البرقيق: محمد أحمد الكباشي ما أروع التفوق والنجاح حينما يأتي بالعزيمة والإصرار وتحدي الصعاب عندها يكون له طعم خاص ونكهة مختلفة.. وكثيرون حققوا احلامهم وتطلعاتهم واصبحوا نوابغ في مجالات مختلفة تحت ظروف بالغة التعقيد ولعلنا هنا بصدد قصة نجاح بهرت كل المهتمين بالعملية التربوية بالولاية الشمالية ونالت إعجاب المواطنين بمحلية البرقيق منطقة ارتقاشة شرق، كانت بطلتها التلميذة رنا عوض حامد حين أحرزت الدرجة الكاملة «280» درجة في امتحانات مرحلة الاساس، ولم يكن الامر مجرد اعلان للنتيجة عبر مؤتمر صحفي انتهت مراسمه بالتهنئة لكل المتفوقين، بل كان حالة خاصة لدى اسرة واساتذة التلميذة «رنا» وكل مجتمع الولاية الشمالية. وفي منزل الاسرة بارتقاشة كانت المصادفة وربما مثلت سانحة سطرت لها الاقدار بوجود «الإنتباهة» بمحلية البرقيق لإجراء هذا اللقاء وسط حضور مدير مرحلة الأساس بالمحلية الأستاذ عبدون حمد عبدون الذي قدم التهنئة للطالبة «رنا» ولأسرتها وللمحلية مبينًا ان هذا النجاح يمثل دفعة قوية للولاية والمحلية التي ما فتئت تتقدم الصفوف بجهد القائمين بأمر التعليم بالولاية والمحلية مضيفًا ان هذا التفوق ادخل ثقافة جديدة من التنافس والقى على الامهات درجة من الاهتمام بمتابعة ابنائهنّ. ولم تستطع الأستاذة مديحة عبد الوهاب محمد مديرة مدرسة الحميراء للاساس بنات بارتقاشة شرق مغالبة دموعها في اصدق تعبير لحصاد طالما احسنت غرسه ورعايته ولم تنس مجهودات سلفها في ادارة هذه المدرسة الاستاذة ستنا، وهي تعدد جملة من الصفات قالت ان الطالبة رنا تميزت بها عن اقرانها وقالت انها تنبأت بتفوقها على مستوى الولاية من خلال ما اظهرته من نبوغ في كل المواد، واشارت الى ان الامتحان التجريبي لم يقف عقبة امام رنا ولم يؤثر في معنوياتها من خلال نتيجة لم تكن مرضية للأساتذة، واضافت الاستاذة مديحة بالقول انه من المفارقات التي لاحظتها ان ترتيب طالباتها في نتيجة امتحانات المرحلة جاء بذات ترتيب امتحانات التجريبي، واذكر انني حضرت الى منزل الطالبة رنا قبل اعلان النتيجة ان تدخل قائمة العشرة الاوائل فأجابت بكل ثقة انها لن تتخطى المركز الثالث مما دفعني والحديث للاستاذة مديحة للذهاب الى دنقلا لحضور المؤتمر الصحفي، ووصفت تفوق رنا بالنبوغ الى جانب النجاح الكبير لبقية طالبات المدرسة حيث احرزت 28 طالبة مجموع 200 درجة فما فوق، وقالت ان الفضل من بعد الله سبحانه وتعالى يرجع للتكاتف وروح التعاون فيما بين معلمي المدرسة والجهود الجبارة لمجلس الآباء التربوي على رأسه كمال السماني وشاكر عبد الرحيم ودعمهم للمدرسة ماديًا ومعنويًا وتذليل كافة الصعاب الى جانب جهود وزارة التربية والتعليم وادارة المرحلة. وان كانت اسرة المدرسة سعيدة بتفوق هذه الطالبة فان وراء هذا الانجاز او قل الإعجاز واحدة من الامهات العظيمات وكان حريًا بشركة زين للاتصالات ان تكرمها كأم مثالية ولو بصورة استثنائية على المجهود الجبار الذي قامت به وهي لا تحمل من الشهادات غير الشهادة السودانية حيث تروي فتحية طه والدة الطالبة رنا قصة هذا النجاح وهي تقول: يعمل زوجي بالمملكة العربية السعودية، وكان قد ارسل لنا بطاقة زيارة الى هناك وآثرنا الاستقرار معه ولأنه لم تكن لدينا اقامة رسمية لم نتمكن من ادخال ابنتنا رنا المدرسة حين كان عمرها ست سنوات، وكان يتحتم عليّ تعليمها وقد بدأت ذلك بالأحرف من خلال منهج الدراسة هناك، وكان والدها يدرسها مادة الحساب في كثير من الأوقات غير انني كنت متفرغة لها تمامًا رغم ان لديّ خلافها اطفالاً صغارًا ومما سهل من مهمتى انها كانت سريعة الاستعياب ولم اجد صعوبة في تعليمعها وفي ختام كل عام اجرى لها امتحانات كما يحدث بالمدارس وكانت تحرز الدرجات الكاملة، وقد استمر هذا الوضع من العام الاول والثاني والثالث والرابع الى ان غادرنا الى السودان ومباشرة الى منطقة ارتقاشة شرق بمحلية البرقيق حيث قمنا بإلحاقها بالصف الخامس مباشرة واحرزت المرتبة الأولى منذ اول امتحان حتى تكلل هذا الجهد باحرازها الدرجة الكاملة وبالتالي الترتيب الاول على مستوى الولاية، وهذه رسالة مني لكل الامهات بأن مشغوليات البيت يجب الا تقف حائلاً دون الاهتمام بتعليم الأبناء ولا يفوتني ان اتقدم بالشكر لكل من وقف وراء هذا التفوق خاصة اسرة مدرسة الحميراء من المدير الى الخفير واتمنى لابنتي رنا مزيدًا من التفوق في مقبل المراحل.. وتقول رنا انها سعيدة بهذا التفوق وتتمنى ان تصبح طبيبة وتعهدت بان تعمل في منطقتها لترد الدين كما قالت لأهلها.