جيش السودان منذ حوالى قرن من الزمان حتى اليوم يضرب أروع الأمثلة في الجهاد والبطولة والفداء وهذا ما شهد به الأعداء قبل الأصدقاء.. في كرن والعلمين وفي كل مكان كانت فيه حاجة لرجولة وفداء!! ضرب المثل في الكنغو، حين كانت كل قوى الغدر في العالم تتآمر على ذلك البلد، على لوممبا الذي لم تجد أسرته أيدي حنونة تضمهم سوى أيدي رجال الجيش السوداني الذي حمى تلك الأسرة ونقلها إلى الخرطوم لتنعم بالأمن والطمأنينة!! الطفلة جوليانا ذات الأعوام الأربعة لم تكن تدري كيف سيكون مصيرها، ولكن جيش السودان حدد ذلك المصير ورسمه وكانت أولى خطوات ذلك المصير إنقاذها وإتقاذ أمها من المصير الذي كان معداً لهما وكانت أولى بشائر الإنقاذ إحضارها مع والدتها إلى الخرطوم ومن ثم القاهرة!!جوليانا لوممبا عادت بعد أن تعلمت وصقلتها التجارب عادت إلى بلادها وزيرة في حكومة كابيلا وبفضل ذلك العمل الإنساني الذي قام به أشاوس جيش السودان تعلمت جوليانا اللغة العربية بطلاقة يحسدها عليها علماء مجمع اللغة العربية.. دروس في الإنسانية ضربها ويضربها جيش السودان العظيم، وحدث ولا حرج إن كان حديثك عن الشجاعة في الحق، حينها لابد أن نذكر موقف الصنديد المرحوم جعفر نميري إبان أزمة أيلول الأسود، حين تقاعس الجميع فقال نميري قائد أعلى جيش السودان أنا لها، ولو كان مكان نميري أصغر جندي في جيش السودان لما قال غير ذلك، فكلهم أشبال يقودهم أسد!! ويبقى ذلك الصرح العتيد يتوارث البطولة والشهامة منذ أن كان قوة دفاع السودان في العام التاسع عشر من القرن الماضي وإلى اليوم، فما الذي حدث؟!! الرجال ذات الرجال، فالأسود لا تلد ثعالب بل أشبالاً، هكذا تكون طبيعة الأشياء!! ما الذي تغير هل تغير الجيش؟! حاشا لله، ما تغير الجيش وما كان له أن يتغير، فالأسد يظل دائماً أسداً، ولكن الذي تغير هو القيادة، أسياسية كانت أم عسكرية!! .. لستُ في حاجة لأذكر بحادثة الخليفي وحادثة الجرافة، وحوادث التفجير التي كانت معدة لمحطات الكهرباء والكباري في الخرطوم، وحادثة الانفجارات التي روعت الخرطوم الآمنة من قلب القيادة العامة، وانهيار مبنى ساهرون، وغزو خليل ابراهيم لام درمان وأخيراً وليس آخراً مأساة العدوان على هجليج، ماذا تنتظر رئاسة الجمهورية وماذا ينتظر المجلس الوطني، وإلام يرنو المؤتمر الوطني هل كل الذين ذكرت راضون عن الذي يجري؟ لماذا يضيع السودان وأنتم تنظرون؟!! معاناة الجيش تعني معاناة كل الشعب السوداني، فالجيش منه وإليه، فالجيش ما هو إلا فلذة كبد هذا الشعب.. والجيش نذر نفسه لحماية أهله في السودان وذلك بحماية حدوده ومشروعاته الإستراتيجية وهذه مهمة أجاد القيام بها منذ قوة دفاع السودان ولا يزال ولن يتقاعس عنها مستقبلاً، فذلك هم يجري في عروقه مجرى الدم، ذلك الدم الطاهر حين يغلي يشوي وجوه المعتدين أياً كانوا!! منذ بداية التمرد في خمسينيات القرن الماضي لم يتجرأ التمرد على الاقتراب من مدن الجنوب وليست في حاجة لأسوق أمثله، أما اليوم فقد بلغت بهم الجرأة ان يهاجموا مدن الشمال فقد كانت الخطة هجليج بليله، تلودي كادقلي ثم الأبيض ليتم الزحف من هناك على الخرطوم..!! السلاح وحده لا يحارب، وجيشنا كامل العتاد ولله الحمد، لكن العيب في القيادة التي تدير ذلك السلاح، الفاروق عمر عليه رضوان الله سمع عن سيف الفارس عمرو بن معدي كرب الذي بضربة واحد يقطع جذع شجرة والسيف اسمه الصمصام فأخذه الفاروق بيده وضرب شجرة ولكنه لم يقطعها فسأل عمرو أهذا هو الصمام، فأجاب عمرو نعم هو ولكن اليد التي تضرب ليست هي!! الأمر في غاية الخطورة والنظام سيفقد القدرة على الاستمرارية وهذا يعني الفوضى، فأي نظام آخر مهما كانت مقدرته السياسية لن يستطيع ضبط الانفلات القادم، ومضى زمن لحس الكوع والزارعنا اليجي يقلعنا فالأمر أكبر من ذلك بكثير، وتوقف ضخ البترول يعني انهياراً اقتصادياً سوف يحل بالبلاد الأمر الذي يعقبه الانفلات الأمني..!! يجب أن تذهب رؤس وتأتي أخرى لتبني ما تهدم وخير من يقوم بذلك هو ذات النظام، ولو قامت بالأمر جهات أخرى فستكون بداية النهاية، يجب على النظام أن يطبعّ مع شعبه ويغسل ثوبه الذي طغى عليه الدنس بعد أن كان أبيض أول الأمر، فالشعب يتجاوب مع الحاكم اذا صدق معه بغض النظر عن البؤس الذي يعيش فيه، وإلا لما صبر طوال هذه السنين، خطوة صدق واحدة تجعل هذا الشعب يقدم المستحيل ويعيد كرامته التي انتُهكت فهل لنا بهذه الخطوة التي هي بمثابة إنقاذ من الإنقاذ؟!!