء خلفًا للمعتمد السابق عادل عوض عمر لن تكون سهلة في محلية يسكنها خليط من القبائل المختلفة وتجاور ولايات دارفور من الناحية الجنوبية الغربية، وشهدت عدة حالات نهب مسلح في الفترة الماضية كما أن المحلية بها عدد من المشروعات الزراعية الكبيرة المتعطلة عن العمل، وتعاني كذلك من ضعف الإيرادات وتحتاج لتفعيلها، أما معتمد القولد سيد عوض سيد والذي تم الإبقاء عليه فإن مهمته ستكون هي الأصعب خاصة أن محليته والتي تم إنشاؤها حديثًا في العام «2007م» تعتبر هي المحلية الوحيدة التي لا يوجد فيها طريق أسفلت واحد ولو بطول «2» كيلومتر.. كما أن المحلية لا زالت تقبع في مبانٍ غير تابعة لها في الوقت الذي وضع فيه مساعد رئيس الجمهورية لشؤون الحزب نافع علي نافع حجر الأساس للمحلية في التاسع والعشرين من شهر فبراير للعام «2009م» كما أن المحلية تحتاج لمجهودات جبارة في إنشاء العديد من البنيات التحتية بها، أما معتمد دنقلا الدكتور الفاتح حسين فتنتظره مهام جسام بعد الإبقاء عليه للقضاء على الخلافات الكثيرة الموجودة بالحزب خاصة أن محليته تمثل قلب الولاية وكثرة الخلافات هذه هي التي جاءت بمعتمد البرقيق السابق جعفر عبد المجيد ليكون نائبًا للوالي في شؤون الحزب مع تقلده لرئاسة المجلس الأعلى للشباب والرياضة وهو الموقع الذي يعول عليه الحزب في استقطاب الشباب، أما معتمد البرقيق مبارك محمد شمت فستكون مهمته سهلة بعد الأرضية الصلبة التي وضعها المعتمد السابق عبد المجيد وتمكن من إنشاء مباني المحلية الجديدة كما أنها محلية تجد الرعاية الكاملة من وزير الدفاع عبد الرحيم محمد حسين المنحدر من تلك الأرض، بينما ستكون مهمة معتمد دلقو سراج حاج إدريس والذي جاء خلفًا ليوسف طاهر شاقة وهي المحلية التي تشهد استقبال أوفاج كثيرة من البشر للتنقيب عن الذهب وهذا ما يتطلب جهود جبارة تجاه الوضع الصحي بمواقع التنقيب والأسواق كما أن رئاسة المحلية لا يوجد بها طريق مسفلت مع وجوده في وحدة دلقو ولم تكتمل مباني المحلية بعد وهي ضمن المحليات الجديدة.. أما معتمد حلفا عقيد معاش كمال الدين محمد عبد الله والذي جاء خلفًا للمعتمد السابق أبوبكر محمد عثمان فتنتظره مهام جسام للقضاء على الخلافات الموجودة بالمحلية والتي لازمت المعتمد السابق حتى قبل مغادرته الموقع كما أن المحلية تعتبر هي بوابة السودان من الناحية الشمالية وتجاور الجارة مصر وهذا ما يتطلب اهتمام أكبر في كافة الجوانب.