رائحة الموت التي تنبعث من الأجساد المتعفنة لقتلى الجيش الشعبي على قارعة الطريق هي ما يميز المكان، وتكبيرات المقاتلين من جنودنا البواسل تسندهم كتائب المجاهدين تنبئك أن العدو شوكته قد انكسرت وفرّ هاربًا من أرض المعركة وترك خلفه «علامات» فارغة واستفهامات تعرفها من الأدلة الدامغة على خذلانه والتي وُجدت على أرض المعركة. رواية واحدة!! ليس هناك روايتان في «هجليج الصمود» للطريقة التي تم بها «تخريب» المنشآت النفطية، ولكنها رواية واحدة وقصة حقيقية تستحق الإدانة الكاملة وغير المنقوصة لدولة الجنوب على فعلتها دون تردد، فحينما ترى بأم عينيك وتلامس بجسدك حجم الدمار الذي خلفه العدو الهارب، تقول في نفسك إن الأمر جلل وخطير، ويقطع حبل تفكيرك أحد الفنيين في حقل هجليج أن الأمر لم يتم خبط العشواء، حيث كشف خبراء وفنيون للصحفيين خلال زيارة لهجليج نظمتها وزيرة الدولة بالإعلام سناء حمد أمس، عن مخطط واضح وجاهز لدمير المعدات والأجهزة الفنية المهمة بعد تجميعها «في مكان واحد» بواسطة خبراء وحرقها بالكامل. حالة استنفار!! وعندما تتلفت بعينك وقلبك في المكان لتفحصه جيدًا لن يساورك الشك في ذلك، حيث الحريق في كل مكان، تدفق النفط وجريانه في الأرض اليباب التي رُويت بدم الشهداء في معركة النصر والتحدي، الأمر الذي دفع الكثير من هؤلاء المختصين بتشغيل الحقل للقول بأن «الجيش الشعبي لن يستطيع فعل ذلك إن لم يكن من بينهم خبراء وفنيُّون»، ولكن الخطى التي تسير على عكس ما تشتهيه سفن الحركة الشعبية في دولة الجنوب، استدعت حالة استنفار داخل الحقل الواسع لعدد من الشركات والعمال والمهندسين وبدأوا جميعهم في حركة دؤوبة لإصلاح الحال وإرجاع الخط لدخوله في دائرة الإنتاج، إلا أن مدير الحقول إبراهيم جميل بالرغم من محاولته بث الطمأنينة في النفوس لم يقطع موعدًا لعودة «النفط» إلى مجراه، بعدها انتقلت كاميرات الصحفيين لتحيي العاملين بمحطة الضخ الأولي، وهم من فرقة الطوارئ التي أكد أحد مهندسيها أن الأتيام الرئيسة انخرطت لإصلاح الأنابيب، وأشار إلى وجود خطة متكاملة لهذا العمل. تحذيرات مستمرة.!! وفي ظل الدهشة التي تملكت أنظار الجميع بدأ السائل الأسود ينساب حزينًا على التراب من أعلى قمة مستودعات التخزين لا تستقبله أفواه الأنابيب هذه المرة، وعندما سألنا عن السبب، أجابنا، جميل، بأن المخزن يتكون من مستودعين لحفظ النفط في حالة الطوارئ، والآن نحاول إصلاح الثقوب التي حدثت بفعل الاعتداء عليهما، ولكن بحسب ما يتردد هنا وهناك فإن عملية الإصلاح تحتاج إلى معدات تم تدميرها بالكامل في المستودع المركزي للحقل، الذي دخلناه وسط تحذيرات مستمرة من قبل المسؤولين، ولم نجد فيه شيئًا لنراه، غير الأشكال المعدنية والبلاستكية المتفحمة التي لا تكاد تبين، وخرجنا وفي القلب حسرة زادتها قصة الوحدة الصحية التي كانت أخف قدرًا رغم الحريق الذي طالها.. إجمالاً لم يترك المعتدون مكانًا للاعتداء على كل المناطق الحيوية في هجليج، إلا وقد نفذوا من خلاله و دمروه. الوزيرة وحديث الجهاد!! قصة الهجوم على هجليج التي انتهت فصولها التراجيدية بخروج الأعداء هربًا أمام جحافل الجيش الباسل، يبدو أنها لم تنتهِ بعد عقب الإشارت التي تركتها وزيرة الدولة للإعلام سناء حمد التي رافقت الصحفيين في كل الجولات بروح وحماسة تحسد عليها، لعدد من المواقع العسكرية والنفطية، وارتفعت بسببها التكبيرات والتهليلات، حيث أعلنت من على منصة هجليج هذه المرة، أن العدو شوكته قد انكسرت، وقالت في لقاء جمعها بوزير الدولة بالسدود أمير كتيبة المجاهدين بهجليج، الصادق محمد علي، ليس حرامًا على السودان أن يحفظ أمنه القومي مقارنة بما تفعله دول الغرب في هذا الاتجاه، وأشارت إلى دخول الولاياتالمتحدة للعراق في سبيل الحفاظ على أمنها القومي، وأضافت خلال مخاطبتها للمجاهدين أن ما فعلته الحركة الشعبية يستحق الرد، و«ارموا قدام ظهركم مؤمّن»، وان العدو شوكته انكسرت، من ناحيته كشف قائد متحرك هجليج اللواء كمال عبد المعروف، عن خوضهم ل «5» معارك ضارية مع الأعداء لاسترداد هجليج واستخدامهم لأساليب جديدة في القتال للدفاع عن حدود السودان مع دولة الجنوب، وأضاف «كنا على يقين راسخ أن إرادة الله فوق الجميع».