في الوقت الذي تعاني فيه الأسر المحترمة بولاية جنوب كردفان من سلسلة عدوان الحركة الشعبية وتوابعها المتمردة، يتحدث رجل في قامة الترابي، وما أدراك ما الترابي، يتحدث عن تعيين المرأة وزيرة للدفاع أو تُنتخب رئيسة للحزب.. أي حزب.. والسؤال هو أن الترابي حينما كان وزيراً للخارجية عام 1989م هل كان سيرضيه استبداله بامرأة أخرى عضو بالجبهة الإسلامية القومية؟! هل كان سيرضى أن تنافسه امرأة من أعضاء القيادات بالجبهة الإسلامية القومية أو المؤتمر الوطني أو المؤتمر الشعبي؟. إن الترابي نفسه يضيق ذرعاً بمن ينافسونه من الرجال دعك من أن تنافسه القيادات الإسلاميات مثل سعاد الفاتح وخديجة كرار وحكمات سيد أحمد.. إن الرجل يسهب في تصريحات الاستهلاك السياسي بصورة تعكس حجم غضبه على اخوان الأمس وأعداء اليوم في المؤتمر الوطني.. وأعداء الأمس للترابي أصبحوا الآن هم إخوان اليوم مثل فاروق أبو عيسى وبقية قيادات الحزب الشيوعي. إن الترابي لم يتغير كما يرى بعض الناس، لكنه ظهر على حقيقته بعد أن يئس من العودة إلى أضواء المواقع الدستورية.. إن حقيقة الترابي قديمة جداً ومن عقد الستينيات عرفها أهم وأعرق رجال الحركة الإسلامية مثل البروفيسور جعفر شيخ إدريس وصادق عبد الله عبد الماجد والبروفيسور الحبر يوسف نور الدائم، وقد حذروا منه الناس كثيراً، لكنه راهن على استقطاب الشباب «بثياب الواعظين». وتقدم العمر بهؤلاء الشباب ويصبحون شيوخاً من طراز فريد حيث صاروا رجال دولة بأفق سياسي واسع، وكتبوا مذكرة العشرة الشهيرة. وبدلاً من أن يجني الترابي من خلالهم مساعيه لتحقيق طموحه وهو أن يكون رئيس الجمهورية إلا أنهم أصبحوا وبالاً عليه، فقد استجار الترابي من رمضاء الشيوخ بنار الشباب. هل كان سيفعل معه جعفر شيخ إدريس وصادق عبد الماجد والحبر ما فعله رجال المذكرة؟!. إنها نتائج عدم الصدق السياسي. وعدم الصدق الدعوي.. ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله. البلاد تحتاج الى نصائح من الشيوخ وليس الدعوة لتعيين امرأة وزيرة للدفاع. سلفا كير ينفر من مواطنيه المطلوب من الحكومة السودانية أن توظف منبر التفاوض في أديس أبابا ليكون منبراً لإدانة حكومة جوبا ما دمنا نطالع كل صباح أخباراً مدهشة ونقرأ في صفحة إخبارية واحدة أن البشير يوافق على لقاء قمة مع سلفا كير.. وأن إسرائيل تدعم جوبا بالسلاح لمحاربة الخرطوم وإسقاط النظام.. ونقرأ أن الجنوب يسعى لتمديد بقاء مواطنيه بالشمال وفي ذات الصفحة الإخبارية وتحت هذا الخبر نقرأ أيضاً انتهاكات واسعة للحركة الشعبية بمناطق تلودي وأم دوال ومفلوع بولاية جنوب كردفان. ترى ماذا يعتمد القارئ المواطن السوداني؟!. هل يكذّب بعض الأخبار التي تتحدث عن تعاون إسرائيل ودولة جنوب السودان على إسقاط حكومة الخرطوم التي ترسل وفدها للتفاوض وكأن التفاوض حول إثناء حكومة جوبا عن إسقاط حكومة الخرطوم.. أم يصدّق تصريحات رئيس الآلية الإفريقية ثامبو أمبيكي حول بحث جهود تسوية الأوضاع بين الخرطوموجوبا؟! وسوف يتساءل المواطن: إذا كانت هناك انتهاكات واسعة للحركة الشعبية بمناطق تلودي وأم دوال ومفلوع، فلماذا يقول رئيس حكومة جنوب السودان سلفا كير ميارديت إن حكومته تعمل مع حكومة السودان من أجل تمديد فترة بقاء الجنوبيين الموجودين بالسودان بعد نهاية الفترة المحددة التي تنتهي هذا اليوم الثامن من أبريل عام 2012م؟!. ثم لماذا لا يحرص سلفا كير على عودة مواطني دولته فوراً من حيث الاضطهاد والذل ومواطنة الدرجة الثانية كما كان يقول قبل الانفصال؟! ألا يخشى عليهم من أن يكونوا الآن أجانب من الدرجة الثانية بخلاف الأجانب الآخرين؟! وإذا كان سلفا كير يتحدث عن تمديد فترة بقاء الجنوبيين لكي يعودوا على مهلهم أو يتمتعوا بالحريات الأربع قبل عودتهم، فلماذا كان استعجال تقرير مصير الجنوب ليكون الاستفتاء حوله عام 2007م كما اقترح جون قرنق؟! إن الحركة الشعبية إذن تكذب وتنافق فهي تريد الدولة لها وليس للمواطنين..