٭ المحاصيل المحورة وراثيًا ما زال يدور حولها جدلاً كبيرًا، لما تحوي من مخاطر وأمراض وآثار سالبة على الإنسان والحيوان والبيئة، وقضية القطن المعالج بالهندسة الوراثية فرضت نفسها من جديد على الساحة بعد إعلان وزارة الزراعة عن استيراد كميات جديدة منه مما أثار مخاوف العديد من خبراء البيئة والزراعة المهتمين بهذه القضية فالمحاصيل المحورة وراثيًا هي عبارة عن عمل هندسة وراثية انتشرت في التسعينيات تعمل على نقل صفات وراثية من كائن حي إلى آخر للاستفادة من ميزة معينة سواء حيوان أو نبات وبما أن السودان من الدول الموقعة على اتفاقية قرطاجنة للسلامة الحيوية للدول العربية بجانب إصداره قانون السلامة الحيوية في العام «2010م» إلا أن المجلس حتى الآن لم يقم بدوره حتى اليوم. ٭ وبحسب خبراء في الاقتصاد والأبحاث الزراعية فإن للتحور مخاطر جمة أهمها المخاطر الصحية واحتمالات الإصابة بالسمية والحساسية سواء من الكائنات الميكروبية الدقيقة أو الحاصلات الزراعية واللحوم والدواجن بالإضافة إلى احتمال اكتساب الميكروبات الممرضة للإنسان، وفيما يتعلق بالبيئة توجد مخاوف من النتائج التي يمكن أن تترتب على نقل الجينات الوراثية من كائن إلى آخر ومدى ثبات هذه الموروثات ومخاطر ذلك عند انتقالها إلى الكائنات غير المستهدفة واحتمال اضمحلال الموروثات واكتساب الآفات. ٭ كافة الجهات ذات الصلة سجلت اعتراضًا بأن لا يقدم السودان على هذه الخطوة لما فيها من مخاطر وآثار مستقبلية إلا أن متابعات «الإنتباهة» أكدت أن بعض الجهات وبشكل غير قانوني زرعت الموسم السابق قطنًا محورًا وراثيًا في مساحات محدودة في ولايتي جنوب كردفان وفي منطقة أقدي بالنيل الأزرق، وبحسب رئيس مجلس القطن بالنهضة الزراعية محمد عثمان السباعي أن وزارة الزراعة والري بصدد استيراد تقاوي قطن محور وراثيًا من الصين لسد النقص في التقاوي.. وأبدى المجلس اعتراضه بشدة على زراعة هذا الصنف من الأقطان دون إجازته من مجلس السلامة الحيوية.. وكان المجلس قد سجل ملاحظاته حول القطن المحور وراثيًا، وكتبها كتوصية لوزير الزارعة والري، وشدد بعدم زراعته في السودان لما لديه من آثار سالبة على الإنسان والحيوان معًا، فيما تقدم اتحاد مزارعي مشروع الرهد بشكوى للمجلس، وأوضح السباعي أن مجلسه وبعد نقاش مستفيض من العلماء والباحثين داخل وخارج المجلس في موضوع زراعة القطن المحور وراثياً توصل إلى أن إجازة أي صنف محور وراثياً يجب أن تتم وفق قانون السلامة الحيوية وأن يجاز الصنف من المجلس القومي للسلامة الحيوية إيفاءً للاتفاقات الدولية، وأن الصنف بعد اكتمال إجازته يراقب لعدة سنوات في مزارع هيئة البحوث الزراعية للتأكد من ملاءمته للبيئة السودانية وعدم حدوث أية مخاطر بيئية أو حيوية تهدد الإنسان أو الحيوان. ٭ وأوضح السباعي أن مجلسه وجّه بأن يتم التعامل مع تقانة نقل الصفات الوراثية مع الأصناف المعتمدة محلياً لارتفاع إنتاجيتها وخصائص المقاومة للأمراض. ٭ وأضاف د. سباعي أن العينة المنتظر زراعتها بمشروع الرهد لم تعرض على المجلس، وقال إن العلماء المختصين أفادوا إن التقاوي التي زرعت في مساحة صغيرة في منطقة الفاو «10» فدان لم تجر عليها اختبارات لمقاومتها للأمراض المحلية في السودان كمرض «الساق الأسود الذبول» مضيفًا أن أمراض القطن ليست فقط الدودة الإفريقية بل هنالك آفات أخرى تتطلب مكافحتها كيميائيًا، وقطع بأنه حتى اللحظة لم تكن هنالك معرفة حول أثر المحاصيل المحورة على طعام الإنسان وغذاء الحيوان لجهة أن القطن ينتج منه الزيوت والأعلاف وقد تنتقل له البكتريا علما بأن الآثار الضارة في بعض الدول ظهرت كمرض الحساسية وأمراض عضوية أخرى، وقال إن دولاً مثل أوروبًا منعت دخول المحاصيل المحورة، وأن الدول الإسلامية والعربية رفضوا دخول التعديل الوراثي، لافتًا أن الدول العربية وحماية المستهلك العربي طالبت بتنوير للجميع بكل الحقائق قبل اتخاذ أي قرار فيما يخص المحاصيل المحورة فيما عرف مدير عام هيئة البحوث الزراعية الأسبق بروفيسور أزهري حمادة القطن المحور وراثياً إنه يسمى «بي تي» «اختصار لاسم البكتريا» التي أُخذ منها المورِّث الجيني وأدخل في نبات القطن بغرض مكافحة الحشرات وخاصة الدودة الإفريقية التي تصيب القطن، وقال إن المورثة الجينية تفرز سمومًا تعمل عمل المبيدات الحشرية، وتصبح ذات مقدرة على قتل بعض الحشرات الضارة ولا تنجو منها الحشرات النافعة، مبينًا أن السمِّيات التي تفرزها المورثات الجينية تتساوى مع المبيدات في أن الحشرات لها القدرة على تطوير نفسها لمقاومة السموم كما حدث في الهند وجنوب إفريقيا والباكستان، وقال في بعض الدول أدى استخدام القطن المحور جينيًا إلى زيادة أعداد أنواع حشرات أخرى كانت تعتبر غير ذات أثر ضار على القطن نتيجة أن سموم المورثات الجينية لا تؤثر على الحشرات وبالتالي زاد عددها وتحولت إلى آفات اقتصادية مثل حشرة الجاسد، ونوّه إلى أن كثيرًا من العلماء خاصة في أوربا ما زالوا متحفظين حول استخدام المحاصيل المحورة وراثياً بدعوى أن الدراسات العلمية حتى الآن غير كافية حول التأثيرات الجانبية وتأثيرها على المدى الطويل جراء استهلاك المحاصيل المحوَّرة وراثياً. ٭ وشدد نائب رئيس اتحاد المزارعين للقطاع المطري غريق كمبال بعدم الاستعجال في إدخال المحاصيل المحورة لما لديها من آثار سالبة على الإنسان والحيوان.. وقطع في حديثه ل ل «الإنتباهة» أن لا ينفتح السودان بصورة غير مدروسة، والتحفظ وعدم الاندفاع لإدخالها، مطالبًا بضرورة خضوع المحاصيل للتجارب.